سعدت على مدى أربع سنوات -هي مدة الدورة الخامسة المنقضية لمجلس الشورى- بالتغطية الصحافية ل «عكاظ» عن كل ما كان يدور تحت قبة الشورى من نقاشات وطرح ملفات مهمة تعنى بهموم المواطن اليومية ورفاهيته ومستقبل حياته، ولا شك أن وقوفي مباشرة أمام رئيس وأعضاء المجلس أتاح لي الفرصة لاستكشاف ثروة الوطن الحقيقية والمتمثلة في عقول النخبة التي اختارها ولي الأمر لدخول مجلس الشورى حتى تؤدي دورها لخدمة الوطن والمواطن والمشاركة الشورية الفاعلة في نجاح عملية التنمية، تلك النخبة التي تنوعت في تخصصاتها وتمثيلها لكافة مناطق المملكة، نخبة تتكئ على درجات علمية عالية وخبرات عملية كبيرة متراكمة انعكست على أداء مجلس الشورى بشكل إيجابي جعله محل ثقة القيادة أولا ثم المواطن ثانيا. وتابعت بدهشة وخاصة في أول جلسة أحضرها تحت قبة الشورى طريقة النقاش والطرح، ومرد دهشتني ما كان يدور في المجالس من أحاديث وخاصة في بدايات المجلس، بأن عمله روتيني، ويطلع فقط على ما يرده من موضوعات وتقارير وأنظمة، وأنه لن يأتي بجديد، غير أن الواقع الذي عشته كصحافي كان عملا مدهشا ورائعا بكل المقاييس، فكان طرح الأعضاء شفافا إلى درجة أبعد مما هو متوقع، حتى أن النقاش كان يحتدم في الكثير من القضايا بغية الوصول إلى النتيجة التي يتطلع إليها ولي الأمر والدولة والمواطن. وخلال مثول الوزراء والمسؤولين أمام المجلس للإجابة على استفسارات المجلس عن أي جهاز من أجهزة الدولة كانت تدور نقاشات ساخنة جدا بين أعضاء المجلس والمسؤول الضيف. وفي اللجان المتخصصة كان العمل مختلفا، ففيها تطبخ الكثير من القرارات والأنظمة وتعدل العديد من المواد حتى تصل إلى قبة الشورى للنقاش والتصويت. وفيما يدخل مجلس الشورى منعطفا مهما في تاريخه بدخول المرأة في تشكيله لأول مرة، يعول عليه المواطن كثيرا، ويتطلع إلى أن يواكب في دورته السادسة الجديدة التي تنطلق اليوم الأحد، هذا القرار التاريخي الذي اتخذه قائد البلاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- باختيار المرأة عضوا في مجلس الشورى لتشارك أخاها الرجل في النقاش والتوصيات والتصويت والطرح الجاد الرامي إلى معالجة كثير من التقارير والأنطمة التي ترد المجلس، إضافة إلى تبني هموم المواطن من خلال ما يرد لجنة العرائض من أفكار واقتراحات وهموم ومشاكل. ومجلس الشورى اليوم ليس كما كان في الدورة الأولى ولا الثانية لا من حيث العدد ولا الموضوعات التي تحال إليه.