عاش راشدا .. وتسلم حقيبة المعارف راشدا .. وخرج منها راشدا .. وكتب عن همومه ... وطموحه بوطنه وفكره راشدا.. إنه الراشد ... (محمد الرشيد) .. تعلمنا منه الرشد ... وقل من يتعلم! تعلمنا منه الحب للعمل ... ويندر من يحب العمل! تعلمنا منه روح الانتماء ... وكان يتألم لمن يفقدها! كيف لا نتعلم من أبي أحمد وهو صاحب أشهر من كتب ... ودافع ... وعمل ... على مقولة: (وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة) ... !!! أذكر ... أنني كنت أول من عمل معه حوارا في صفحة كاملة بصحيفة (عكاظ) الوثابة ... بدعم من رائد الصحافة العملاق د.هاشم عبده هاشم ... فقال لي: (إن أكبر هم يشغلني؛ حتى في نومي أن أرى وطني من أفضل دول العالم في التربية والتعليم) .. وأردف مقولته الشهيرة «وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة» ... هذا هو الرشيد ... تحدث عن وطنه في أكثر أصقاع الدنيا ... فكان أبلغ من تحدث حسا ... وأبدع فكرا ... وأحسن عملا ... نعم ... كان (يرحمه الله) همه خدمة وطنه .. وتطوير وزارته .. وتطورت تلك الوزارة في «الاسم» و«الصورة» و«المحتوى» ... !!! فمنع الضرب ... وعزز أسلوب الإرشاد ..! وغير من سلوك المتشبثين بكراسي إدارات المدارس والتعليم ..! وعزز أسلوب النشاط الطلابي .. والابتعاد عن التلقين ..! في ذات مرة قابلت معاليه (يرحمه الله) في مكتبه في جدة .. فطلبت منه إكمال دراستي لدرجة الدكتوراه .. فاعتذر عن الموافقة، بلباقة الكبار ... وأسند الاعتذار لتلك اللوائح والأنظمة التي كنت أرى أنها أجحفت في حقي!!! وبعدها ... انتقلت إلى التعليم العالي ... ثم عدت بعد عام لزيارته؛ والسلام عليه في مكتبه في جدة.. دخل عليه السكرتير ... أبلغه بوجودي ..! فخرج أبو أحمد بنفسه .. فتحطمت لغة الكلام التي كانت في نفسي عتبا..!! وذاب جليد العتب القديم لعدم موافقته السابقة..! وأخذ بعد السلام ... يضرب بيده على كتفي من تقديره لي ... ويقول: خسرناك يا علي ..! لكن الذي أنا مطمئن له أنك في وطني..! ثم أوصاني بقوله: «كن قريبا من الطالب.. أيا كان، فعلى قدر ما تقترب منه يزيد تقديره لك»..! أحببت وطنك .. فأحبك أبناؤه ... وأعطيته من أدبك وعلمك وعملك .. فأثمر ... وربيت في محبيك الفضيلة .. فالكل قدر ... وزرعت الود والحب والعطاء ... فجاءتك كالمطر ... وأوفيت لوطنك بقلمك في الوفاء ... فأفحمت من به بلاء. *أستاذ الإدارة التربوية والتخطيط المشارك ورئيس هيئة تحرير مجلة جامعة طيبة للعلوم التربوية