أمير الرياض يستقبل رؤساء المراكز ومديري القطاعات الحكومية بمحافظة المجمعة    نائب أمير عسير يتوّج فريق الدفاع المدني بكأس بطولة أجاوييد 2    الظهران تستضيف المؤتمر السعودي البحري واللوجستي في سبتمبر المقبل    "إعادة" تُسجّل أداءً قوياً في الربع الأول من العام 2024 بارتفاع الأرباح إلى 31.8 مليون ريال    النفط يرتفع مع سحب المخزونات الأمريكية وارتفاع واردات الصين    عقود ب3.5 مليار لتأهيل وتشغيل محطات معالجة بالشرقية    جمعية البر بالشرقية توقع اتفاقية لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر    تاليسكا يتغنى بفترته مع النصر ويتحدث عن علاقته مع رونالدو    الزلفي تحتفي بعام الإبل بفعاليات منوعة وورش عمل وعروض ضوئية    مفتي عام المملكة يستقبل نائب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي    أمير الحدود الشمالية يتسلّم تقريرًا عن الصناديق العائلية والوقفية بالمنطقة    فيصل بن خالد بن سلطان يطلع على مشروع ربط حي المساعدية بحي الناصرية بمدينة عرعر    «تقييم» تبدأ بتصحيح أوضاع القائمين بتقدير أضرار المركبات في عددٍ من المناطق والمحافظات    المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    حساب المواطن يودع 3.4 مليار ريال مخصص دعم مايو    القيادة تهنئ رئيس جمهورية طاجيكستان بذكرى يوم النصر لبلاده    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية القرغيزية بذكرى يوم النصر لبلاده    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من باكستان    توقع بهطول أمطار رعدية    إطلاق مبادرة SPT الاستثنائية لتكريم رواد صناعة الأفلام تحت خط الإنتاج    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ويتأهل إلى نهائي "الأبطال"    إخلاء مبنى في مطار ميونخ بألمانيا بسبب حادث أمني    "واتساب" يجرب ميزة جديدة للتحكم بالصور والفيديو    طرح تذاكر مباراة النصر والهلال في "الديريي"    زيت الزيتون يقي أمراض الشيخوخة    محادثات "روسية-أرميني" عقب توتر العلاقات بينهما    بايدن يهدد بوقف بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل إذا اجتاحت رفح    الديوان الملكي: وفاة والدة الأمير سلطان بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود    جدة التاريخية.. «الأنسنة» بجودة حياة وعُمران اقتصاد    «سلمان للإغاثة» يختتم البرنامج التطوعي ال25 في «الزعتري»    دجاجة مدللة تعيش في منزل فخم وتملك حساباً في «فيسبوك» !    الاتحاد يتحدى الهلال في نهائي كأس النخبة لكرة الطائرة    أشباح الروح    بحّارٌ مستكشف    منها الطبيب والإعلامي والمعلم .. وظائف تحميك من الخرف !    النوم.. علاج مناسب للاضطراب العاطفي    احذر.. الغضب يضيق الأوعية ويدمر القلب    المملكة ونمذجة العدل    القيادة تعزي رئيس البرازيل    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    روح المدينة    خلال المعرض الدولي للاختراعات في جنيف.. الطالب عبدالعزيزالحربي يحصد ذهبية تبريد بطاريات الليثيوم    ختام منافسة فورمولا وان بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي    كشافة شباب مكة يطمئنون على المهندس أبا    شقيق الزميل حسين هزازي في ذمة الله    " الحمض" يكشف جريمة قتل بعد 6 عقود    الوعي وتقدير الجار كفيلان بتجنب المشاكل.. مواقف السيارات.. أزمات متجددة داخل الأحياء    نائب أمير الشرقية يلتقي أهالي الأحساء ويؤكد اهتمام القيادة بتطور الإنسان السعودي    سعود بن جلوي يرعى حفل تخريج 470 من طلبة البكالوريوس والماجستير من كلية جدة العالمية الأهلية    فهيم يحتفل بزواج عبدالله    نائب أمير منطقة مكة يكرم الفائزين في مبادرة " منافس    لقاح لفيروسات" كورونا" غير المكتشفة    أعطيك السي في ؟!    الاتصال بالوزير أسهل من المدير !    سمير عثمان لا عليك منهم    الذهب من منظور المدارس الاقتصادية !    حماس.. إلا الحماقة أعيت من يداويها    استقبل مواطنين ومسؤولين.. أمير تبوك ينوه بدور المستشفيات العسكرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدينة تتوضأ بصلاة الفجر
نشر في عكاظ يوم 26 - 03 - 2014

خاطب وساقته إليك فضول.. فامنن بإيجاب له وقبول.. إني إلى الخمس التي رشحتها.. ألقي بما ملكت يداي أجول.. هي مكة.. هي بكة.. أم القرى.. البلد الأمين معاد والمأمول.. فالقلب غنى حسنهن معازف.. قد لحنتها للغناء طبول.. مطلع قصيدة عبقة عزفها على أوتار الشجن اللواء عبدالقادر محمود مغربي كانت تحية الجمعة على صفحة جريدة ((البلاد)) العتيقة.. كتبها بإحساس رهيف.. شعرت بابتهاج وحنين إلى مكة شيء ما في أبيات القصيدة أعادني إلى طفولتي وصباي حيث قضيتها في مكة لا أعرف هوى ولا هوية غيرها مهما غادرت أو بعدت عنها.. دفعني الشوق إلى أن أهرول إلى مكة قبل الصباح تسير بي العربة أصل إلى شرطة أم الجود ينظر شرطي مهذب إلي يطابق صورتي بالإحرام مع ماهو في رخصة القيادة .. ورافقتك السلامة.. الفجر يشف في سماء وردية مكللة بغلاله من الضباب الصباحي الخفيف الساقط من جبال مكة.. مكة تحت ضوء الفضة.. الشوارع ساكنة نائمة لم يوقظها الضجيج بعد.. حمام يطير بأسراب انشراح ويحط قرب الكعبة.. كل ما حولي يوحي بالشجن.. كأن مكة تتعاطف مع نفسي كأنها تدرك مقدار محبتي لها.. وقع خطوات المعتمرين فوق المرمر الصقيل.. تطير حمامة فوق رأسي توقظني من الهيام.. أبعدها عني.. ابتسم بهدوء ابتسامة من ذاق السعادة الأبدية.. أجدد وضوئي أتوضأ من زمزم من رأسي إلى قدمي أشعر أنني خرجت من الماء بطهارة كاملة كأني أنسلخ من جلد قديم ضاق على جسدي.. يتوضأ معتمر بجانبي فأسمع سقسقه ماء زمزم.. أمر بنيام يغفون في المسجد تحت سماء رحمة واسعة وآخرون يدعون ببحة غليظة مبللة بدموع تفتك الروح.. تتماوج بين العلو والانخفاض..
هناك من يقف يؤدي صلاته لتحية المسجد في سكينة وخشوع واتزان كأنه يحمل الله في قلبه.. كأن الدنيا هنا مكان واحد، والبشر أكثر من إخوة متشابهين.. تصاعد صوت الأذان الله أكبر الله أكبر.. يملأ الصوت العذب فضاء مكة بالإيمان والخشوع .. مدينة تتوضأ كل يوم بصلاة الفجر لا يفارقها الإيمان.. تنتهي الصلاة، وتستيقظ مكة.. يستيقظ كل من حولها.. أذهب إلى ((المعلاة)) أشتري مروحة من سعف النخل من عجوز كانت تفترش الأرض.. لم يكن هناك سبب واضح لشرائها.. قد يكون الحنين للقديم لا أكثر.. أستمر في السير، أحمل فوق رأسي الماضي بكل ما يحتويه من صور.. أمسح بكفي دمعة فرت غصبا عني وألجمت خفقان حسرة جاشت بافتقاد أماكن وصور وديار.. عواطف تختلط بداخلي.. أقترب من ((المعلاة)) حيث رقعة ألم تأخذ شكل قبر.. أهرب إليه مما في نفسي.. أشعر بحزن يجثم علي كما الرحي.. أنظر إلى القبر عبر جفون مهدلة كثوب مغسول.. أسمع القلب يعصر نفسه.. أحتضن التراب كأمير أفرغه الحزن من هيبته.. الثمه بالقبل.. أشعر باختناق.. أغيب في صمتي.. أتمنى أن ينكشف القبر وأرى وجهها ولو لنظرة واحدة.. أرجع للوراء وأهتف لا مكان لي في دنيا لا تتواجدين أنت فيها.. لا مكان لي في دنيا لا تحتوي على رائحتك.. ألتفت إلى السماء أردد هامسا.. همس من يمضي قبل اتمام الوصية.. أناشد خالقي كففت دمعي عن الناس لتراه وحدك.. كبتها في نفسي كي لا يعلمها غيرك.. اللهم يا غافر الذنوب أغفر لها مغفرة من عندك وارحمها أنك أنت الغفور الرحيم، اللهم أعني على فراقها وأجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي.. اللهم ارحم أمي ((نورة)) واجعل الإيمان نور قلبي وارحم أموات المسلمين إنك علي كل شيء قدير..
أعود إلى جدة أمر بمدرستي التي كان كل شيء فيها يدعو لاغتراف السعادة تمر بي تفاصيل دقيقة ومتشعبة أحفظها غيبا تضحك أمامي وترشيني باستعادتها أتذكر أساتذة أجلاء تركوا لنا في الذاكرة محبة المطر جمعوا بين العنف والرقة كانوا رقباء مؤتمنين علينا وعلى العالم المحيط بنا حيث كنا كالطيور التي تقف على سلك كهربائي لا تعي خطورته.. كانوا فريقا يلتقي في المعنى والروح والهدف.. أتذكر كل واحد منهم مثل ما أتذكر الأشياء الحلوة في الفم.. أعود إلى المجموعة التي خلفتها الأيام وراءها رفاق كثر كانت أيدينا تتشابك كل صباح كجزور العشب المعطر.. جمعنا سور المدرسة العزيزية وفرقنا زمن وكبرت المساحة بيننا وتباعدت الأجساد وأصبح من الصعوبة على الإنسان أن يرى من يريد أن يراهم منهم.. لم تمح صورة الدفعة التي تخرجت معها من ذهني طوال كل السنين تتداعى صورهم وتتزاحم لمجرد ذكر أحدهم.. أيام جميلة رحلت وتحولت إلى ماض بغمضة عين إلا أنها تظل القلب والروح والجسد والمكان والذكرى التي لا يستطيع الإنسان البقاء خارجها وإلا ضاع!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.