(يا صوتك الناحل في ضجة ظنوني أنت الزهر ذابل في قلبي وعيوني صدقني ما يفيد العتاب وصدقني ما يكفي الندم تبغاني أحبك للعذاب ولا أحبك للألم أنا حتى ما أدري إش تقول عالي السكوت ما أسمعك). في حضرة محمد عبده يكون الغناء طربا وفتنة. هو يغني وينثر عشق الكلمات في مخيلة العشاق ويمضي، ويمضون هم في دروب الوله ضائعين، فأي محب لم تفتته عذوبة ذلك الصوت كمدا وتباريح. محمد عبده قاد كل العشاق إلى محرقة اللوعة، وتركهم يصطلون بلظى لهيب بعد حارق وأقفل راجعا، يبحث عن قلب يتظلل بغيثه حتى إذا همى كانت قطراته أغاني للألم. وفي كل مرة يتقلد قلادة وجداننا ويؤوب باثا تباريح رانت على صدور وقر بها عشق قديم فضاعت معه. في حفلة محمد عبده لم تكن حاضرة إلا تناهيد الباحثين عن روح قدمت قربانا في غياهب دجى لا يبين تخثر دم عاشق سفك عشقه من الوريد إلى الوريد. آآآه يا محمد: لم تستلهم ذوبان الهوى، فأفنيت قلبا طال سكوته، وهجست بأنينه حتى أنا (ما أدري إش تقول عالي السكوت ما أسمعك).