مر (فالنتاين) على السعودية هذا العام مرور الكرام، لم يكد يشعر به أحد ولم يتفاعل معه أحد. لم تتم مداهمة محلات الورد الأحمر، وبقي هذا الورد لمن يريد أن يشتريه في هذا اليوم أو أي يوم من أيام السنة. وهذا يعني أن الناس يندفعون تلقائيا ويتعاملون مع ما يُمنعون عنه أو ما يُحجر على اختياراتهم بشأنه. يعني لو قلت للناس غدا ممنوع أكل التمر فلن تبقى حبة واحدة منه في السوق، وسيلتهمونه عن آخره، بينما هو، قبل المنع، بالأطنان أمامهم ولم يلتفتوا إليه أو يعيروه انتباههم. أذكر أنني قبل سنوات كتبت شيئا من هذا القبيل بعد أن تعرض كل لون أحمر لهجمة ميدانية شرسة وصلت إلى (شباصات) شعر طالبات المدارس الابتدائية. لم يكن الناس وقتها على علم بالفالنتاين ولا معانيه ولا يومه السنوي. وبين عشية وضحاها أصبحوا كلهم فقهاء في هذا اليوم، وكلهم يريدون أن يهدوا وردا أحمر رغم ما كنا وما زلنا نعانيه من الجفاف العاطفي، حيث لا تعدو علاقتنا بالورد أكثر من رؤيته في الأفلام والمسلسلات الرومانسية. وبالتالي فإن من يتخذون موقفا من هذا اليوم أو أي يوم آخر لا يمنعون الناس عنه، كما قد يخيل لهم، بقدر ما يلفتون نظرهم إليه ويحثونهم عنادا على ممارسة طقوسه، باعتباره من الممنوعات أو المحرمات. إذا تُركت الأمور على طبيعتها واعتيادياتها فإنها تبقى طبيعية واعتيادية، وإذا حُملت أكثر مما تحتمل فإنها تصبح ضدية وتدخل في باب المماحكات والشد والجذب. وهكذا، بالمناسبة، مجمل أمور حياتنا التي قد لا تتفق مع هوى هذا أو ذاك فيسرف في توصيفها وفي تسجيل مواقفه منها إلى حد الإلغاء والقمع. تعودوا على أخذ الأمور ببساطة وستكتشفون كم أنتم مخطئون وكم أنتم متعسفون مع أنفسكم ومع غيركم.