أمير تبوك يستقبل معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان    غرفة الشرقية تنظم معرض التطبيقات الالكترونية مطلع يونيو القادم    لوم إيراني لأمريكا:عقوباتكم حطمت طائرة الرئيس    وزير الخارجية يعزي نظيره الإيراني بوفاة رئيس إيران ومرافقيه    مصادر «عكاظ»: لؤي ناظر يترشح لرئاسة العميد «يونيو القادم»    محمد بن عبدالعزيز يكرم المتفوقين    أمير تبوك يرعى تخريج أكثر من 2300 متدرب ومتدربة بالمنطقة    الجنائية تتحرك لاعتقال قادة من حماس وإسرائيل    الربيعة يلتقي كبار المتبرعين لمركز الملك سلمان للإغاثة    رئيس "إيكاو": للمملكة دور قيادي في صناعة مستقبل الطيران بالعالم    الأمير سعود بن نهار يستقبل مدير مطار الطائف الدولي    "تعليم جدة" يصدر نتائج حركة النقل الداخلي    "العامري" بين استعراض المنجزات، لثانويات مكتب تعليم حلي    13 كفيفة تأهلت لbrail note    اختيار الرياض مقرا لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    التهاب البول عند الأطفال الذكور    معرض الرياض للسفر ينطلق في العاصمة .. 27 مايو الحالي    وزير الخارجية يجري اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية الإيراني المكلف    خلاف بين الهلال وجيسوس بخصوص أحد بنود العقد الجديد    وزارة الإعلام تنظّم النسخة السابعة من "واحة الإعلام"    منتدى كايسيد للحوار العالمي: تجديد جهود الحوار وإنشاء منصات مستدامة وشاملة وآمنة وحيوية ضرورة عالمية    كوادر وطنية لخدمة الحجاج في بنجلاديش    د. العيسى يتسلَّم مفتاح محافظة الإسكندرية أعلى وسام في المدينة    ارتفاع شهداء غزة إلى 35562    الاجتماع الثاني للجنة الأمنية والعسكرية المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي القطري    قدوم 267657 حاجا عبر المنافذ الدولية حتى نهاية أمس    وول ستريت تفتح على استقرار مع ترقب نتائج إنفيديا    من هو الرئيس المؤقت لإيران؟    أمير الرياض يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية المتقاعدين بالمنطقة    بلديةالبكيرية تنفذ 2754 جولة رقابية في شهر أبريل الماضي    أرامكو توقع اتفاقية مع "باسكال" لاستخدام أول حاسوب كمي بالسعودية    تايكوندو الشباب يهيمن على بطولتي البراعم والناشئين والحريق يزاحم الكبار    بعد مصرع عبد اللهيان.. «كني» يتقلد حقيبة الخارجية الإيرانية    وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له في حادث تحطم الطائرة المروحية    وصول أبطال آيسف 2024 إلى جدة بعد تحقيق 27 جائزة للوطن    «التعليم» تحدد أنصبة التشكيلات المدرسية في مدارس التعليم العام    أوتافيو يتجاوز الجمعان ويسجل الهدف الأسرع في «الديربي»    البنيان: تفوق طلابنا يبرهن الدعم الذي يحظى به التعليم في المملكة    1.8 % معدل انتشار الإعاقة من إجمالي السكان    السعودية.. يدٌ واحدةٌ لخدمة ضيوف الرحمن    متحدث «الداخلية»: «مبادرة طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي    خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية في العيادات الملكية    جائزة الرعاية القائمة على القيمة ل«فيصل التخصصي»    السعودية من أبرز 10 دول في العالم في علم «الجينوم البشري»    5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والسمنة    ولي العهد يبحث مع سوليفان صيغة شبه نهائية لاتفاقيات استراتيجية    وزارة الحج والعمرة تنفذ برنامج ترحاب    نائب أمير منطقة مكة يُشرّف حفل تخريج الدفعة التاسعة من طلاب وطالبات جامعة جدة    جائزة الصالح نور على نور    القادسية بطلاً لكأس الاتحاد السعودي للبلياردو والسنوكر    الشيخ محمد بن صالح بن سلطان «حياة مليئة بالوفاء والعطاء تدرس للأجيال»    ثقافة سعودية    بكاء الأطلال على باب الأسرة    كراسي تتناول القهوة    الملاكم الأوكراني أوسيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع    الانتخابات بين النزاهة والفساد    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بمسابقة براعم القرآن الكريم    ارتباط بين مواقع التواصل و«السجائر الإلكترونية»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العضّاض: الصحويون يتمسحون بالوطنية وينتظرون غفوة العين الساهرة
نشر في عكاظ يوم 18 - 12 - 2020

المبادرات المدنية ستقود المجتمع للتغيير والتحول إلى مناطق آمنة
لا بد من إعادة صياغة المناهج الدراسية وتجديد منبر الجمعة
الصلح الخليجي معادلة معقدة وفقاً لمعطيات الواقع
تمكين المرأة يكافح ظاهرة التطرف والتصحر المشاعري
لا بد من معاملة المتسلقين على الفتوى كمعاملة مطاردي الجن
أنا مع حق فلسطين لكنها ليست قضيتي الأولى
الضغط الأوروبي وحده قادر على الحد من تخبطات أردوغان
في طفولتي احتلت مكتبتي الصغيرة جزءاً من خزانة ملابسي
لن يتوقف الكتّاب عن بيان مخاطر الصحوة قبل سقوط «الإخوان»
بعد عقود من القراءة والالتفاف حول حبل النصوص الثقافية وحبال السياسة، والاعتكاف في محراب المكتبات سنوات طويلة، تشكلت شخصية الباحث والكاتب السعودي خالد العضاض، الذي يحاول من خلال حواره مع «عكاظ» حَل الكثير من الخيوط على طاولة الشفافية، في حديثٍ شيق عن العقيدة وعقدة التفكير حول بعض مفاهيمها، مروراً بحقول المجتمع المختلفة، حاملاً على كتفيه حقيبة طفولته وسيجارته التي لم يتم ارتشافها. وإلى نص الحوار:
• ما أبرز ملامح طفولتك، التي لم تغادرك حتى اليوم؟
•• ربما كانت أبرز علامات الرجولة والفتوة المتوهمة في وقت طفولتي ومراهقتي، الجرأة على التدخين، ولصرامة سيدي الوالد -حفظه الله- لم أتمكن من ممارسة «التمرجل» بهذا الشكل، ولكن كنت أقدم القهوة العربية والتمر لضيوف ما بعد صلاة العصر الصغار، وقبل لعب الكرة، حيث كانت والدتي الثانية أم نايف -حفظها الله- تقدم لنا عن طيب خاطر أعظم قهوة مُرَّة في العالم، فيما لم يكن متاحاً لأي من أصدقائي وقتها استضافة أحد، فضلاً عن أن يقدم ضيافة معتبرة، عدا (البيبسي)، و(الفصفص)، ولكن يظل الملمح الأبرز هو مكتبتي الصغيرة التي احتلت جزءاً من خزانة ملابسي أول الأمر، ثم تمردت وخرجت عن طوق الخزانة لتحتل جدران الغرفة الصغيرة جداراً تلو الآخر، والفضل لمكتبة ابن وائل التجارية في شارع الوحدة في مدينة بريدة، التي كنت أجمع الريالات اليومية التي يمنحنا إياها سيدي الوالد -حفظه الله- قبل خروجه عصراً؛ لأشتري كتاباً أو كتابين كل أسبوعين، ومن أهم الملامح فَجْرِيّات جدي الصيفية، وعصريات جدتي الشتوية، ومن الملامح التي لن تغادرني الحنان الغامر للزيارات المتقطعة لسيدتي الوالدة -حفظها الله-، حينما كانت تسكن في مدينة أبعد من مغيب الشمس في ذهن الصبي، والتي أدرك لاحقاً أنها الرياض، والتي تبعد عن مدينته مسافة أربع أغانٍ من روائع وردة الجزائرية، هذا ما يحضرني آنياً، وإلا لو استرسلت لكتبت تفاصيل التفاصيل لتلك المرحلة لشدة التصاقي بها حتى هذه اللحظة.
• متى سيتوقف الكاتب السعودي عن الكتابة حول الصحوة ومُشتقاتها؟
•• الصحوة إفراز، ونتيجة لعمل سري تحزبي امتد لعقود ضاربة في بطن التاريخ العربي المعاصر، سيتوقف الكاتب السعودي عن بيان مخاطر الصحوة فكراً وكياناتٍ ورموزاً، متى ما سقطت وانتهت النواة المكونة، والمولدة والباعثة لهذه الحركة المتجذرة والمتغلغلة في كل فضاءات المجتمع، حينما تسقط جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية بكل أذرعها الأخطبوطية، وحينما تسقط الأجندات السياسية الدولية والإقليمية من ورائها، والتي تود أن تفري خاصرة الوطن لو استطاعت، سيتوقف الكاتب السعودي عندما ينتهي الفكر الصحوي الذي تحول اليوم بعد التضييق والخنق في كل مكان داخل الوطن، إلى وحش جريح شرس يجري في جيوب المجتمع ويضرب ذات الشمال وذات اليمين، مرة بمعارضة، وأخرى بتكفير، وثالثة بتحريمٍ ما أنزل الله له من برهان، ورابعة بمصادرة وإقصاء، وكيف نتوقف ونحن نرى بأم أعيننا رموز الصحوة النكدة المكفرين الغادرين بالأمس يتمسحون اليوم بمسوح الوطنية؟! ولو حانت من العين الساهرة إغفاءة لأكلونا، كما أُكلت بلدانٌ من قبلنا. يجب أن نعي أن الفكر الصحوي الذي ما زال منتشراً حتى اليوم فكر متراكم بُني على مدار عقود طويلة، وهو فكر له خاصية التحول والتقولب والكمون والظهور في فترة دون أخرى، ومجتمعنا المسلم له منطلقات شرعية ينطلق منها بطريقة معينة، فينتج رؤية تؤسس لعمل حضاري متسامٍ ومتسامح يحفظ للحياة نصيبها، وللآخرة حظها. وذات المنطلقات يمكن الانطلاق منها لتأسيس فكر قاتل ومدمّر يهدم كل جميل في الحياة. الفيصل هنا وهناك هو الفهم البشري للنص ومدى إنزاله بالشكل الصحيح على الواقع، إضافة إلى غياب أو حضور القيم العليا.
ما يدور بشأن نقد فكر الصحوة وماضيها في المجتمع حالياً هو ردة فعل لا أكثر، ولا يوجد فعل أو مبادرة مدنية خارج إطار الجهود الحكومية الرسمية والجهود الأمنية، وهي -أي المبادرات المدنية- ما يمكن أن يقود المجتمع للتغيير والتحول إلى مناطق آمنة، والشق الموازي لذلك هو تغيير الخطاب الديني. ولا أعني تجديد الخطاب الديني كما يرد في أدبيات الإسلاميين، فهناك بون شاسع بين التغيير والتجديد، الأول تغيير وولوج على فضاءات جديدة في الفكر الحضاري الذي يزخر به الإسلام. أما الثاني فهو إعادة بث مفاهيم إسلامية مندرسة في نظر أولئك الإسلاميين وفقاً لذات المنهج وذات الفكر، وهنا نكون أعدنا الدوران مرة أخرى في حلقة مفرغة. نعم، قطعنا شوطاً طيباً في العمل الوقائي الحامي من فكر التطرف الصحوي، والمتمثل في إشاعة الفنون وتبني نشر الحب والتسامح والتعايش وإفشاء قيم الجمال والعدل والخير، ولكن الطريق طويل ومتشعب، ونحتاج أن نركز على النشء وأن نعيد صياغة المناهج الدراسية، وأن تتبنى الجهة المسؤولة تجديداً كاملاً وشاملاً لمنبر الجمعة، مع تمكين مطلق للمرأة الأم، والمرأة العاملة، والمرأة المبدعة، لقيادة الحلول والبدائل وتوجيهها لمكافحة ظاهرة الصحوة والتطرف والتصحر المشاعري لدينا، ولهذا نتائج باهرة وغير متوقعة، وعندها سنتوقف عن الحديث عن الصحوة.
ومن يقول: «توقفوا عن نقد الصحوة التي أصبحت من الماضي»، عليه أن يقرأ حالة التطرف الإسلامي المتنامية في العالم بسبب جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وبلدنا ليس معزولاً عن العالم، خصوصاً اليوم.
• بعد تجريم الإخوان، هل تنتظر تجريم جماعة أُخرى؟
•• نعم، هناك الكثير من الجماعات والأحزاب التي يجب تجريمها وتصنيفها، جماعة إرهابية، وفي المملكة لا أخشى كثيراً أي جماعة أو حزب مع الجهود الأمنية النوعية والمبنية على دراسات معمقة من الناحية المعرفية والنظرية، وكذلك من الناحية العملية، ولكن ما أتمناه هو القيام بجهود دبلوماسية أكبر من قبل الدول المتضررة من إرهاب هذه الجماعة الإرهابية، وعلى رأسها السعودية ومصر، وحتى أُقرِّب الفكرة سأضرب مثالاً قد يستغربه البعض، ولكنه في ذات السياق، إذ لم تعرف السياسة الدولية مصطلح الإرهاب في شكله ودلالاته الحالية، إلا بعد جهود دبلوماسية وسياسية إسرائيلية أخذت عدة مستويات رسمية وتطوعية، إذ كان الإرهاب، قبل الثمانينات الميلادية، مبرراً في الأعراف السياسية العالمية، وكانت النظرية السائدة في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، أن سبب الإرهاب يكمن في أعمال القمع السياسي والاجتماعي، وأن إنهاء هذا القمع فقط هو الذي سيؤدي إلى وقف أعمال الإرهاب، لذلك كان يصعب تسجيل موقف سياسي دولي واضح ضد الإرهاب بسبب هذه النظرية، وفي أواخر عام 1979، وضمن جهود مركزة، أسس بنيامين نتنياهو معهداً للدراسات، يهدف إلى إطلاع جماهير الدول الغربية على نوعية الإرهاب، وطرق محاربته، وفي منتصف الثمانينات الميلادية، استطاعت الجهود الإسرائيلية، قيادة الدول الغربية في هجوم سياسي واسع النطاق على الإرهاب، كان الهدف منه تعرية الدول التي تقف وراء الإرهاب، ورفض الإرهاب بصورة مطلقة بغض النظر عن تعريف الإرهاب، وهوية الإرهابيين ودوافعهم المعلنة، ولخص نتنياهو الإستراتيجية التنفيذية التي قامت عليها تلك الجهود، للوصول إلى هذه النتيجة بقوله: «إن المفتاح للقضاء على الإرهاب الدولي يكمن في تجنيد الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الحرب، إذ إنه منذ اللحظة التي تسلك فيها الولايات المتحدة الطريق الصحيح، ستجر وراءها بقية الدول الغربية»، وهو ما كان فقد تمكنت جهود سبع سنوات من العمل الدائب، ومؤتمرين أقامهما المركز عن الإرهاب في عامي 1979 و1984، من تغيير السياسة الأمريكية بدرجة كبيرة، من موقف يبرر الإرهاب بوصفه ردة فعل مشروعة، وسبيل مقاومة لا غبار عليه، إلى موقف مناهض ورافض بشكل قاطع لكل إرهاب مهما كان سببه أو هويته، نحتاج مثل هذا العمل لتجريم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية دولياً، وما نجحت فيه إسرائيل، وهي دولة إرهابية ومحتلة، لن تفشل به دول السلام والسلم العربية.
• هناك خيالات سياسيّة تقول: إن أسامة بن لادن ما يزال حياً، هل هناك احتمالية أن تكون واقعاً؟
•• لنفترض أن هذا الأمر صحيح، فهذا يعني أن بن لادن قد أحيل إلى التقاعد، ولن ينفع أو يشفع لقضيته الخاسرة التي خان من أجلها وطنه وأمته وإنسانيته، وفي الوقت ذاته فإن حياته أو موته لن تغير من حقيقة أنه هو وجماعته تم التلاعب بهم من قبل قوى دولية عالمية وإقليمية، ونفذ أجندة إرهابية أطرافها إيران، وتنظيم الحمدين، وجماعة الإخوان المسلمين المؤسس الحقيقي للقاعدة على يد الظواهري وبأمر مباشر من مصطفى مشهور.
• متى تُسد شهية خالد عن القراءة؟
•• القراءة عالم موازٍ للعالم الواقعي، وإذا أحسن الإنسان الدخول إليه من بابه، لم يتسرب إليه ملل ولا ضجر، فضلاً عن أن يتوقف أو تسد شهيته، سأبدأ من البداية كان العالم في عيني مليئاً بالإثارة والمغامرات والأسرار الصغيرة التي تقطر براءة، كان ممتلئاً بالأحلام والشغف والأمل، كان شيئاً ملوناً بألوان زاهية، كثفها وركزها أكثر تعلمي للقراءة والكتابة قبل سن المدرسة، ثم عمود مجلات العربي والقافلة والمنهل غير المجلات الرياضية الذي يبلغ المتر تقريباً بجانب رأس سيدي الوالد -حفظه الله- الذي أَنْفرد به طيلة الصباح، وهو في عمله، ثم الكتب الأربعة التي جاءتني منه هدية نجاح بدلاً عن الدراجة التي تعلق قلبي بها وقتها، كأول نواة لمكتبتي الآن، ثم إعادة كتابة مادة المطالعة للصف الخامس من أولها إلى آخرها مرتين، كل هذا توقف كعالم واقعي مع نهاية الأربعة عشر ربيعاً التي بلغتها في يوم كئيب من الأيام، لتبدأ مراحل الخريف، القراءة وحدها هي التي اكتنزت لي عالمي الأثير الملون سكري الطعم زكي الرائحة، كنت أدخل عالمها كلما أردت الهرب من شيء ما، أختبئ هناك أجد الأمان والاطمئنان، أجد السلوى والفرح والموسيقى التي كانت محرمة علي حينها، عالم لا يدخله معي غيري، فهل يعقل أن تسد شهيتي عن مثل هذا الإكسير.
• على كم كتاب تحتوي مكتبتك تقريباً؟ وما الكتب التي يشكرها عقلك اليوم؟
•• ما أنا متأكد منه أنها تجاوزت الخمسين ألف عنوان، مع أني توقفت عن الحساب والعدِّ من عشر سنوات تقريباً، ولكن المكتبات الشخصية لا تقاس بالعدد، بل بالشغف والدأب والذكرى، وتقاس بالسنوات التي قضاها الكتاب مجاوراً لك يحتل حيزاً من مكانك وروحك.
والعقل يشكر كل نص ملهم، سواء كان من خلال كتاب، أو حتى من خلال مجلات الموضة والأزياء التي نسري بها الوقت في انتظار الحلّاق، العبرة ليست في الكتاب إنما في العقل الذي يتعاطى مع الكتاب، وعلى أي مرتكزات أو أسس ستنزل عليها النصوص المقروءة في العقل.
• يقول علي عزت: «إن الثقافة هي تأثير الدين على الإنسان وتأثير الإنسان على الإنسان» هل تتفق معه؟ وما علاقة الثقافة بالدين برأيك؟
•• وقبله قال محمود شاكر: «أركان الثقافة ثلاثة: الدين، واللغة، والتاريخ»، الدين علاقة بين العبد وربه، أياً كان هذا الرب، وأياً كان هذا العبد، وأياً كان هذا الدين، والمفترض ألا علاقة للدين لا بالثقافة ولا بالفن ولا بالسياسة، ولكن حماس الإنسان لمعتقده على مختلف العصور، نقل الدين إلى التعاملات واستعاض به عن الأخلاق، وتواطأ الناس على ذلك، إلى درجة أنك لو خالفتهم في هذا الأمر لكفروك وأخرجوك من الملة، ولذلك فإنني أتفق قسراً مع الأخ علي -رحمه الله-.
• تقول: «كنا نلعب لنفوز واليوم نلعب لتستمر اللعبة»، أي لعبة تقصد؟
•• الحياة لعبة صغيرة جداً، في بداياتها نلعب ونشاغب للفوز بكل لذة على أي مستوى، أعني لذة الفوز، في منتصفها ونهاياتها -أعني الحياة- نلعب ونتظاهر بالتلذذ، لنستمر في التواجد واللعب، هروباً من تسليم الخانة للاعب الاحتياط، لأن موقعنا سيكون على المدرجات بعد الخروج وليس دكة الاحتياط، ولن أشغل نفسي بكوني خارج الملعب أو على المدرجات، لأني حينها لن أشعر أين أنا؟!
• لو استمرت الصحوة السعودية خمس سنوات قادمة، ما تصورك لِما ستكون عليه الدولة؟
•• الدولة كيان ذكي، سيعرف كيف يحمي نفسه وشعبه، ولو استمرت الصحوة خمسين سنة وليس خمساً، مآلها ما آلت إليه اليوم، ولكن ضررها وهو ضرر بالغ التعطيل والتثبيط، ومسارعة شيخوخة المجتمع الذي ستثقل حينها حركته لتجديد شبابه، كما يفعل الآن.
• قُلت في إحدى مقالاتك: إن مسألة «الأسماء والأحكام» التي تدرّس في جامعاتنا الشرعية يجب أن يُسند أمر تعليمها للعلماء المعروفين بالعمق والتسامح، مثل من؟
•• مثل الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
• على أي الديار ستحط رحالك بعدما تُفتح الخطوط الجوية؟
•• الكائن النجدي في الشتاء، يتتبع مواقع المطر، ومنابت الكلأ، ويلاحق الكثبان والفياض، يسري مع الغيوم، وتحتها، ولا يروم مجاراتها أو الصعود فوقها، إلا صيفاً حينما تتعزز عليه.
• لمن تعتذر عبر هذا الحوار؟
••حينما أعتذر، أفضل الاعتذار وجهاً لوجه.
• قُلت: التطرف الإسلاموي منتج أوروبي قريباً. كيف سيتم ذلك؟
•• بفضل التسهيلات الكبيرة التي تقدمها الدول الغربية للجماعات الإسلامية، تعددت الكيانات الإسلاموية في أوروبا وأمريكا بشكل مخيف، وصار لها سيطرة كبيرة وتغلغل في المجتمعات الغربية، والتي نتج عنها دخول قطاع عريض من شباب تلك الدول في الإسلام عبر بوابة الجماعات التي تصور الإسلام كطائر جريح كسير الجناح، ولن ينتعش إلا بعودة قوته وعنفوانه بالجهاد، والذي بطبيعة الحال سينطلق منها، في ثوب جديد، وبعث جديد، بعد سنيات ليست بالبعيدة، إلا إن تدارك أصحاب الأجندات السياسية بلدانهم.
• الفتاوى في هذه الحقبة مطاطيّة أكثر من اللازم، ما الحل بنظرك؟
•• معاملة المتسلقين على الفتوى كمعاملة الرقاة ومطاردي الجن والشياطين في أجساد النساء، المحزن أن الناس اكتشفت فجأة بساطة الدين وسهولة الإسلام ويسره والتي كانت يغطيها كم هائل من فقهيات المشوهين نفسياً، وعاطفياً، المغيبين جمالياً وذوقياً.
ولا أفهم هذه الفتاوى المطاطية إلا في سياق واحد فقط وهو استعادة البساط الذي سحب من تحت أقدام متطرفي الأمس.
• علّقت قبل فترة قصيرة على إعلان أحدهم لمحل عصائر يقدمها بأسماء القبائل، وقلت إن المسألة تتجه للحضيض والتخلف، فهل التصنيف القبلي مزعج لهذا الحد؟
•• كلا، ليس مزعجاً، فهذا نسيجنا الاجتماعي، وواقعنا المجتمعي، فنحن مجتمع قبلي بالمقام الأول، وربما كان الولاء للقبيلة لدى البعض مقدماً على أشياء كثيرة، المطلوب منا في هذه المرحلة الدقيقة وما بعدها، أن يكون الولاء أولاً وآخراً للوطن، والوطن فقط، وأن يكون البعد القبلي معززاً لهذا التوجه والاتجاه، وهو ما نشاهد فعلياً من الكبار، والرؤوس، وإن شذت بعض الفلتات، فلا بد من الوقوف أمامها بحزم.
• لو جُبرت على إلغاء (تاقك) الشهير في توصياتك للقراءة، وأُتيح لك ثلاثة كتب تقترحها، ماذا تقترح؟
•• لسان العرب لابن منظور، وتاريخ الفلسفة لكوبلستون، وقصة الحضارة لديورانت.
• إلى متى كانت فلسطين قضيتك الأولى كمواطن سعودي؟
•• لم تكن قضيتي يوماً من الأيام، إلا أثناء المزايدات أيام صحويتي فقط، اليوم أنا مع الحق الفلسطيني في الدولة، وتقرير المصير كبلد عربي ومسلم، لكني لست معنياً به كبلدي، أو حتى معنياً به كدول الخليج ومصر.
• لو أُتيح لك لقاء شخصية تاريخية، من ستكون ولماذا اخترتها؟
•• هل يمكن أن ألتقي شخصية من المستقبل؟ إن كان ذلك ممكناً، فسيكون وزير الثقافة السعودي في المستقبل بعد مائة سنة من اليوم، لأسأله مجدداً، عن دور الأندية الأدبية، وجمعيات الثقافة والفنون؟! خصوصاً في ناحية الأمن الفكري، وتمكين المواهب الشابة.
• هل ستستمر العقوبات الأمريكية على إيران بعد تنحي ترمب؟
•• وهل يوجد عقوبات فعلية على إيران بترمب أو دونه، العقوبة الحقيقية هي التي تردع الإرهاب، وما عداه جعجعات فارغة.
• ما مدى إمكانية الصُلح الخليجي بعد تغير الرئاسة الأمريكية؟
•• لا علاقة لتغير إدارة البيت الأبيض بحماية الأمن القومي لدول ذات سيادة، والصلح الخليجي معادلة معقدة، وفقاً لمعطيات الواقع، ووفقاً لما ورطت قطر نفسها فيه، ولو تمت فستكون على ورق، وستنكث العقرب عهدها كالمعتاد، حينما يزول تنظيم الحمدين، أحدثكِ عن المصالحة الخليجية.
• هل ستتقلص أم تتفاقم الأزمة الإيرانية الشعبية بعد إمساك الديموقراطيين زمام الأمور في أمريكا؟
•• مأساة الشعب الإيراني الكريم، مستمرة ومزمنة، وأمريكا معنية بسلام إسرائيل، وتطبيع علاقاتها مع دول المنطقة، ولذلك تلعب بالورقة الإيرانية، والشعب الإيراني مطحون بين شقي الرحى، أما الملالي الحاكمون بأمرهم في طهران فهم في منأى عن كل تعب أو نصب.
• كيف ستكون حظوظ تركيا في ليبيا مع تدهور الليرة التركية وتحت ضغط الاتحاد الأوروبي؟
•• أحد أهم معالجات تركيا لتدهور اقتصادها وعملتها هو التدخل في ليبيا الغنية بالنفط، فتركيا تعمل في ليبيا من بدايات السبعينات الميلادية، وبعقود تجاوزت الأربعين مليار دولار، فوجودها هناك مصلحة إستراتيجية، الضغط الأوربي وحده قادر على الحد من تخبطات أردوغان وسياسته، إضافة إلى انتفاضة جياع مرتقبة في الداخل التركي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.