مما يبعث على الأمل أن (رجال هيئة كبار العلماء) في بلادنا قد بدؤوا ينحون باتجاهات إيجابية، ويتصدون للسلبيات في مجتمعنا، وهذا من وجهة نظري مما يبشر بالخير. فمثلا ها هو الدكتور الشيخ (قيس المبارك) يصرح بالفم المليان مهاجما الدجالين الذين يتكسبون (بالرقية)، على حساب الأمراض النفسية لبعض الناس قائلا عنهم: «إنهم يأكلون أموال الناس بالباطل، حيث يقرأ الواحد منهم على المريض ثم يأخذ مبلغا من المال، رغم أن بعض الخبثاء منهم ربما يدعي الورع فيرقي الناس تبرعا رجاء ثواب الله تعالى، ولكنه بطريقة ملفوفة، يبيعهم الماء والزيت والعسل بثمن غالٍ. وبعدها يخرج المريض من عند ذلك الراقي بلا فائدة صحية، بل بخسارة نفسية ومالية وربما اجتماعية»، ويختم كلامه مؤكدا: لو أن هؤلاء علموا أنهم لن يحصلوا على شيء من المال إلا إذا حصل الشفاء، لانكف كثير منهم من القراءة على الناس وبحثوا عن مصدر رزق آخر ينفع البلاد والعباد انتهى. ويشكر فضيلته على إدانته وشجبه لتلك الظاهرة التي استشرت، ولكني أظن أن الإدانة والشجب وحدهما لا يكفيان إذا لم يفعلا بالضرب بيد من حديد على كل من يستغل الدين بالتكسب على ظهور الناس، وأعرف ويعرف غيري أن الكثير منهم قد أثروا بالملايين دون حسيب أو رقيب. كما أن هناك موقفا (إنسانيا) لعضو آخر، ألا وهو الدكتور الشيخ (عبد الله المطلق) الذي صرح بكل شجاعة في محاضرة له، وذلك عندما دعا وحث على التبرع بالأعضاء قائلا بما معناه: إن هذا العمل يعتبر صدقة غالية وجارية يقوم عليها امتداد حياة، ورفع معاناة، أو دوام نفع حاسة من الحواس أو عضو من الأعضاء. ويمضي داعيا إلى إشاعة هذه الثقافة في المجتمع، موضحا أنه ليس فيها قتل أحياء، ولكنها استغاثة لطاقات ستنتهي ومنافع ستبذل، فنفعها إلى محاجر يمتد بها النفع، ويعبر فيها الخير أمر يحبه الله ويحث عليه انتهى. ولم يكتفِ بهذا الكلام، ولكنه أعلن أمام الجميع أنه يتبرع بأعضائه، وأنا بدوري أقتدي به، وأعلن بكل حماسة أنني متبرع بجميع أعضائي بدون استثناء هذا إذا كانت صالحة للاستخدام الآدمي.