أكد ل«عكاظ» عدد من المختصين والأكاديميين أن من أبرز الملفات الحاضرة أمام وزير الصحة أحمد الخطيب، تأخر تطبيق «التأمين الصحي» على المواطنين، مشيرين إلى أن تطبيق التأمين الصحي سيوفر 38 مليار ريال وفق وجهات نظر اقتصادية ، وسيمكن المواطن من الحصول على خدمات صحية عالية المستوى من القطاع الصحي الخاص. وبينوا أن التأمين الصحي المطبق حاليا لبعض الفئات هو عبارة عن برنامج يغطي تكاليف علاج الأمراض التي تصيب أفراد المجتمع، بموجب وثيقة تأمين رسمية تسمح بتقديم رعاية صحية متقدمة لهم في مختلف المستشفيات الخاصة مقابل اشتراك مالي سنوي عن كل شخص. وأرجعوا تأخير إقرار التأمين الصحي على السعوديين لجملة أسباب من أبرزها نقص البنية الأساسية للخدمات الصحية. صياغة المشروع يقول وكيل وزارة الصحة الأسبق الدكتور عثمان الربيعة «بدأ تطبيق التأمين على العاملين بأجر في القطاع الخاص وفق نظام الضمان الصحي التعاوني مع أسرهم - سعوديين ووافدين - منذ عام 1426ه، وهناك تأمين اختياري (خاص)، تأخر تعميم تطبيقه على كافة المواطنين؛ لأن الدراسة التي أجريت بشأنه انتهت إلى توصيات عامة وأعيدت إلى المجلس الصحي السعودي ومجلس الضمان الصحي لصياغة مشروع للتأمين الصحي على المواطنين، وهذا يعنى أن هناك اقتناعا بدأ يتبلور في ضرورة اتخاذ خطوات جادة نحو التأمين، ويأتي عدم اتفاق أصحاب الشأن على الحاجة لتعميم التأمين في ظل وجود خدمات صحية حكومية تقدم للجميع بلا مقابل. وأكد البروفيسور حسن صالح جمال عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز على أهمية تطبيق نظام التأمين الصحي على جميع المواطنين كما هو مطبق عالميا. عقود تأمينية بدوره رأى خبير التأمين الصحي والإدارة الصحية البروفيسور رضا بن محمد خليل، أن أسباب تأخر تطبيق التأمين الصحي على المواطنين يعود لعدم القناعة بتطبيقه أو تخوف البعض من تبعات التطبيق، مشيرا إلى أن النظام لا يمنع توجه شركات التأمين إلى المواطنين مباشرة في سبيل تقديم خدمات تأمينية صحية وعلاجية لهم ولأسرهم، لافتا إلى أن مثل هذه العقود التأمينية تكون مرتبطة بحزمة المنافع التي تربط الطرفين المؤمن عليه وشركات التأمين، حيث يحدد بموجبه حزمة المنافع الصحية التي يحصل المؤمن عليها نظير مبلغ مالي محدد بين الطرفين. وكشف أن هناك 20 مليون مواطن بحاجة لتأمين صحي لهم وأسرهم، وبين أن عدد المؤمن عليهم من السعوديين من هذه النسبة في حدود 20% يعملون في القطاع الخاص، مضيفا: نحتاج للعديد من الخطوات أهمها التوسع في مد شبكة الخدمات الصحية لتشمل كل المناطق بالخدمات الأساسية الصحية التي يحتاجها المؤمن عليهم في كل التخصصات الطبية، والحاجة إلى تطوير نظام المعلومات الصحية بالمرافق الصحية الحكومية وميكنته للتعامل مع متطلبات برنامج الضمان الصحي والتواصل مع شركات التأمين، وإعداد كوادر مدربة في مجال الضمان الصحي للعمل في المرافق الصحية، ورفع الحد الأقصى لسقف التغطية التأمينية ليغطي الأمراض الكارثية والحوادث، وإنشاء صندوق للطوارئ لتغطية الحالات التي تتعدى الحد الأقصى للتغطية، ونشر الثقافة التأمينية بين المواطنين لرفع الوعي لدى المؤمن عليهم بحقوقهم وواجباتهم، ووضع نظام تسعير جديد ومرن لتحديد أسعار الخدمات الطبية قائم على المجموعات التشخيصية لتيسير عملية التسعير، وإنشاء جهة مستقلة لتتولى مسؤولية إدارة التأمين الصحي بالمملكة (صندوق حكومي للتأمين الصحي)، وإدخال نظام المشاركة في الدفع للمؤمن عليهم بمبلغ محدود حتى لا تتم إساءة استخدام الخدمة الصحية. هيئة وطنية من جهته، طالب عميد كلية الأعمال في جامعة الملك عبدالعزيز والخبير في شؤون التأمين الصحي الدكتور عبدالإله ساعاتي، بإنشاء هيئة وطنية للتأمين الطبي بإشراف مؤسسة النقد العربي السعودي، ويكون لها حضور أقوى بحيث لا يكون التأمين من الأمور الفرعية التي تعنى بها المؤسسة. ولفت إلى أن المطالب بدراسة التأمين على جميع المواطنين السعوديين لا يعني التشكيك في قدرات القطاع الصحي الحكومي ومستوى أداء العاملين فيه، ولكن عندما نضع أنفسنا في مواجهة حقيقية مفادها أن عدد السكان ينمو بمعدلات عالية، لابد أن نفكر في تخفيف عبء الإنفاق الكبير المطلوب لتغطية متطلبات القطاع الصحي الحكومي عن طريق التأمين المنظم والمتقن. وأشار إلى أن الوضع يؤكد أن هناك أزمة في الحصول على خدمات صحية حتى في القطاع الخاص، وقال «إن السوق السعودي في مجال الاستثمار بقطاع التأمين سوق واعد ومربح لمن يريد العمل بتخصص عالي الجودة فيه وبصدق مع المؤمن عليهم». الاستثمار الصحي من جانبه يقول أستاذ مساعد طب المجتمع وكيل كلية الطب ورئيس قسم الصحة العامة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور محمود عبدالرحمن محمود: التأمين الطبي هو أحد الحلول لتقديم الخدمات الطبية للمواطنين وليس بالضرورة أن يكون الحل الأمثل لكل مكان وفي كل زمان، فله متطلبات لابد من استيفائها ولو تم تطبيقه دون أن تستوفى له العدة من البنى التحتية والكوادر البشرية المؤهلة، أخشى أن تصبح المعاناة مثل معاناة بعض المؤمنين على سياراتهم ببعض شركات التأمين، ولو أطلقت وزارة الصحة شراكة مع القطاعات الأخرى لتجهيز البنى التحتية لضمنت تنوع مصادر تقديم التأمين الطبي، فهناك على سبيل المثال أكثر من ثلاثين مستشفى جامعيا غالبيتها تحت الإنشاء في مختلف المناطق ستكون خلال عشر سنوات هي المنافس القوي بكوادرها المتميزة وخريجيها الدائمين في جميع التخصصات، ولا بد من أن تحذو بعض القطاعات حذو التأمينات في الاستثمار الصحي بما لديها من بنية تحتية بمستشفياتها مع دخول بعض القطاعات الأخرى كالجمعيات التعاونية والأوقاف لدخول هذا السوق بالإضافة إلى القطاع الخاص الداخلي والدولي مما يضمن تنافسية في جودة تقديم الخدمات واعتدالا في الأسعار وتوزيعا جغرافيا مناسبا بدلا من التمركز في بعض المدن كما هو الحال الآن، ورغم ذلك هناك طول مدة مواعيد وانتظار في هذه المستشفيات والتي لا تغطي أكثر من عشرين في المائة على أفضل تقدير بين المواطنين إضافة إلى المقيمين ممن لا يعملون بالهيئات الحكومية فكيف لو تم تطبيق التأمين الطبي دون جاهزية أطراف أخرى، متوقعا أن يشهد العام المقبل مراحل التحول الكامل للتأمين الطبي. نظام عالمي من جانبه، رأى الدكتور عبدالرحمن كماس، أن تطبيق التأمين على المواطنين ضرورة ملحة ولا سيما في ظل ارتفاع التكاليف العلاجية، وهو نظام صحي عالمي معمول ومطبق في جميع دول العالم، ويضمن تقديم خدمة العلاج للمستفيد سواء للمواطن أو المقيم، وفق نظام تتحمل فيه الشركات أو المؤسسات أو الأفراد التكاليف المالية لعلاج المؤمن لهم، من خلال الاشتراك مع شركة تأمين تقدم الخدمة، وتمنح الوثيقة الخاصة بالعلاج، وفق شروط محددة. وبين أن دراسة كشفت أن الغالبية في المجتمع السعودي خاصة الموظفين الحكوميين وعائلاتهم لا يملكون تأمينا صحيا. دراسة جادة وفي سياق متصل يقول الدكتور نزار خضري: موضوع التأمين الطبي من المواضيع التي تحتاج لدراسة جادة وحقيقية، والسؤال المهم هو: لو حصل المواطن على تأمين صحي هل سيحصل على رعاية ممتازة؟، الإجابة هنا هي مربط الفرس فليس المهم هو وجود تأمين أو عدم وجود تأمين المهم هو كيف يكون هناك تكامل وتناغم بين جميع أفرع وزارة الصحة بحيث يحصل المواطن على أعلى خدمة صحية دون عناء ومشقة.