كشفت «آسيا للاستثمار» في تقريرها لهذا الأسبوع أنّ معظم دول مجلس التعاون الخليجي تواجه تحديات ترتبط بتطورها الديمغرافي والهيكل الاقتصادي المعتمد على النفط، كما هو الحال في الكويت والمملكة العربية السعودية، من المتوقع أن تستمر التركيبة السكانية بالنمو بشكل سريع، ما يعني أن القوى العاملة تنمو أيضًا وتضغط على الاقتصاد لإضافة كمٍّ هائلٍ من فرص العمل الجديدة. وقال التقرير: عندما ننظر اليوم إلى تركيبة سكان الكويت والمملكة العربية السعودية بحسب الفئة العمرية، تتمثل على شكل هرمي، لكن هذا الشكل الهرمي سيصبح مسطّحًا بسبب انخفاض معدّلات المواليد والوفيات، ودخول فئة الشباب الكبيرة في كلا البلدين إلى فئة كبار السن. إضافة إلى ذلك، قد يقترب نظام الاعتماد على وظائف القطاع العام إلى نهايته، إذ لن تكون الحكومات قادرة على استيعاب القوى العاملة المتنامية دون تهديد استدامة الوفرة المالية. وذكر التقرير أنه من المتوقع أن ينمو عدد السكان في المملكة العربية السعودية بما يتراوح بين 20.7 و27.5 مليون نسمة في السنوات الخمس عشرة المقبلة. وسوف يتركّز النمو ضمن فئة سن العمل بمعدل أقوى مما يزيد الطلب على وظائف جديدة، وتأهّبت السلطات السعودية لهذا الوضع منذ سنوات عديدة، ووضعت عدة أنظمة تهدف إلى توطين القطاع الخاص مثل نظام «نطاقات» الذي يفرض على الشركات نسبة للعمالة السعودية التي يتم توظيفها داخل الشركة. وبالمقابل، تحصل الشركات التي تعتمد هذه النسبة على مزايا، منها سهولة إجراء معاملات التأشيرات للموظفين غير السعوديين، في حين يصعب الأمر وحتى يمنع على الشركات التي لا تتوافق بهذه النسبة، ومع أن نظام «نطاقات» قد أثار مخاوف الشركات في بعض القطاعات لعدم قدرتها على تلبية الشروط أو إمكانية تأثيره سلبًا على ربحيتها، بينما انخفضت نسبة العمالة المحلية السعودية في القطاع الحكومي بنسبة 3.5% في السنوات الخمس الماضية لتبلغ 35.8% في عام 2014، ما يشير إلى النجاح الأولي لمثل هذه الإجراءات. ولفتت شركة آسيا للاستثمار إلى أنّ الوضع الكويتي مشابه للسعودي، إذ إن حجم القوى العاملة المحلية الكويتية سيتضاعف لغاية عام 2030، بسبب العوامل الديمغرافية وتحسّن في نسبة الكويتيين الذين يعملون، ومع ذلك، فإن اعتماد الكويت على وظائف القطاع الحكومي أكبر مما هو عليه في السعودية، إذ إنّ 75.8% من الموظفين الكويتيين يعملون لحساب الحكومة. وتزامن النهج الذي اتخذته الكويت لتوطين سوق العمل الخاص مع السعودية، حيثُ تمّ تحديد أدنى نسبة من الموظفين الكويتيين في كل شركة، ولكن مع فارق أن القانون يأخذ في الاعتبار طبيعة القطاعات المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تم إعادة النظر في القيود المفروضة على التأشيرات بأعداد ضخمة، على الرغم من أن السلطات تعاود عقد التدابير في الوقت الراهن. كما تطوّرت أيضًا نسبة العمالة المحلية في القطاع العام بشكل إيجابي، منذُ أن بلغت 82% في عام 2008. إلى هنا يرى التقرير أنّ نظام نسبة التوطين قد خلق حافزًا للشركات لتزيد نسبة العمالة المحلية فيها، ولكنها ليست سوى حلٍّ جزئي، وقد تأتي بنتائج عكسية في عدّة مجالات. فمن الممكن أن تقع إنتاجية الشركات عُرضة للتهديد وتنخفض حافزيتها لتكون أكثر كفاءة، لأن الشركات يمكن أن تُحرم من المهارات الضرورية، وقد لا تستطيع تحمّل تكلفة القوى العاملة المحلية، وتواجه قانون الحماية المفرط للموظفين المحليين. وعلاوة على ذلك، يمكن أن يكون القطاع الخاص غير قادر على مجاراة الحوافز والشروط السخية في الوظائف الحكومية مما يؤدي إلى تدهور ظروف العمل في القطاع الخاص، وهذا مصدر محتمل لعدم الرضا الاجتماعي. وقد يتوجّب على السياسات التي تهدف للحد من الاعتماد على الوظائف الحكومية أن تكون أكثر تكاملًا، وألا تنفّذ فقط على القطاع الخاص، بل أيضًا على القطاع الحكومي بالتركيز على أهمية إنتاجية الموظفين في القطاع الخاص، حتى لا يصبح هنالك تفرقة بين نوعية ومزايا القطاعين العام والخاص في سوق العمل.