براء بادكوك* على الرغم من أن الفترة الحالية من العام تشهد تزامن مواسم عديدة على السعوديين تستلزم حجم إنفاق يتجاوز الميزانية الشهرية للكثيرين منهم، إلا أن ذلك لم يقلل من حرص الشرائح الاقتصادية المختلفة من المواطنين على الوفاء بالتزاماتهم الأسرية ذات الطابع المالي والمرتبطة بعيد الفطر المبارك . ومن الطبيعي أن يتوقف مقدار الإنفاق بناء على مستويات الدخل المتفاوتة، مع الأخذ في الاعتبار أن متوسط أجور السعوديين يبلغ حوالى 8 آلاف ريال شهريا. وتتوزع أوجه الإنفاق على بنود رئيسية خلال العيد تشتمل على المواد الغذائية والترفيه والملابس والعيديات، بالإضافة للأثاث والمستلزمات المنزلية، في حين يتم توجيه نسبة مهمة مصروفات موسم العيد على تكاليف السفر، بالنسبة للأسر والأفراد الذين يفضلون قضاء الإجازة خارج البلاد. وانطلاقا من الإحصاءات التي تشير إلى أن عدد السياح السعوديين المغادرين للوجهات السياحية المفضلة في عيد هذا العام يبلغ نحو 250 ألف مواطن، فإن تقديرات حجم إنفاقهم على تذاكر السفر يبلغ حوالى 500 مليون ريال، يضاف إليها نحو 1.5 مليار ريال تمثل تكاليف الإقامة في الفنادق والمنتجعات والشقق المفروشة لمدة متوسطة لا تتجاوز 10 أيام، وبإضافة تكلفة بند مصرفات الترفيه والطعام والتسوق البالغة نحو 3 مليارات ريال، يرتفع مقدار إنفاق السعوديين المسافرين للخارج في العيد إلى حوالى 5 مليارات ريال. ورغم ارتفاع الرقم السابق نسبيا مقارنة بعدد المسافرين، والفترة المحدودة التي يقضونها في الوجهات السياحية المفضلة خلال العيد، فإن ما ينفقه السعوديون داخليا خلال نفس الفترة يتجاوز ذلك بكثير، حيث أقدر حجم الإنفاق بأربعة أضعاف، استنادا إلى متوسط إنفاق يبلغ نحو 5000 ريال للأسرة الواحدة، علما بأن عدد الأسر السعودية وفقا لآخر الإحصاءات السكانية يبلغ نحو 4 ملايين أسرة؛ الأمر الذي يرفع تقديرات الإنفاق المحلية إلى حوالى 20 مليار ريال. ولعل اللافت في الرقم السابق هو استئثار بند المواد الغذائية سواء داخل المنازل أو في المطاعم والكافيهات على نسبة تقدر بنحو 20 في المئة من المبلغ الإجمالي أو ما يعادل 4 مليارات ريال، ويعود ذلك في تقديري إلى محدودية الخيارات الترفيهية الأسرية المحلية خلال العيد في ظل عدم وجود دور عرض أو مسارح فضلا عن عدم تنظيم حفلات فنية تستقطب الأسر السعودية الراغبة في التغيير؛ فيصبح الطعام هو أحد بدائل الترفيه. ورغم الارتفاع الملحوظ على أسعار الكثير من السلع والخدمات، فإن جزءا مهما من مصروفات السعوديين استعدادا لموسم العيد يذهب لبند تجديد الأثاث والاهتمام بالديكور الداخلي للمنازل، حيث تقدر نسبة الإنفاق على هذا البند بنحو 25 في المئة أو ما يعادل 5 مليارات ريال، في حين يستأثر بند الملابس على نسبة مشابهة، ولعل المفارقة هنا تكمن في أن معظم مكونات البندين السابقين ليست من الصناعة المحلية، بل من المنتجات المستوردة من مختلف دول العالم. أما المبلغ المتبقي من حجم إنفاق السعوديين داخليا خلال العيد والبالغ 6 مليارات ريال، فيتوزع على بنود متعددة تشمل العيديات التي تستقطع حوالى 3 مليارات ريال، والترفيه في الملاهي والمتنزهات والذي يستأثر بمبلغ مماثل، في حين لا يشمل ذلك تكلفة الارتفاع الاستثنائي على استهلاك الكهرباء ووقود السيارات وفواتير الاتصالات، التي تصاب بطفرة مفاجئة خلال إجازة العيد. والمؤكد هو أن إنفاق السعوديين في هذه الفترة ينعكس بشكل إيجابي على اقتصادنا الوطني وحركة الأسواق بشكل عام، إلا أنه في ذات الوقت يرتب أعباء إضافية على الأسر ذات الدخل المحدود التي يضطر الكثير من أربابها للحصول على قروض مصرفية أو استخدام بطاقات الائتمان لتغطية المصروفات الإضافية التي تعجز مواردهم الذاتية عن الوفاء بها. ختاما، قد يكون الإدخار هو الأسلوب المناسب للأسرة السعودية للوفاء بالالتزامات المالية المتزايدة التي يفرضها موسم العيد؛ وذلك من خلال استقطاع مبلغ شهري لهذا البند طوال العام شريطة وضعه في حساب مصرفي بعيد عن متناول اليد، آملا أن تبادر بنوكنا الوطنية إلى طرح منتجات إدخارية بمحفزات جيدة لمساعدة المواطنين على تنظيم إنفاقهم وبناء (مخصصات) مالية للمصروفات الاستثنائية. * رجل أعمال ومحلل مالي