صدقت الحكمة القائلة «ما ترفض الضحك عليه هو ما يعبر عن أخلاقك الحقيقية» لأول مرة تفعل المليارديرة الأمريكية صاحبة الفضائح ووريثة سلسلة فنادق هيلتون العالمية «باريس هيلتون» شيئا صائبا باعتزامها رفع قضية ضد برنامج مقالب عربي سخيف يوهم ضيوفه أنهم على وشك الموت ليضحك الناس على معاناتهم ورعبهم وخوفهم ودموعهم وفجيعتهم وعذابهم وانهيارهم، وقام باستضافتها في إحدى حلقاته، وهذه من أوجه السادية المرضية المنحرفة، فالسادية تعني أن تستمتع برؤية معاناة الآخرين، بينما العاطفة الطبيعية غير المنحرفة تجعلك تتعاطف معهم وتشعر بالاستياء لأجل معاناتهم وبالتأكيد تجعلك تشعر بالاشمئزاز والنفور ممن يعتبر أن معاناتهم هي مادة للضحك والمتعة، ولهذا إن كنت تجد متعة في مثل هذه البرامج فاعلم أن فيك نزعة من السادية حاول معالجتها بأن تتوقف عن تغذيتها وتقويتها بمشاهدة أمثال هذه البرامج السادية التي تجعل من الألم والمعاناة مادة للتمتع والتسلية والضحك، مما يكرس بلادة الحساسية بالآخرين وعدم التعاطف الحساس مع معاناتهم، والعرب حاليا لديهم مشكلة فادحة وفاحشة وصادمة لكل العالم في درجة تبلد حساسيتهم بالآخرين مما أورثهم ما نراه من تفنن سادي في وسائل القتل الوحشي واستمراء له كمادة دعائية مثيرة للحماسة والتعليق عليها عادة يكون بعبارة مثل «متع ناظريك» ويكفي أن تكتب هاتين الكلمتين البائستين في بحث صور تويتر وسترى النتيجة أبشع صور للمثلة والتنكيل بالأحياء والأموات قام بها عرب وعلق عليها عرب استمرؤوا السادية ب «متع ناظريك» وهناك تعليقات أسوأ سادية منها يصعب نقلها! ولا يوجد شيء ليس له أثر على العقلية والنفسية والميول الفردية والجماعية حتى البرامج السخيفة تؤثر على صياغة الميول الفردية والجماعية، وبالمثل فالبرامج الراقية يمكنها أن ترقى بالذائقة الجماعية وتجعلها تشمئز وتنفر من الممارسات الهمجية والوحشية بدل أن تتحمس لها وتتمتع بها سواء أكانت تمثيلا أو واقعا حقيقيا، ولهذا رفضك لمشاهدة مثل هذه البرامج السخيفة السلبية التي تدل على انحراف سادي يشير لرقي تكوينك الاخلاقي ومنظومتك القيمية، كما كل ما ترفض الضحك عليه لأنه يتضمن سخرية واستهزاء جارحا بالآخرين ولو كان استهزاء للممثل بنفسه مثل الممثل الذي يجعل من بدانته أو قبحه مادة للتهريج المبتذل الذي يجرح شعور من لهم مثل حاله، وبالمثل أن ترفض الضحك على ما له مضمون عنصري أيا كان نوع العنصرية سواء أكانت قبلية أو عرقية ولونية وغيرها، بالإضافة للنكات الفاحشة والبذيئة وتلك التي تتضمن قذفا للأعراض، وبالطبع الاستهزاء بالمقدسات..