يتفرد الفن التشكيلي السعودي بحراك لافت لا ينافسه عليه أي فن من فنوننا الأخرى، إلا أن هذا الحراك يكاد يقتصر على كثافة وتعدد وتنوع المعارض التشكيلية التي تقام و«تحتضنها» الكثير من المراكز والصالات ودور العرض المنتشرة هنا وهناك. ومما لا شك فيه أنه لا يمكن التقليل مما تحقق ويتحقق من خلال هذه المحاضن التشكيلية وما تحاط به من الاهتمام، ويبذل فيها من الجهود، حيث أسهمت في إيجاد بيئة جاذبة استقطبت ولا تزال الكثير من الموهوبين في هذا الفن بمختلف تخصصاته، مما عزز من ترسيخ الحركة التشكيلية، وضاعف من مستوى الاهتمام وكثافة المتابعين لهذا الفن، و«لكن» عن طريق المعارض الفنية التي يتم افتتاحها «داخل» هذه الصالات، كما لا يمكن إنكار الدور الفاعل لفنوننا التشكيلية عند تمثيلها المشرف باسم الوطن في المشاركات والمناسبات الخارجية. ولكن إلى متى ستبقى فنوننا التشكيلية وأعمال وإبداعات هذا الفن بكل ألوانه وتفرعاته..، أسيرة داخل محيط هذه الدور والصالات التي تقام فيها هذه المعارض، وبداخلها تختتم أيضا فاعليتها باختتام فعالياتها «المعتادة» والمتمثلة في افتتاح راعي المناسبة للمعرض و«مروره» على الأعمال الفنية برفقة المعنيين والزوار... إلخ؟!!. أين دور هذا الفن من خلال رسالته وأهدافه ومخرجاته ورواده وموهوبيه، تجاه هذا «الشحوب الخرساني» الذي تئن منه فضاءات مدننا وساحاتها وواجهات مبانيها وصروحها وناطحات سحابها، ومداخل موانئها وميادينها وشوارعها الرئيسية وجسور وأعمدة كباريها وأنفاقها..؟!. أيعقل كل هذا الكم المتكاثر من الصالات والدور والمراكز والفنانين بجنسيهما، والأخبار التي لا تغيب عن مساحات الصفحات الفنية اليومية عن سلسلة هذه المعارض الفنية «المحجبة» التي تتم إقامتها وافتتاحها، دون أن يكون لكل هذه الفضاءات والجدران العارية أدنى نصيب من تفاعل فني يبدد شحوبها ويكسو عريها ويدعو لثقافة بصرية تستحضر ما غيب من الحس الفني وجمالياته عن المتلقي وتنمي ذائقته الفنية من خلال روائع وإبداعات هذا الفن وفنانيه وفنونهم (جداريات، منحوتات، لوحات... إلخ) تشفع لهذه المدن ما تحتضنه من هذه المراكز والصالات وما يتردد عن كثرة معارضها وفنانيها في هذا المجال، وإلا فقد هذا الفن والمعنيون به أهم الأدوار والأهداف وأكثرها مسؤولية... والله من وراء القصد. تأمل: لا قيمة لأي فن لا يسهم في حضارة مجتمعه ويشرك عامة الناس في تأمل مخرجاته وتذوق جمالياته. فاكس: 6923348