ارتفاع أسعار الذهب    550 نباتاً تخلق بيئة نموذجية ب"محمية الملك"    وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع "كوليبالي"    "المرويّة العربية".. مؤتمر يُعيد حضارة العرب للواجهة    أمطار ورياح مثيرة للأتربة على عدد من المناطق    برعاية ولي العهد.. 600 خبير في ملتقى الرياض لمكافحة الفساد    مساعدات إيوائية لمتضرري سيول حضرموت    تفاصيل صادمة ل«طفل شبرا».. شُقَّ صدره وانتُزعت عيناه وقلبه لبيعها    «كلاسيكو» تأكيد الانتصار أم رد الاعتبار ؟    اللذيذ: سددنا ديون الأندية ودعمناها بالنجوم    السعودية.. الجُرأة السياسية    برئاسة آل الشيخ.. إحالة تقارير ومقترحات ل«الشورى»    80 شركة سعودية تستعرض منتجاتها في قطر    5 مشروبات تكبح الرغبة في تناول السكَّر    سمو ولي العهد يهنئ ملك مملكة هولندا بذكرى يوم التحرير في بلاده    انطلاق بطولة كأس النخبة لكرة الطائرة غدا    محافظ الطائف يناقش إطلاق الملتقى العالمي الاول للورد والنباتات العطرية    «عكاظ» ترصد.. 205 ملايين ريال أرباح البنوك يومياً في 2024    المجرشي يودع حياة العزوبية    القضية المركزية    تدخل عاجل ينقذ حياة سيدة تعرضت لحادث مروري    وصول التوءم السيامي الفلبيني إلى الرياض    السعودية وأميركا.. صفحة علاقات مختلفة ولكنها جديدة    وزير الموارد البشرية يفتتح المؤتمر الدولي للسلامة والصحة المهنية    فيصل بن نواف: جهود الجهات الأمنيّة محل تقدير الجميع    تقويم لائحة الوظائف والنظر في المسارات والفصول الثلاثة.. ماذا تم..؟    ثلاثة آلاف ساعة تطوعية بجمعية الصم بالشرقية    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على بدر بن عبدالمحسن    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    صندوق البيئة يطلق برنامج الحوافز والمنح    هدف لميسي وثلاثية لسواريس مع ميامي    القادسية لحسم الصعود أمام أحد.. الجبلين يواجه العين    فيصل بن مشعل: يشيد بالمنجزات الطبية في القصيم    شاركني مشاكلك وسنبحث معاً عن الحلول    وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع "كوليبالي"    "سلمان للإغاثة" يُدشِّن البرنامج الطبي التطوعي لجراحة القلب المفتوح والقسطرة بالجمهورية اليمنية    أمراء ومسؤولون وقيادات عسكرية يعزون آل العنقاوي في الفريق طلال    فلكية جدة : شمس منتصف الليل ظاهرة طبيعية    باسم يحتفل بعقد قرانه    البحث عن حمار هارب يشغل مواقع التواصل    60 طالباً وطالبة يوثقون موسم «الجاكرندا» في «شارع الفن» بأبها    أبها تستضيف أول ملتقى تدريبي للطلاب المشاركين في برنامج الفورمولا 1 في المدارس    الدور الحضاري    رحيل «البدر» الفاجع.. «ما بقى لي قلب»    المعمر، وحمدان، وأبو السمح، والخياط !    ورحل البدر اللهم وسع مدخله وأكرم نزله    عزل المجلس المؤقت    تأملاّيه سياسية في الحالة العربية    يوفنتوس يتعادل مع روما في الدوري الإيطالي    "جاياردو" على رادار 3 أندية أوروبية    تقدير دعم المملكة ل "التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب"    مهرجان الحريد    إستشارية: الساعة البيولوجية تتعطَّل بعد الولادة    آل معمر يشكرون خادم الحرمين الشريفين وولي العهد    النملة والهدهد    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    كيفية «حلب» الحبيب !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأجر لا ينحصر في بناء مسجد!
مجالات العمل الخيري تشمل كل مايلامس احتياجات المجتمع في التعليم والعلاج والأوقاف والخدمات التطوعية
نشر في الرياض يوم 07 - 08 - 2015

من الجوانب المشرقة في مجتمعنا ما عرف به من ريادة في العمل الخيري في جميع بلاد العالم، حيث تعددت مشروعاته الخيرية التي يقف خلفها إما مؤسسات خيرية أو المحسنون، إلا أنّها في مجملها كانت موجهة نحو الاستجابة للاحتياجات الآنية المتعلقة بالصدقات أو المعونات، حتى أصبح معظمها يقتصر على بناء المساجد، وحفر الآبار، ورعاية الأيتام، في حين أنّ مفهوم العمل الخيري أوسع من أن يكون إعطاء مال لإطعام مسكين، وإنما هو ثقافة عامة تشمل كل أنشطة المجتمع، من ثقافة، وتعليم، ومواساة، ودعم، وعلاج نفسي، واجتماعي، وروحي، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن غياب التنوع في مجالات العمل الخيري؟ وما هي أهم متطلباته وسبل دعمه لتحقيق الريادة والاستدامة؟
أموال أهل الخير بحاجة لعمل
مؤسّسي يرتكز على «النوعية والاستدامة» لاستثمارها فيما يخدم المواطن بعيداً عن التقليدية
توفير الاحتياجات
في البداية أكّد الدكتور عبدالرحمن الهيجان –عضو مجلس الشورى في لجنة الإدارة والموارد البشرية – على أنّ العمل الخيري أو عمل المنظمات غير الربحية أو منظمات المجتمع المدني هي مستقبل عمل حكومات العالم المتقدمة منها والنامية، مبيّناً أنّ حكومات دول العالم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تغطي ميزانياتها احتياجات مواطنيها والمقيمين فيها أو بمعنى آخر متطلباتها الداخلية والدولية، لذلك كان لزاماً أن يكون للعمل الخيري دور أكبر في المستقبل في توفير احتياجات ومتطلبات المواطن، موضحاً أنّ الوضع في العالم الإسلامي كما هو الحال بالنسبة للعالم أجمع قد تغير فيما يتصل بمجالات العمل الخيري، حيث أصبحت هناك مجالات جديدة.
وقال: "لقد أدركت ثقافة العمل الخيري في المملكة هذا التوجه حيث بدأ العمل الخيري فيها يتجه نحو مجالات جديدة مثل التعليم والصحة والترفيه، بل لقد تم عقد المؤتمرات لهذا التوجه، وأصبحت مجالات العمل الخيري في المملكة الجديدة ليست غامضة بل واضحة ومحدودة"، لافتاً إلى أنّ التوظيف يأتي كأحد أهم قضايا المجتمع في الوقت الراهن والمستقبل حيث يمكن من خلال الأعمال الخيرية الإسهام في معالجة هذه القضية، كذلك فإن التعليم وإتاحة مقاعد وفرص التعليم سيكون أيضا مجالا آخر من مجالات العمل الخيري وذلك نظراً لحاجة المجتمع إلى هذه الخدمة، إلى جانب التوظيف والصحة فإن مجالات مثل الأمومة والطفولة ورعاية كبار السن والاستفادة من خدمات وخبرات المتقاعدين ستكون مجالات مهمة جدا بالنسبة للعمل الخيري في المستقبل، بل إنّ التنمية بكافة أنواعها ستكون مجالا واسعا من مجالات العمل الخيري سواء ما تعلق منها ببناء الإنسان أو تقديم الخدمات.
تأسيس جمعيات متخصصة في علاج المحتاجين خطوة رائدة في العمل الإنساني
وأضاف أنّ التقنية والاستفادة منها جانب ايضا مهم من جوانب العمل الخيري بل هي جانب ملح نظرا لحاجة الأمم إلى السيطرة على توسع نتائج التقنية والابتكارات، مشيرا إلى أن تقنية اليوم هي مجال الموهوبين وستكون رعاية هؤلاء الموهوبين مجالا مهماً وثريا من مجالات العمل الخيري في المستقبل، مؤكّداً أنّه لا يمكن حصر مجالات العمل الخيري الرائدة في المستقبل كاشفا عن أهمية الحاجة إلى وضع أنظمة واضحة بشأن ممارستها والعمل عَلى نشر ثقافتها وتعزيزها ودعمها ماديا، مشيراً إلى أنّه من المهم أنّ ندرك أن مجالات العمل الخيري الجديدة الرائدة لن تكون مجرد محطات لصرف الميزانية بل ستكون موارد مالية مهمة بالنسبة للأفراد والمجتمع وهو ما سيعزز توجه الحكومات نحو دعم ومساندة قطاع المنظمات غير الربحية أو منظمات القطاع الثالث.
التقليدية والرتابة
ومن جانبه أوضح الدكتور إبراهيم الحيدري –مختص في إدارة العمل الخيري- أنّ القطاع الخيري في المملكة قطاع ناشئ ومع الاهتمام الذي نشهده مؤخراً من الجانب الحكومي والمجتمعي إلاّ أنّ الطريق ما زال طويلاً لكي يصبح القطاع قطاعاً ناضجاً يتسم بالكثرة والتنوع والابتكار، مبيّناً أنّ أي قطاع ناشئ عادة يتصف بمجموعة من الصفات، ولعل من أبرزها السمة التقليدية على مستوى الخدمات المقدمة وعلى مستوى أساليب العمل، مرجعاً ذلك إلى عدة أسباب، أهمها أنّ القطاع الخيري وليد بيئته، ولا يمكن الحكم عليه بمعزل عن المجتمع الذي يعمل فيه، فالتقليدية والرتابة سمة تغطي أغلب مناحي حياتنا، وهذا الرأي ينبغي ألا يحجب المبادرات الرائعة والجهود الحثيثة التي تبذل من العاملين في القطاع الخيري المعاصر لتطوير الأداء والتفكير خارج نطاق الصناديق التقليدية لإيجاد حلول إبداعية لمشكلات المجتمع.
وأضاف أنّ العمل الخيري ظهر في وقت كانت الحاجات المجتمعية تنمو وتتزايد بشكل كبير، مما جعل القائمين على المنظمات الخيرية منشغلين بتلبية الحاجات الأساسية للمجتمع وبذل قصارى جهدهم في ملاحقة تطلعات المحتاجين منها وهذا ما أظهر لدينا ما يسمى بالجمعيات الخيرية الشمولية التي تقدم نطاقا عريضا ومتنوعا وكثيرا من الخدمات الخيرية، فالقطاع الخيري الآن يتكون من جمعيات خيرية 60% منها جمعيات شمولية أو ما نسميها بجمعيات البر، لافتاً إلى أنّ القطاعات الناشئة تكثر المحاكاة والتقليد، فالقائمون على المنظمات الخيرية وحتى أفراد المجتمع الداعمون يميلون إلى محاكاة من سبقوهم مما ولد لدينا نمطية في العمل الخيري على مستوى طرق العمل وعلى مستوى الخدمات التي تقدمها الجمعيات الخيرية وعلى مستوى رغبات المتبرعين الخيرية كذلك.
البعض يبني مسجداً ثم يهمل من جانب الصيانة والنظافة
وأشار إلى أنّ من الأسباب تأثر أفراد المجتمع بالنصوص المباشرة المحفزة لعمل الخير فتجد أن أكثر الأعمال الخيرية والصدقات موجهة لأعمال خيرية تستند إلى نصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة كبناء المساجد وسقي الماء وهي أعمال جليلة ولا شك إلا أن الإسلام دين شمولي: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)، والأقل من الناس من يتمثل النظرة الشمولية في الإسلام على مستوى العبادة والمعاملات ومن ذلك الأعمال الخيرية، مبيّناً أنّ من الأسباب كذلك سيطرة كبار السن على القطاع الخيري في الفترة الماضية، ولا شك أنّ للعمر أثره في تبني طرائق العمل وطبيعة الحلول المتبناة في حل المشكلات المجتمعية.
استدامة المشروعات
وفي السياق ذاته لفت الدكتور سعد صالح الشهيب –أستاذ واستشاري أمراض الكلى بجامعة الملك عبدالعزيز– إلى أنّ العمل الخيري لتماسك المجتمعات وتخفيف المعاناة فيها وخاصة في المجال الصحي، فمن يعرف معاناة المرضى يدرك مدى حاجتهم للمساعدة، موضحاً أنّ معاناة المرضى تزيد أكثر مع غلاء العلاجات وخاصة الأورام، مبيّناً أنّ العمل الصحي في كثير من الدول يعتمد على ثلاثة محاور: القطاع الحكومي، والخاص، والخيري، ولابد من سند القطاع الخيري ليكون شريكاً في العمل الصحي، وبعض الجمعيات لدينا ضربت مثالا رائعا في تقديم العمل الخيري الصحي.
وأضاف أنّه من الضروري تقنين العمل الخيري وتنظيمه، والاعتماد على النوعية فيه، ووضع خطط واضحة للعمل به، خاصة قضية الاستدامة، وذلك بعمل مشروعات وقفية تدر على المشروع، حتى يستمر ولا يتوقف فقط على التبرعات، كما يجب مضافة جهود التوعية والتثقيف وكذلك دعم طلاب الطب والمجالات الصحية الأخرى، مستشهداً ب"مايو كلينيك"، والتي تعد من أفضل المؤسسات الصحية في العالم، حيث بدأت كمشروع خيري، جازماً أنّ كثيراً من أصحاب الأموال في هذه البلاد لديهم الرغبة الشديدة للمساهمة بذلك، لو وُجِدَ عمل مؤسسي متميز ويركز على النوعية والاستدامة، مؤكّداً أنّ العمل الخيري بدأ بالاتجاه في هذا الطريق، وهناك مؤسسات عدة قطعت مشوارا في ذلك وإن كانت الحاجة أكبر.
يمكن للمحسنين وقف مجموعة من الأجهزة الطبية التي يحتاجها المرضى
الأمن الاجتماعي
وأشار إلى أنّ نمو العمل الخيري سيكون مصدراً للأمن الاجتماعي، وإزالة الطبقية فيما لو تم دعمه وتشجيعه ووضع أسس لذلك، منوهاً بضرورة دراسات ومعرفة أين تكون الحاجة في العمل الخيري وكيفية دعمه وابتكار أساليب جديدة، لافتاً إلى أنّ دور المرأة مهم في دعم العمل الخيري فهي الأقدر على تثقيف النساء ودعمهن وحل مشاكلهن الاجتماعية، ومن ذلك عمل دورات للنساء قبل الزواج، وكذلك دورات للتعامل مع ضغوط الحياة مع الدعم النفسي والاجتماعي لمن يمر بمنعطفات الحياة.
د. عبد الرحمن الهيجان
د. سعد الشهيب
أعمال جديدة
واعتبر عادل بن عبدالله السلطان -المشرف العام على مجمع نورين الدعوي- أنّه مع وجود ضخ كبير في الأعمال المعروفة والمشهورة وهي تستحق إلا أننا نلمس بداية تنوع في تلك المجالات، ولكن لم يسلط الإعلام الضوء عليها، حيث نرى صعودا مطردا وتغيرا للأفضل عما سبق حتى وصل إلى إيجاد أوقاف خاصة بالشأن العلمي كما في الجامعات السعودية، بل وجدت مؤسسات متخصصة في الشأن الخيري تساعد المتبرع أو الموقف أو الموصي على لفت انتباهه إلى أعمال جديدة تنفع المجتمع بشكل عام، ومن الأشياء المستجدة الحالية تنظيف الشواطئ، وقد بدأ يتنامى بوضوح، وكذلك بدأ الاتجاه إلى ملاحظة دورات المياه في السفر وغيرها.
وأضاف أنّ المساحة أكبر وأوسع وما زالت هناك أمور أخرى تحتاج للنظر، منوهاً بأنّه يجب على الوزارات والهيئات المعنية بشكل عام ووزارة الشؤون الاجتماعية والجامعات تقديم دراسات متنوعة لمعرفة الحاجات الفعلية للأعمال الخيرية التي يجب العناية بها، لافتاً النظر لما هو نفعه متعدّ، ولا يعني هذا ترك القديم فتنوع الأعمال سيكون خيراً للمجتمع بإذن الله.
وأشار إلى أهمية تقديم العديد من الاجتماعات الدورية وورش العمل واللقاءات والزيارات المتنوعة الداخلية والخارجية وعمل الدراسات العلمية ومعرفة الاحتياجات الفعلية والاتجاهات المهمة لجمع أكبر عدد من الأعمال الخيرية ونشرها في المجتمع والاهتمام بالأعمال التي تساعد كل بيئة لتجديد ما تتطلبه المنطقة بشكل خاص، مقترحاً تذكير الخطباء في المساجد وأصحاب المنابر في القنوات الفضائية والمهتمين في البرامج الاجتماعية وغيرهم بمجموعة من الأمور التي تزيد وتثري ثقافة المجتمع، ومنها التذكير بحديث شعب الإيمان المشهور الذي يدل على كثرة الأعمال الخيرية ثم ذكر أن أدناها "إماطة الأذى عن الطريق" مما يدل على مساحة واسعة من الأعمال الخيرية الممكنة.
د. إبراهيم الحيدري
عادل السلطان
طفرة معرفية
ورأى أديب بن محمد المحيذيف -مستشار إداري في القطاع الخيري– إنّ القطاع الخيري في المملكة في السنوات الأخيرة يشهد طفرة معرفية، حيث طبق المهتمون بالقطاع الخيري المبادئ الإدارية والتنظيمية بشكل متميز، ودخل في القطاع العديد من المتمكنين والمتخصصين الذين أثروا وطوروا العمل الخيري، مبيّناً أنّه مع تفعيل دور المؤسسات المانحة والمؤسسات الوقفية بدأ القطاع الخيري في المملكة يتجه لإنشاء مشروعات ومبادرات نوعية وجديدة تخدم فئات من المجتمع لم تكن مخدومة من قبل.
وأضاف إن القائمين والمهتمين بالقطاع الخيري استطاعوا من خلال تراكم الخبرات وتطوير الأدوات أن يرفعوا درجة الوعي لدى كثير من المحسنين ورجال الأعمال وعموم أفراد المجتمع بأهمية التوجه لدعم ومشروعات جديدة تهم المواطن والمجتمع كالدخول في التعليم والصحة والمشروعات التقنية والإعلام، وهذا ما تؤكّده الصكوك الوقفية الصادرة من المحاكم الشرعية، حيث زادت مصارف الأوقاف وتنوعت، مبيّناً أنّ العمل الخيري في المجالات الجديدة لا زال في بدايته ولا زال المجتمع بحاجة لضخ العديد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية المتخصصة.
استغلال طاقات الشباب
وأشار إلى أنّ المجتمع شاب ونسبة الشباب تقارب نصف عدد السكان؛ لذا فعلى كل المهتمين والغيورين المبادرة والمسارعة في طرح الأفكار والمشروعات للاستفادة من هذه الطاقات، مطالباً بإنشاء مؤسسات داعمة ومانحة متخصصة لأن توفير الموارد المالية يساعد كثيرا على قوة بدايات المشروعات التنموية والجديدة والتي غالبا لا تملك رأس المال التشغيلي، وإنشاء حاضنات للأعمال التنموية والاجتماعية وذلك لرعاية أصحاب المبادرات من الشباب وتأهيلهم وتوفير الاحتياجات المالية والمادية والبشرية التي تعينهم على البدء في مشروعاتهم الخيرية والتنموية.
وأكّد على أهمية إنشاء بيوت خبرة تقدم الدعم المعرفي والاستشارات سواء الإدارية أو الاقتصادية ودراسة الجدوى، وإنشاء مركز معلومات تقني يحدد المجالات الخيرية المتوفرة والتي لا تحتاج لمزيد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية المشابهة في نفس المجال، وكذلك يحدد المجالات الخيرية التي يعاني المجتمع من ندرتها، بالإضافة إلى دور وزارة الشؤون الاجتماعية في تخفيف الإجراءات الطويلة للراغبين في العمل الخيري وإتاحة الفرصة لإنشاء جمعيات متخصصة وتطوير لائحتها التنفيذية بما يتواكب مع التطورات الاجتماعية وحاجات الناس، وكذلك دور وزارة التجارة في إيجاد نظام للشركات والمؤسسات غير هادفة للربح وتيسرها لأفراد المجتمع الراغبين في تقديم خدمات نوعية وغير ربحية تحت مظلة وزارة التجارة، مع القيام بحملات تسويقية وتوعوية لأفراد المجتمع بأهمية العمل الخيري والتطوعي بوسائل وأساليب تسويقية جديدة تتوافق مع طبيعة وثقافة الشباب في عصر وسائل التواصل الاجتماعي.
إشراك الشباب أولى خطوات التجديد في العمل الخيري
أكد الدكتور إبراهيم الحيدري أنّ على المنظمات الخيرية والأفراد مسؤوليات مشتركة لتبني ثقافة التجديد في العمل الخيري، ومن ذلك التركيز والتخصص، من خلال إنشاء منظمات خيرية متخصصة في مجال أو مجالات محددة التخصص؛ مما سيولد التركيز، الذي يعد شرطا أساسيا للإبداع والابتكار، لأنّ التركيز يمنح صاحبه الإلمام والخبرة، مما يؤهله للخروج بحلول إبداعية وتجربة أساليب جديدة في سد حاجات المحتاجين.
وأضاف أن وزارة الشؤون الاجتماعية تبنت مشكورة في الآونة الأخيرة تحفيز الجمعيات الخيرية المتخصصة وتشجع أفراد المجتمع لإنشائها، إلى جانب الاحتراف، فلكي ننتظر من المنظمات الخيرية دوراً محورياً وحلولاً إبداعية وخدمات ابتكارية، فإنّ علينا أن نشجع الاحترافية بين العاملين في القطاع بحيث يتولى المؤهلون وأصحاب الخبرة قيادة المنظمات الخيرية وإدارتها وتصميم برامجها بأساليب لا تقبل تحمل نتائج مبدأ "التجربة والخطأ"، أو القبول بأنصاف الحلول والنجاحات.
وأوضح أنّه يجب أن يكون المستفيد أولاً، حيث تختلف منطلقات الجمعيات الخيرية فبعضها يسيطر عليها رغبات المؤسسين وبعضها يسيطر عليها رغبات المتبرعين والأفضل أن تكون الجمعية الخيرية منقادة بحاجات المستفيدين من خدماتها، وعندما يكون المستفيد هو محور المنظمة الخيرية فإن القائمين عليها سيبذلون قصارى جهدهم في فهم حاجات وابتكار الخدمات الأكثر مناسبة لسد هذه الحاجات، والتقييم المستمر لمستوى الإشباع والرضا بحيث تكون المنظمة الخيرية في تجدد دائم، إلى جانب رفع وعي المتبرعين، وهذا عامل مهم فلقد شاع في الماضي أن ينتهي دور المتبرعين بتقديم تبرعاته للمنظمة الخيرية ممثلا بذلك دور الداعم فقط، والمفترض أن يعي المتبرع أن عليه مسؤولية أكبر من مجرد تقديم الدعم للمنظمات الخيرية فهو مطالب بأن يحمل هم القضية التي يتبرع من أجلها ويكون شريكاً للجمعية الخيرية في أداء رسالتها وهذا سيجعل المتبرع أكثر حرصاً على التأكد من اختيار المشروع الأكثر مناسبة للمحتاجين مما سيجعل المجمعية الخيرية أمام مسؤولية البحث عن الأساليب المتنوعة والمبتكرة في خدمة المحتاج بما يحقق حاجات وبما يحقق تطلعات المتبرعين، مشيرا إلى ضرورة دمج الشباب في قيادة المنظمات الخيرية، فالشباب يحملون روحاً تواقة وتفكيراً متجدداً بعيداً عن الرتابة والتقليدية، وشريحة الشباب شريحة كبيرة في المجتمع السعودي وتظهر ميولاً واسعة للأعمال التطوعية في الآونة الأخيرة، إلاّ أنّ الملاحظ أن أغلب أعضاء مجالس إدارات الجمعيات الخيرية عندنا في المملكة هم من كبار السن، ومع أننا نقدر لكبار السن الخبرة التي يمتلكونها والمكانية الاجتماعية التي ينفعون بها جمعياتهم الخيرية، إلا أن تطعيم مجالس الإدارة بالروح الشبابية ستنعكس على المجلس وقراراته بأن تكون أكثر تجدداً وإبداعا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.