هذه الكلمة خفيفة الدم ترمز إلى «الثانية». وكلمة ثانية مصدرها الرمز إلى الوحدة الزمنية الثانية في تجزئة الساعة وللعلم فالدقيقة هي الوحدة الأولى في تجزئة الزمن. أي أنها الناتج عند تقسيم الوحدة الزمنية إلى مكوناتها. وسر تقسيم هاتين الوحدتين الزمنيتين على ستين يكمن في روائع الرقم 60 فهو يقبل القسمة على 1 و2 و3 و4 و5 و6 و10 و12 و15 و20 و30 و60 ولن تجد أي رقم آخر يقبل هذه التجزئة. وعليه فلو قمنا بتجزئة الوحدات الزمنية فسنتأكد دائما من تفوق الستين أكثر من أي رقم آخر.. جربها بنفسك وقارنها برقم 100 مثلا أو أي من الأرقام الأخرى. الشاهد أن الثانية كانت بكل بساطة هي جزء من اليوم.. أي جزء من لفة الأرض حول نفسها مرة واحدة.. وتم تقديرها بجزء واحد من ستة وثمانين ألف وأربعمائة جزء من اليوم.. منتهى البساطة والمنطق. يعني في اليوم الواحد يوجد 86400 ثانية.. معلومة منطقية ورائعة جدا.. ولكنها غير دقيقة. وبصراحة إن كنت ممن يعشقون الدقة في القياس فستفاجأ أن الثانية لم تكن مناسبة للقياس الدقيق ولذا فهناك «تظبيطات» زمنية بين كل حين وآخر لتقويم هذا الوضع. وتحديدا يتم إضافة ثانية «كبيسة» بين كل حين وآخر للأخذ في الاعتبار أن دوران الأرض حول نفسها يتغير مع الزمن. وأحد الأدلة القاطعة على ذلك هي أن آخر يوم في هذا الشهر الميلادي ستتم إضافة ثانية على ساعات العالم. هكذا وبكل الجرأة.. ستضاف ثانية لتصبح آخر دقيقة في هذا الشهر مكونة من 61 ثانية.. وترى يا جماعة هذه الحركة تتكرر كل ثلاث سنوات.. واسمها "الثانية الكبيسة". وأسبابها متعددة وفي مقدمتها التغيرات في كوكبنا من حركة المد والجزر، و «الروحة والجاية» للبحار، والأجسام المائعة في كوكبنا. ولمن يطلب الدقة المتناهية سيجدها في الساعات الذرية التي لا تحتاج للتقويم لأن مستوى دقتها عال جدا بمشيئة الله. وتعريف الدقة هنا يعني تأخير أو تقديم ثانية واحدة كل ثلاثين مليون سنة.. فقط لا غير. وتعمل هذه الساعات برصد الرنين الناتج عن تردد إلكترونات عنصر «السيزيوم» ومعنى الاسم باللاتينية «الأزرق السماوي»، وهو من العناصر التي «لا تطيق حالها» وتود التفاعل مع كل ما حولها.. مثل بعض البشر الذين يودون الصراع مع كل من حولهم. الشاهد أن تعريف الثانية ضمن إطار الساعات الذرية لا علاقة له بطول اليوم وإنما بالمستويات الإشعاعية عند تحرك الإلكترونات بنشاط من هذه المادة. وقد تم تعريف الثانية رسميا عام 1967 بأنها الفترة اللازمة لحوالى تسعة بلايين ذبذبة من الإشعاع لمادة السيزيوم. وإن كنت من المولعين بالدقة فعدد الذبذبات الفعلي هو 9192631770 ذبذبة من إشعاع ذرات عنصر «السيزيوم» المشع. أمنية فضلا تذكر قبل خلودك للنوم في آخر يوم وآخر ساعة وآخر دقيقة في هذا الشهر الميلادي أن بعض العلماء سيضيفون ثانية واحدة ليومنا، وهذه الحركة لتعديل منظومة الدقة المطلوبة، ولذا فهي مقبولة. ولكن غير المقبول أن تسلب من ملايين الشعوب العربية في الشقيقتين سوريا واليمن بلايين الثواني من الحياة الكريمة بسبب قيادات غير موفقة، وأنظمة تعيش في أوهام من القرون الماضية.. أتمنى أن ندرك أن كل ثانية محسوبة علينا جميعا. وفضلا جرب التالي لتقدير فترة مرور الثانية الواحدة: قل «الحمد لله» كأنك تقرأ الفاتحة، وستجد أنها تستغرق ثانية واحدة وكأنها ساعة بداخلنا.. وفي ذكر الله دائما الخير والحكمة.