ما بين الحد الجنوبي والحد الغربي وحدوده الأخرى وطن شامخ، وبلاد أبية، وتاريخ مجيد.. ما بينها مواطنون التصقوا بأرض هذا الوطن، وسمائه، وهوائه ومائه وكل ما فيه .. فكان الشعب المالك، والملك الشعب.. وطن يعيش زمنا من الشرف والقوة.. في حده الجنوبي حراك عسكري كبير من عدة أشهر، وتنشط في أرجائه كثير من التحركات المهمة لحماية هذا البلد من تجمعات الوهم، وعصابات الانقلاب، وانخلاعات العقول.. وفي غرب المملكة تكمن هناك التزامات أمنية وغير أمنية كبيرة جدا تقوم وتهتم بحفظ الحجاج وتنظيمهم واستضافتهم وتحركاتهم وصحتهم.. وهذا الأمر يعد شيئا ملفتا أن تكون هناك دولة في أحد حدودها حرب وحراك عسكري دقيق وفي منطقة أخرى التزام أمني ضخم يراعي ويبالي بثلاثة ملايين حاج. فلو أن دولة لديها أي مشكلة عسكرية ولديها مهرجان او بطولة قد يأتي إليها آلاف لوجدتها تلغي كل التزاماتها ومهرجاناتها.. ولكن بفضل الله ورعايته وحوله ثم قوة المملكة أمنيا وعسكريا واقتصاديا وسياسيا فهي ولله الحمد والمنة لم تتأثر بأي طارئ عسكري، ولم يؤثر ذلك على استعداداتها الأمنية وغير الأمنية المتقنة في تنظيم وتأمين الحج وتيسيره لضيوف الرحمن؛ لتجسد المملكة قيمتها الدينية والسياسية والأمنية في مسؤولياتها تجاه هذه الفريضة العظيمة وتجاه الحرمين وتجاه القادمين من الحجاج والمعتمرين. هذه المعطيات والشواهد والتفاصيل والحقائق تحمّل المواطن السعودي بالذات مسؤوليات ملحة ولازمة فيما يتعلق بالوطن وما يعيشه هذه الأيام من تلك الأمور.. ولعل التعاطي الواعي والراشد مع قضية الحج لمن قضى فرضه وزاد في ذلك، يوجب عليه من مسؤوليته أن يكون شريكا في التنظيم والأمن، وعليه أن يستشعر قيمة وأهمية المرحلة والواقع فيراعي وطنه وواقعه الأمني والتنظيمي قبل أن يميل إلى رغبته في الحج المتكرر والمسرف؛ ليكون عونا على تسهيل مهمة الجهات الأمنية والمعنية لتتفرغ على الأقل لحجاج الخارج. المواطن -من سبق له الحج- شريك مهم ومساهم رئيسي في إدارة الحج من خلال إحجامه عن الحج في مثل هذه الظروف، وعبر التزامه بتنظيم الدولة في الحج كاستصدار تصريح والالتحاق بحملات معتبرة، وعدم مساعدة المخالفين، أو اللين معهم، وكذلك الانتباه لأي تحركات مشبوهة، أو مثيرة وخارجة عن الأمن. قوة المواطن من قوة الوطن.. ووعي المواطن وإدراكه من معززات إنجاح موسم الحج بإذن الله، وموسم الحج هو قيمة جميلة تعطي بلادنا خاصية وميزة نفرق بها عن كل بلاد العالم، فركن من أركان الإسلام منّ الله علينا بفضله وكرمه أن نقوم عليه فذلك يجعلنا كدولة وكملك وكشعب كلنا نتفاعل عطاء وخدمة ومساندة لمن يأتي إلى تلك الأراضي ليؤدي ذلك الركن. ختام القول: حين يتحمل المواطن مسؤولية وطنه فهو يعبر عن نضج وطنيته بدافع ووازع من دينه القويم الذي يحثه على الولاء والمودة والانتماء، ويحضه على فعل الخيرات، والأمر بالمعروف، وتعزيز الفضائل، والحفاظ على الأمن ومراعاة مصالح الناس العامة.. ومن منطلق الانتماء النقي، ومنطق الاحتساب أيضا لا بد أن يسعى المواطن في كل مجال ممكن.. على المستوى الجماعي أو الفردي فيسعى لما فيه مصلحة وطنه وناسه ومجتمعه.