من الحكمة ألا نهمل الاستعداد لجولة جديدة للتعلم في عامنا الدراسي الجديد، فقبل أن تبدأ بواكير أول يوم دراسي يكون أبناؤنا وبناتنا بحاجة إلى التهيئة التي تساعدهم على بداية نشطة في تعلمهم. إن استئناف الدراسة يذكرنا باستحقاقات رؤية المملكة 2030 في مجال التعليم، التي دعت الجميع إلى الاضطلاع بنصيبهم من المسئولية والمشاركة في تحقيق أهداف هذه الرؤية. ويمكن اقتراح أربع خطوات للاستعداد، بعد عطلة صيفية طويلة ألِف فيها أولادنا النوم والاستيقاظ في أوقات متأخرة، أو الانقطاع الكلي عن القراءة، أو الانخراط في علاقات الأقران في عالمهم الخاص، أو التخفف من أية واجبات أو مسئوليات بيتية... الخ. تنفيذ هذه الخطوات يشمل المتعلم والأسرة والمدرسة أو الجامعة والمجتمع في رسائل الدعوة والإعلام والجهات التربوية ذات الصلة. الخطوة الأولى: تحفيز الرغبة الذاتية في استئناف التعلم: نتوقع من أجواء التعلم التي خبرها طلابنا أن تنطلق إلى التحفيز، من خلال توفير بيئة تعليمية محببة ورسائل تبشر بوجود تغييرات جاذبة لاهتمام الطلاب، وبوسعهم أن يسهموا بالتزامهم وحماسهم في الجهود الجارية لتحسين بيئة التعلم. إن استشعار قيمة العلم وإخلاص النية يصنعان تغييرا ملموسا في طموح الطلاب نحو التعلم وينبغي أن يترسخ في وجدانهم أن العلم فريضة شرعية وضرورة عصرية. من المهم حيازة نظرة إيمانية مؤسسة على قيم الدين العليا لوضع العلم في مكانته اللائقة فالإسلام يطلب الاستزادة من العلم قال تعالى: (وقل ربِّ زِدني عِلمَاً) سورة طه 114. وقال صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة) رواه البخاري. الكاتب التربوي جون هولت John Holt يقول: إن «حاجة الاولاد الى فهم العالم المحيط بهم وتنمية مهاراتهم كبيرة جدا بحيث تضاهي حاجتهم الى الطعام والراحة والنوم». ويؤكد أنه «ما من قوة تؤجج رغبة الولد في التعلّم اكثر من التعاون بين الوالدين والمعلمين». الخطوة الثانية: ضبط مواعيد النوم والاستيقاظ: لابد من التوقف عن السهر لساعات متأخرة من الليل، وتنظيم وقت النوم والاستيقاظ حتى ينتظم الابن ويعتاد على مواعيد الاستيقاظ والنوم مبكرًا. ومن الأجدى أن تكون مواقيت الصلاة هي موعد بداية و نهاية، فالبداية لصلاة الفجر في وقتها تمنح الوقت بركات مضاعفة لليوم وحسن الاستعداد لليوم الدراسي. تقول جولى مورجنسترن Julie Morgenstern خبيرة إدارة الوقت: «قد تعتقد أن الاستيقاظ المبكر هو مجرد مسألة من الانضباط، ولكنه في الواقع أكثر من ذلك بكثير، والحقيقة أنك أنت من قمت ببناء نظامك البيئى بأكمله»، والطريقة الوحيدة الناجحة هي تحديد موعد ملزم لجسمك للنوم فيه. الخطوة الثالثة: التخطيط والتجهيز المسبق: إن مشهد الوقت الصباحي للذين لم يعتادوا التنظيم والتخطيط يكون مربكا للغاية، ويؤدي إلى التأخير عن بدء الدوام الدراسي، لذلك لابد من توفير كافة المستلزمات من الأدوات والملابس وتحضير الحقيبة المدرسية ليلا قبل النوم أو كتابة ما يرغب في أخذه معه لمدرسته في مكان ظاهر في حجرته وقريب من المكان الخاص بحفظ مقتنياته الخاصة لتفادي مضيعات الوقت. الخطوة الرابعة وضع الأهداف للعام الدراسي الجديد: ومن المفيد هنا أن يكتب الطالب عن أهدافه وأحلامه في العام الدراسي الجديد، وما الفرص المتاحة والمتوفرة التي يمكنك استغلالها لتحقيق ما ترغب في تحقيقه؟ وكيف يمكنك استغلالها؟ والارتقاء الحقيقي هنا أن ترتبط تلك الأهداف الشخصية بالرؤية المستقبلية للتعليم في موطنك. من الحكمة التدرج في تغيير صورة الحياة اليومية للبيت في الإجازة لتناسب صورة الحياة اليومية الدراسية في عامها الجديد.. إن لم تكن بدأت فابدأ الآن.
