■■ الأربعة الأعوام الماضية كبر الجدل حول موت بطيء للصحافة الورقية، بل إن من رحلوا عنها لسبب أو لآخر، شبهوا الوضع بأن المؤسسات الصحفية ستغلق أبوابها وستسرح موظفيها في أقرب فرصة، وفي الوقت الذي ذهب الجدل لليمين وللشمال وللتجربة الأمريكية والأوروبية، كانت أربع مؤسسات صحفية محلية تغلق حساباتها السنوية بمبيعات تزيد على المليار ونصف المليار ريال من سوق إعلاني فاخر. ■■ وبداية أقول: إن الصحافة مهنة باقية كغيرها من المهن والصناعات، تختفي الوسيلة نعم، لكن تبقى المهنة وتتطور من وسيلة إلى أخرى سواء أكانت رقمية أو غيرها، فالتليفزيون هو صحافة ولكنها صحافة فضائية فيها مقدم ومحرر ومعد ورئيس تحرير، وجميعهم خريجو الصحافة الورقية. ■■ أيضا المواقع الإلكترونية «غير الدول العربية إلا ما ندر» هي صحافة محترفة رقمية، بها الخبر الموثوق وبها الصحفي والمراسل المحترف، وبها مدير للتحرير وفيها رئيس تحرير، وفيها خطة عمل وبرنامج يومي يغذي القارئ بالخبر الخاص وبالتحليل والتعليق. ■■ لكن الآن وفي زمن التحولات السريعة في المحيط المحلي، جاء الخلط في وضع المؤسسات الصحفية العاملة في السوق، فهناك مؤسسات أصلا لا تربح بل إن بعضها يخسر وهي تصدر من أعوام عديدة قبل النفط وبعد النفط، وقبل النت وبعد النت، هذا قدرها وهذه هي طبيعة الصناعة والسوق. ■■ وبالطبع فإن تلك التحولات أثرت حتى على الصحف ثابتة المداخيل من ناحية المقروئية خاصة لدى الجيل الجديد، كما تأثرت بالمبيعات التي تناقصت عاما عن آخر بنسب بسيطة لتوجه الإعلان لوسائل أخرى وهو أمر طبيعي، وللوضع الاقتصادي العالمي وهو أمر طبيعي آخر. ■■ إذا لماذا الفزع؟ لا أجد مبررا واحدا له إلا تعليق الإدارات التنفيذية الشماعة على غول الرقمي، وتأتي لهذا الرقمي وتجده إلى الآن لم يقطف الا 4% من مجتمع السوق، لكن الذي ندركه أن الإدارات التنفيذية كانت تضع رجلا على أخرى خاصة من الأعوام 2004 إلى عامين تقريبا. ■■ ما هو مطلوب حاليا هو الابتكار من السوق وإلى السوق وتطوير المحتوى التحريري لهذه المؤسسات، فالمحتوى الجيد والقوي في الورقي والذي يخاطب القارئ سينتقل إلى الرقمي، والقارئ هو القارئ، والمعلن هو المعلن والسوق باق فيه «أكثر من اعراش»، رغم حتمية التحول الرقمي وهذا ما أعلنته الأسبوع الماضي إحدى المؤسسات الصحفية العاملة عن إنشاء شركة للتجارة الالكترونية برأسمال 260 مليون ريال.