(شموس الأدلة في بيان سمت القبلة)، عنوان كتاب موضوع قبل أكثر من مائة عام، وضعه عام 1319ه صفوت الخربوطلي، حجم الكتاب صغير لا يتجاوز 90 صفحة من القطع الصغير، لكنه يحتوي مضمونا طريفا عن أساليب قياس وتحديد موقع مكة وجهة القبلة. هدف الكتاب كما يشير العنوان معرفة كيفية تحديد موقع القبلة، وطريقة قياس ذلك سواء وجدت الآلة المعينة أو لم توجد. والكتاب على صغره مكون من جزءين أحدهما يبحث في الجوانب المعرفية النظرية المتعلقة بالقبلة مثل تعريف كلمة القبلة، التي يعرفها بأنها تعني كل ما يقابل الشيء، وأن لها معاني أخرى تختلف بحسب اختلاف فئات الناس، فمثلا القبلة في اصطلاح المؤرخين تعني ما يقابل الكعبة من أي الجهات، وفي اصطلاح الفقهاء تعني استقبال الكعبة وسميت قبلة لأن المصلي يقابلها. كما أن القبلة ليس لها شكل واحد عند الخلق، وإنما هي تختلف باختلاف فصائلهم، فالبشر قبلتهم الكعبة، وأهل السماء قبلتهم البيت المعمور، وحملة العرش قبلتهم العرش، والمطلوب لكلٍ هو وجه الله تعالى الكريم. أما لماذا خصت هذه البقعة من الأرض بالاستقبال عند الصلاة، فإن المؤلف يعلل ذلك بكونها محل النطق من السماء والأرض، إشارة إلى قول البيت المعمور والكعبة: أتينا طائعين، وأن الكعبة اكتسبت اسمها من شكلها المكعب، ومكة اشتق اسمها من (المك) بمعنى الإخراج أو الذهاب لإذهابها الذنوب من الناس، أو من الجذب لجذبها الناس إليها أو جذبها ماء المطر من أوديتها. والخربوطلي عند طرحه تلك التعريفات، يتحدث بمنطق الواثق من صحة ما يقول، لذا لا تتعب نفسك في محاولة العثور بين ثنيات التعريفات على بعض من ألفاظ التشكك أو الاحتمال أو الظن، ومن الأفضل لك أن تمضي مستسلما متلقيا تعريفاته بصدر رحب لا يفكر في المجادلة. الجزء الثاني من الكتاب يضم تفصيلا دقيقا لأساليب حساب تحديد موقع القبلة ورسوما توضيحية لخطوط الطول والعرض وموقع المدن بالنسبة لها، مما نراه هذه الأيام متوفرا لنا بيسر في بوصلة القبلة معروضا على شاشات الجوالات.