يرى محللون أن المتغيرات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من شأنها أن تبقي على معدل التذبذب في أسعار النفط مرتفعا ومخاطر الهبوط السلبي محدودة جدا خلال الأشهر القليلة المقبلة. متعاملون في بورصة نايمكس (رويترز) وتوقع تقرير نفطي نشره قسم الأبحاث الاستراتيجية في بنك ساراسين السويسري أن ترتفع أسعار النفط الخام من 110 دولارات إلى 120 دولارا للبرميل الواحد خلال الشهور الثلاثة أو الستة المقبلة . ورجح التقرير الذي جاء بعنوان « النفط الخام - استثمار في الأوقات المضطربة» ألا ينكمش الطلب على النفط في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي مع ارتفاع الأسعار، لكنه سيبقى ثابتا خلال العام الحالي، مبينا أنه على الرغم من تباطؤ الانتاج الصناعي إلا أنه من المتوقع أن تبقى معدلات الطلب قوية من الأسواق الناشئة مثل الهند والصين ومع ذلك فمن المرجح أن تؤثر المخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي على المعنويات في سوق النفط على المدى القريب. يتوقع أن تزداد القدرة العالمية على إنتاج النفط خلال السنوات الخمس المقبلة بمعدل 1,1 مليون برميل في اليوم سنويا، لتصل إلى 100,6 مليون برميل في اليوم. ويمثل النفط الخام التقليدي أقل من 40 بالمائة من الزيادة الاجمالية. وتوقع إليان تانر خبير في استراتيجية السلع في «بنك ساراسين» ارتفاعا في أسعار النفط بالتزامن مع محدودية السوق العالمية للنفط الخام وأن تبقى التقلبات في سوق النفط الخام قوية بسبب المستوى العالي من عدم اليقين، موضحا أنه ومع استمرار هذه الشكوك من جانب العرض فإن الدول المستهلكة ستكون حريصة في الحفاظ على أكبر مخزون ممكن من النفط الأمر الذي يرجح بقاء السوق بحالة محدودة والأسعار مدعومة جيدا على المدى الطويل. ويتوقع أن تحقق دول منظمة (أوبك) ايرادات قياسية قدرها 1.034 تريليون دولار من صادراتها النفطية هذا العام، ويمثل هذا الرقم ارتفاعا بنسبة 33 في المائة عن ايرادات العام الماضي التي وصلت 778 مليار دولار في العام الماضي، وعن المستوى القياسي السابق البالغ 966 مليار دولار الذي سجلته في 2008، عندما وصل سعر النفط الى 147 دولار للبرميل في يوليو، ثم تراجع بشكل حاد في النصف الثاني من ذلك العام. حيث ترجح إدارة معلومات الطاقة ان تسجل ايرادات اوبك من صادرات النفط مستوى قياسيا يصل الى 1.117 تريليون دولار في 2012. وفي هذا الاطار كشفت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها السنوي الذي تعرض فيه توقعاتها على المدى المتوسط والذي صدر نهاية الأسبوع الماضي أنه في حال تسجيل نمو الاقتصاد العالمي نسبة 4.5 بالمائة في السنة، فإن ذلك سيؤدي الى زيادة الاستهلاك بمعدل 1.2 مليون برميل يوميا كل سنة وصولا الى 95.3 مليون برميل في اليوم عام 2016، ما يمثل ارتفاعا بنسبة 1,3 بالمائة في السنة. وتوقعت الوكالة ارتفاع الطلب العالمي على النفط بشكل مطرد حتى 2016 ما لم يتعثر الانتعاش الاقتصادي ورغم تخطي سعر برميل النفط 100 دولار متجاوزا التوقعات. وبالتالي سيتخطى الطلب العالمي آخر التوقعات المتوسطة المدى بمعدل 0,7 مليون برميل في اليوم خلال فترة 2010-2015. وقال التقرير إن الطلب العالمي على النفط للعامين 2010 و 2011 ارتفع بواقع 100 ألف برميل يوميا على المتوسط وهو ما يعود في المقام الأول إلى المراجعات للطلب في الدول غير الصناعية مضيفا أن تقديرات الطلب العالمي تقف الآن عند 88 مليون برميل يوميا لعام 2010 وفي حال تم التأكيد على ذلك فسيعني أن هناك ارتفاعا بواقع 8ر2 مليون برميل يوميا عن العام السابق. وارتفع المعروض العالمي من النفط بمقدار 270 ألف برميل يوميا في مايو الماضي من 41ر87 مليون برميل يوميا في ابريل من العام الحالي مع تعزيز ارتفاع نفط (اوبك) الخام. ووصل نمو امدادات النفط الخام للدول غير الأعضاء في (اوبك) عند 560 الف برميل يوميا في العام الحالي أي نصف المستويات المسجلة في العام الماضي. وقالت وكالة الطاقة الدولية إن امدادات (اوبك) للنفط الخام ارتفعت الشهر الماضي بواقع 210 آلاف برميل يوميا على المتوسط الى 18ر29 مليون برميل يوميا. في حين طرح المدير العام لوكالة الطاقة الدولية نابوو تاناكا خلال مؤتمر صحافي في سان بطرسبورغ تساؤله «بأي سرعة وبأي مقدار» يمكنهم المساهمة في رفع الإنتاج. ويتأثر الطلب على النفط بحسب التقرير أيضا بالظروف الاقتصادية الجديدة في العالم موضحا أن ارتفاعه «ناجم حصرا عن الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية» نادي الدول الغنية التي تعتبر الوكالة ذراعه في مجال الطاقة. وتمثل الصين وحدها 41 بالمائة من ارتفاع الطلب. في المقابل من المتوقع أن يتراجع استهلاك الدول الصناعية أعضاء منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بنسبة 1,6بالمائة أي بمعدل 260 ألف برميل في اليوم كل سنة، ما يزيد عن التوقعات السابقة. وحذر تاناكا من أن «الغموض يبقى سيد الموقف بالنسبة للأسواق العالمية للنفط والغاز، من انعكاسات الربيع العربي إلى عواقب الأزمة في منطقة اليورو على الاقتصاد الكلي». واذا كانت التوقعات تشير الى نمو عالمي لا يتعدى نسبة 3,3 بالمائة في السنة، إلا أن الطلب على النفط للعام 2016 سيكون دون التوقعات ب2,4 مليون برميل في اليوم. وتوقعت الوكالة في تقريرها أن يقارب سعر برميل النفط معدل 103 دولارات خلال هذه الفترة، ما يزيد ب15 الى 20 دولارا عن توقعاتها السابقة. وتخطى سعر برميل النفط الخفيف غرب تكساس الخميس 95 دولارا وبرميل برنت بحر الشمال 114 دولارا. من جهة أخرى من المتوقع أن تزداد القدرة العالمية على إنتاج النفط خلال السنوات الخمس المقبلة بمعدل 1,1 مليون برميل في اليوم سنويا، لترتفع من 93,8 الى 100,6 مليون برميل في اليوم. ويمثل النفط الخام التقليدي أقل من 40 بالمائة من الزيادة الاجمالية. وفي إطار الاحتياطات الاستراتيجية أبدى تاناكا استعداد الوكالة للإفراج عن احتياطياتها الاستراتيجية من النفط الخام لضمان وصول امدادات كافية للسوق ودعم الاقتصاد العالمي. ويمتلك أعضاء وكالة الطاقة الدولية من العالم المتقدم 1.5 مليار برميل من المخزونات النفطية الاستراتيجية يمكنهم استغلالها اذا فشل أعضاء منظمة أوبك من زيادة الامدادات بالسرعة الكافية لإحداث توازن في الأسواق.