أي مجتمع حي هو من يكون العمل الخيري والتطوعي لديه ركيزة أساسية توازي العمل العام والعمل الخاص أو الأهلي. في المملكة اقتصر أغلب العمل الخيري علي توزيع الملابس المستعملة والأغذية وبعض المساعدات الموجهة للأسر المحتاجة واقتصر ذلك العمل على مجموعات صغيرة من المؤسسين وهيئة إدارية هي محور هيكله اغلب المؤسسات الخيرية. ولم يفتح المجال لدعم ذلك العمل بشكل أوسع ودمجه مع العمل التطوعي ناهيك عن ضعف الشفافية في تلك الجمعيات وعدم معرفة مواردها وميزانياتها والعمليات المالية والحسابية لها. اليوم مجتمعنا ورجال أعماله لديهم رغبة صادقة وقوية لممارسة العمل الخيري والتطوعي بشكل أوسع وبتقديم منتجات متنوعة ومختلفة تخرج عن الإطار التقليدي، وعدم التركيز على بناء المساجد بينما هناك قنوات أكثر تأثيرا على حياة الناس والمجتمع وتمس حياتهم بشكل مباشر، ولدى رجال الأعمال القدرة المالية والملاءة المالية العالية لدعم تلك الأنشطة ولكن يحتاجون الى من يرشدهم ويوظف تلك الإمكانات والموارد بشكل مقنن وموجه لتحقيق العديد من الأهداف والأنشطة والفعاليات. اليوم ومع التوجه الى تقنين الانفاق الحكومي على الخدمات و تأثر الصيانة والتشغيل لكثير من المنجزات التي تم بناؤها وتأسيسها مسبقا ..اعتقد ان دور المجتمع المدني لابد ان يكون أكثر ايجابية وتفعيلا، وبالمقابل لابد ان تفتح الكثير من القنوات والوسائل لكي يمارس الناس العمل الخيري والتطوعي بعيدا عن البيروقراطية الحكومية التي لا ترحم ولا تجعل رحمة الله تنزل على العباد... فمن غير المنطقي ان تكون المدرسة في الحي مغبرة في اول يوم دراسي وغير متهيئة كبيئة دراسية، لان الشركة المسئولة عن الصيانة غير موجودة اما لأنها ما اخذت مستخلصاتها المالية او لأنها كبرت اللقمة واخذت عدد مدارس اكبر من طاقتها، او لان مدير او مديرة المدرسة والاداريين عايشين في عسل الاجازات ويداومون مع الطلبة، وبالمقابل الناس والمجتمع المستفيدون من المدرسة والذين يسكنون حولها مكتوفو الايدي ولا يسمح لهم بممارسة العمل الخيري والتطوعي داخل مدرستهم كالنظافة والتجميل...الخ. ومن غير المنطقي ان نجد شارعا تموت اشجاره واقفة وامام انظار المجتمع لان شركة الصيانة الخاصة بالتشجير انتهى عقدها اما لاسباب مالية او بيروقراطية واهمال. ومن غير المنطقي ان يكون دور البلدية والعمل البلدي الرقابة وجمع المزيد من الرسوم وتترك الاحياء بيئة ملوثة بالمناظر غير السارة وشوارعها وارصفتها محفرة، والمطلوب من الناس القبول بالواقع دون مشاركة او اتاحة الفرصة لهم ان يصلحوا ما افسده غيرهم، وهم في اخر المطاف المنتفعون من أي عمل إيجابي على الأرض وأول المتأذين منه عدد سكان المملكة من مواطنين ومقيمين يربو على ثلاثين مليون نسمة، ماذا لو ان عشرين في المائة انخرطوا في الاعمال الخيرية والتطوعية الموجهة لخدمة المجتمع في المجال البلدي والتعليمي والصحي والصيانة والرقابة...الخ؟ كم من المتقاعدين والمتقاعدات وربات البيوت والشيوخ الذين لديهم الوقت لكي يخصصوا بعضا منه للخدمة الخيرية، حتى وان كانت بمبالغ رمزية تدفع من إيرادات تلك المؤسسات ومن مؤسسات المسئولية الاجتماعية؟ كم من رجال الاعمال والمقتدرين حاليا ومحبي الخير والصدقة الذين إذا اتيحت لهم المنتجات والقنوات الوطنية والهبات والوصايا...الخ. اعتقد ان لدينا ماردا من العمل الخيري والتطوعي يحتاج الى ان يصحو من غفوته.