أسعار العقارات المعروضة للبيع في مكةالمكرمة «وهمية»، ووصلت إلى حد «التشبع» ومهددة بالتراجع بنسبة 30% خلال السنتين القادمتين، وتوجد نية لبعض المطورين لتجميد الأرض دون تطوير وتحقيق أرباح أعلى من تطويرها خلال أربع سنوات. هذا ما كشفه عقاريون وأكدوا عليه لصحيفة "الشرق" والتي نشرته في تحقيق لها نصه: قال رئيس مجلس مكيون للتطوير العقاري الدكتور مجدي حريري، إن العقار ارتفع إلى درجة أصبح عندها «متشبعاً» ومرهقاً لأعمال التطوير والاستثمار العقاري ولبناء شقق التمليك، مبيناً أن عائدات الإيجار لها محدودة من 3.5% إلى 5.3%، بينما كانت في السابق تصل إلى 7%، وأصبحت تتناقص مع ارتفاع أسعار الأراضي، وأثرت على عوائد العقار، مستبعداً عودتها للارتفاع مجدداً لأنها وصلت إلى حد التشبع. وقال «سعر المتر في مكة يتراوح من 3 آلاف إلى 5 آلاف ريال للمنطقة البعيدة عن الحرم المكي بمسافة تصل إلى عشرة كيلومترات». مبيناً أن «شراء الأرض بسعر متر يصل إلى 5 آلاف ريال، يعني أن بيع شقة التمليك بمساحة لا تتجاوز 140 متراً لا يقل عن 600 ألف ريال، وهذا سعر مرهق جداً للفرد، بينما السعر المعقول لنفس المساحة لا يتجاوز 400 ألف ريال، ولكي تصل لهذا السعر تحتاج إلى الابتعاد إلى منطقة خالية من الخدمات لتحقق نفس السعر». وأوضح أن دخل الفرد يستطيع تحمل نسبة شراء وحدة سكنية بحوالي 400 ألف ريال، وعندما تصل إلى سقف 600 ألف تكون مرهقة لدخل الفرد، مؤكداً أنه في مكة لا يمكن أن يبيع شقق التمليك بأقل من هذا السعر لسبب ارتفاع قيمة الأرض التي تم البناء عليها، مؤكداً أن نسب التعثر في السداد ضعيفة ومحدودة ولا تجاوز 5%، مشيراً إلى أن الأيسر للأفراد الاعتماد على نظام التقسيط في شراء العقار، مبيناً أن نسبة الكاش إلى التقسيط تصل إلى حوالي 15%، والنسبة المتبقية تعتمد على التقسيط. ولفت حريري إلى أن المطورين العقاريين لم يحققوا العائدات المنشودة، لذا يفضلون تركها جامدة دون تطوير، وقال «ترك الأرض جامدة دون بناء أو تطوير يحقق أرباحاً أعلى من الاعتماد على تطويرها وانتظار العائدات وحسابها، لذلك أصبح متداولاً بين المستثمرين تركها جامدة». وأكد حريري أن المشكلات التي تواجه المطورين تحمل تكاليف البنية التحتية المُعيقة للمطور العقاري عند بناء الوحدات السكنية، حيث يصطدم بتحميل تكاليف الخدمات من قِبل شركة الكهرباء والمياه. وصادق الخبير العقاري ثامر الضبيبان على وصول أسعار العقارات إلى حد «التشبع»، مدللاً بالصفقات العقارية في مكة التي تشهد ركوداً واضحاً، ويظهر ذلك وفق مؤشرات وزارة العدل مقارنة بالصفقات المعقودة في السنوات الخمس الماضية، مبيناً أن المؤشر بدأ في التصاعد تدريجياً منذ مطلع عام 2008 إلى أواخر 2012، وعاد يشهد ركوداً ملحوظاً مع دخول العام الحالي، وبرز على مستوى المخططات الطرفية خارج النطاق العمراني التي لم تصل إليها الخدمات. وأرجع الضبيبان أسباب وصول أسعار العقارات إلى درجة التشبع بسبب التعويضات المالية المجزية من قِبل الحكومة، التي جاءت معوضة للعقارات التجارية المزالة لصالح مشاريع الحرم وتطوير مكة، الأمر الذي ساعد بشكل مباشر على صعود الأسعار ووصولها لأرقام فلكية لا تناسب مستوى دخل الفرد. وقال: «الإزالات التي جاءت لصالح المشاريع شملت عقارات تجارية بالقرب من المنطقة المركزية للحرم، وبالتالي ضخت سيولة عالية، وبالتالي كان لابد من تعويضها باتجاه إنشاء مخططات سكنية ووحدات سكنية وبيعها بنظام شقق التمليك»، لافتاً إلى أن الإزالات لم تشمل الأحياء السكنية لدرجة تقفز بالأسعار لهذه المستويات. وأكد على أن في العام القادم ستزداد معاناة السوق العقاري واستمرار السبات، لافتاً إلى أن السوق العقاري في طريقه لبداية «المرض» الذي يدفع السوق للهبوط، وبدأت مؤشراته تبدو بارزة على مستوى إيجارات الوحدات السكنية في المخططات البعيدة. وشدد الضبيبان على أن الطلب على العقار طلب حقيقي ولا يمكن أن تقل معدلاته في السنوات القادمة، لكن هذا الطلب «غير مدعوم بمال» لدى الأفراد، مشيراً إلى أن القروض العقارية المقدمة من الصندوق العقاري ستدعم 12 ألفاً، وبمقارنتها مع حجم الطلب لا تساوي شيئاً، منوهاً إلى أنها ستحل فقط 5%. وأوضح الضبيبان أن أسعار الأراضي الحالية المعروضة لا يستطع الفرد بالدخل الحالي مقاومتها، وبات بمعدل الدخل قادراً على امتلاك أرض في مخططات تفتقد لمقومات الحي السكني المتكامل، لافتاً إلى أنه في حال عودة التجار إلى رفع الأسعار لمعدلات مبالغة وأعلى من الحالية فإنهم لن يجدوا من يشتري السلعة، وسيضطرون للبيع بأسعار أقل من المعروضة الحالية. وأكد أن العقار في مكة مهدد خلال السنتين بانخفاض الأسعار ليصل إلى 30%، مؤكداً أنه بمجرد انتهاء الحكومة من إنجاز المشاريع المقامة في مكة ستعود الأسعار حتماً لمستويات في متناول يد الفرد وتتناسب مع الدخل الحالي، مرجعاً العوامل الرئيسة في انخفاض الأسعار إلى ضعف القدرة الشرائية للفرد، وحاجة التاجر إلى السيولة، لذلك يلجأ مجبراً لتسييل كثير من عقاراته، مبيناً أن تأثير مشاريع الإسكان وحدها على الأسعار يصل إلى 8% سنوياً. وأكد أن الأسعار المعروضة الحالية وهمية وغير حقيقية، لأن التنفيذ عند البيع يتم بغير السعر المعروض، والحاجة إلى السيولة تدفع التجار حالياً إلى الرضوخ عند أسعار أدنى من السعر المعروض على العقار؛ نظراً لقلة المشترين، مشيراً إلى أن الانخفاض سيطال السكني أولاً ثم يلحق بالتجاري.