«أمن الدولة» تطلق منظومة «تقصّي».. لتلقي وتحليل بلاغات الاشتباه المالي وتمويل الإرهاب    الأحزاب المصرية: تصريحات متطرفي إسرائيل محاولة يائسة لتضليل العالم    ‬بدء وصول قادة الدول العربية إلى المنامة    غوارديولا: لولا تصدي أورتيغا لكان أرسنال بطلا للبريميرليغ    4 أحزمة ملاكمة تنتظر من يحملها على أرض "المملكة أرينا"    القبض على مقيم لارتكابه أفعال خادشة للحياء    وصول الطائرة السعودية ال 50 لإغاثة أهالي غزة    رئيس سدايا: السعودية مثال دولي في الذكاء الاصطناعي المسؤول والأخلاقي    تطوير سياسات استدامة مخزون استراتيجي من السلع الأساسية ودعم استقرار أسعارها    أوامر ملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    ولي العهد يهنئ رئيس وزراء سنغافورة بمناسبة أدائه اليمين الدستورية    أمير منطقة القصيم يستقبل وزير الاستثمار    زين السعودية تعلن عن استثمارات بقيمة 1.6 مليار ريال لتوسعة شبكتها للجيل الخامس 5G    تشغيل 4 رحلات أسبوعياً للخطوط الجوية البريطانية من هيثرو إلى جدة    الجامعة العربية تدعو مجلس الأمن لاتخاذ إجراءات سريعة لوقف العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين    «البلسم» تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح و«قسطرة»    أمير منطقة الرياض يستقبل مدير السجون بالمنطقة    مدير تعليم الأحساء يكرم الطالبة الفائزة ببرونزية المعرض الدولي للاختراعات    ارتفاع النفط واستقرار الذهب    وزير العدل يلتقي رئيس المجلس الدستوري في فرنسا    ضبط 264 طن مأكولات بحرية منتهية الصلاحية    «النيابة»: باشرنا 15,500 قضية صلح جنائي أسري.. انتهاء 8 آلاف منها صلحاً    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب جزر قبالة سواحل نيوزيلندا    أمير تبوك يثمن للبروفيسور " العطوي " إهدائه لجامعة تبوك مكتبته الخاصة    «الصحة» تدعو الراغبين في الحج إلى أخذ واستكمال جرعات التطعيمات    فيغا يعود للتدريبات الجماعية للأهلي    نيمار يبدأ الجري حول الملعب    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج 2374 طالباً وطالبة من «كاساو»    السوق السعودية ضمن أول 10 دول في العالم المملكة أكثر الاقتصادات تسارعاً آخر 6 سنوات    أفضل الإجراءات وأجود الخدمات    أمير حائل يكرم عدداً من الطلاب الحاصلين على الجائزة الوطنية بمبادرة «منافس»    سعود بن نايف: رؤية المملكة أسهمت في تحسين جودة الحياة    سعود بن بندر يثمّن جهود هيئة النقل    «الداخلية» و«سدايا» تطلقان جهازاً متنقلاً لإنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة «طريق مكة»    إطلاق مبادرة «دور الفتوى في حفظ الضرورات الخمس»    أمير تبوك ينوه بجهود القيادة في خدمة ضيوف الرحمن    واتساب تطلق تصميماً جديداً    الاحتراف تحدد مواعيد تسجيل اللاعبين في دوري روشن و"يلو"    أهمية الاختبارات الوطنية «نافس» !    حالة مطرية في معظم المناطق حتى السبت    الهلال والنصر.. والممر الشرفي    كأس إيطاليا بين خبرة اليوفي وطموح أتالانتا    انطلاق برنامج الرعاية الأكاديمية ودورة البحث العلمي في تعليم الطائف    ..أنيس منصور الذي عاش في حياتنا 2-1    مكانة بارزة للمملكة في عدد مقاعد «آيسف»    تمكين المواهب وتنشيط القطاع الثقافي في المملكة.. استقبال 2200 مشاركة في مبادرة «إثراء المحتوى»    محتوى الغرابة والفضائح !    ليس لأحد الوصول    الأمن والاستقرار    نائب أمير مكة يستقبل عدد من اصحاب السمو والمعالي والفضيله    طموحنا عنان السماء    حمام الحرم.. تذكار المعتمرين والحجاج    تفقد محطة القطار ودشن «حج بلياقة».. أمير المدينة المنورة يطلع على سير الأعمال بالمطار    وزارة لتشجيع زيادة المواليد بكوريا الجنوبية    ( قلبي ) تشارك الهلال الأحمر الاحتفاء باليوم العالمي    الكلام أثناء النوم ليس ضاراً    تأثير العنف المنزلي على الأطفال    مواد كيميائية تسبب السرطان داخل السيارات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الخالق الجنبي
نشر في اليوم يوم 02 - 11 - 2004

اطلعت على ما نشر في جريدة (اليوم) الخميس الموافق 23 شعبان 1425ه المتضمن رد كل من الدكتور سعد الناجم ومداخلة أخصائي الآثار الأستاذ خالد الفريدة حول ما أثاره كتابي (هجر وقصباتها الثلاث)، وهذا هو ملخص ما أريد توضيحه للأخوين الكريمين ولعامة القراء.
أولاً: الدكتور سعد الناجم
كنت أتمنى عليك -وأنت المثقف الأكاديمي الذي أحترمه- لو ابتعدت بنا عن لغة التأليب الإقليمي الضيّق مثل قولك انّ أهل الأحساء أعلم بمنطقتهم لأنّ الأمر هو بيني وبينك وليس بيني وبين أهل الأحساء الأحباء إلى قلبي، ثم هل قلت أنا أنني أعلم من أهل الأحساء بمنطقتهم حاشا لله، وكيف ذلك وهذه المادة التي أفرغتها في كتابي لم تكن لتظهر بمثل هذا المستوى الذي أشدت به يا دكتور سعد لولا المساعدة التي قدمها لي الأحبة في واحة الأحساء بكل أطيافهم الجميلة، وعلى الخصوص من ذكرت أسماءهم في كتابي اعترافاً بفضلهم علي، وأما كلامك عن علاقتك الطيبة بالقارة وأهلها والحاج أحمد الحمود -عافاه الله وشفاه- فهو أمرٌ يفرحني والله، ولم اتهمك في شيءٍ من علاقتك هذه حتى تحتاج إلى التنويه بها!، وأما قولك عن المعلومة التي قالها لك عمدة القارة السيد عبد الله العبد المحسن -حفظه الله- عن عين الخسيف، فهل نشرتها يا دكتور سعد في صفحتك الواحة؟، وهل ذكرت لقاءك بالسيد العبد المحسن فيها؟، ثم ما الأسباب التي جعلتك تستبعد ما أخبرك به؟!.
أما كلامك عن البئر الذي أسميته أنت ب(الكسر!!) الذي في جبل راس القارة، فهذا الكسر يا دكتور سعد هو بئرٌ محفور كأبدع ما يكون عليه حفر الآبار التي حفرها الإنسان بحيث يخترق الجبل من أعلاه إلى أسفله حيث عين هجر (الخسيف حالياً)، وتسميتك له بالكسر مجانبٌ للواقع والمنطق، ثم ها أنت تقع في تناقض جديد مرّة أخرى عندما قلت: "وعين الحكومة التي حفرت غرب الموقع قديما، والتي ارتبط اسمها بالكسر"، فهذا اعتراف منك بأنّ عين الحكومة هي التي سُميت باسم الكسر الذي هو بئر عين الخسيف في حين أنك قلت في ردك السابق علي ما هذا نصه: "فإن الأهالي كانوا يسمون العين الحكومية في ذلك الموقع بعين الخسيف، لأن نهر الخسيف، وهو من (طوائح الحقل) يتجه إلى تلك المنطقة، ويسقي النخيل التي تقع غرب رأس القارة" فأيّ قوليك نأخذ به يا دكتور؟! هل عين الخسيف الحكومية أخذت اسمها من الكسر! الذي في جبل راس القارة؟ أم من نهر الخسيف القادم من طوايح الحقل؟، ولعلمك يا دكتور فإنّ عين الحكومة المذكورة لم تسمَّ يوماً باسم عين الخسيف لدى أهالي القارة، وهم أدرى بقريتهم، كما انهم يعرفون بدهياً أنّ عين الخسيف هي هذه العين القديمة المحفورة داخل جبل راس القارة، والمطمورة بالتراب الآن.
أما الكلام حول نهر الخسيف فقد طلبتُ في ردي السابق من الدكتور سعد أن يثبت صحة رأيه الذي قاله في ردّه الأول، وهو أنّ هذا النهر الذي زعم أنه من طوايح الحقل كان يتوجه إلى منطقة القارة، ويسقي النخيل التي تقع غرب راس القارة، فبعد أن استيقن الدكتور صحة كلامي من أنه لا يوجد نهرٌ أو ثبرٌ يأتي من طوايح الحقل باسم نهر الخسيف ليسقي نخيل هذه المنطقة رأيناه هنا يلقي باللوم على التغير المستمر الذي يطرأ على مسميات الأنهر في الأحساء، ورأيناه كيف تعسَّف في كلامه ليثبت صحة نظريته الخطأ، وذلك بقوله انّ نهر الخسيف -وهو ثبر لا نهر- كان يتجه الى الشيباني! وياخذ اسمه ثم يتحول الى نخل بي -كذا- عبيد الله, وياخذ اسم (ثبر ابي عبيد الله) الذي يسقي القارة وما حولها.
ويعلم الله كم أسفت للدكتور سعد الذي أحترمه كثيراً لأنّه تعَسَّف كل هذا التعسف ليثبت صحة كلام خطأٍ من أصله بكلامٍ أكثر خطأ منه، وبينما أصرّ في رده الأول على أنّ اسم النهر الذي يسقي غرب راس القارة هو الخسيف نراه يذكر الآن أن هذا النهر المزعوم يتجه إلى نهر الشيباني ليصبح اسمه الشيباني، ثم إنّ هذا النهر الأخير أي الشيباني يتحول إلى نهر أبي عبيد الله -وبالمناسبة اسمه الصحيح نهر ابن عبيد الله- الذي قال انه يسقي القارة وما حولها، فهذا اعتراف إذاً من الدكتور بأن اسم النهر المعني هو نهر ابن عبيد الله أو أبي عبيد الله كما سماه، وإذا فهو ليس نهر الخسيف كما حاول أن يفهمنا في رده الأول، وهنا ليسمح لي الدكتور سعد بأنء أصحح معلوماته الخطأ حول هذه الأنهر، فنهر الشيباني معروف ومشهور لدى أهالي القارة والتويثير، وهو بالمناسبة من طوايح نهر سُلَيءسل وليس من طوايح نهر الخسيف كما قال الدكتور سعد، وينقسم نهر الشيباني إلى قسمين ثم ينقسم أحد هذين القسمين إلى ثلاثة أنهار يُسمّى النهر الأول بالنَّجءوى، والثاني بالمصدر، ويسقيان نخل العمران، والنهر الثالث يسمى بنهر التويثير الذي ينقسم إلى نهرين هو الآخر يسمى الأول منهما حَوَّاش، ويسقي نخيل المركز وما حوله، والثاني يسمى نهر ابن عبيد الله الذي ذكره الدكتور سعد، وهو يسقي جانباً من نخيل قرية الجبيل وليس نخيل القارة كما قال الدكتور، ثم إنه ليس في سلسلة تفريعاته وروافده أي نهر يسمى الخسيف كما قال الدكتور، وإذا كان لديه صكوكٌ تملك قديمة ورد فيها اسم نهر الخسيف كما قال فليته نشر مثل هذه الصكوك حتى يثبت صحة قوله، وإذا صحّ قوله من وجود صكوك تملك قديمة لبساتين منطقة القارة ورد فيها اسم نهر الخسيف، فالأرجح أنه نهر عين الخسيف النابعة من جبل راس القارة، وليس نهر خسيف آتٍ من طوايح الحقل، وأما تبريرات الدكتور حول تغير مسمى مجاري الأنهار بمسميات محلية وتركها للمسمى الأصلي واستشهاده بتغير أسماء مياه عيني الحقل والخدود ونهر ضويغط، فهو لن يفيده الآن بعد الذي قلته، ومن الغريب جداً ما استشهد به الدكتور من فعل القرامطة بتحويل الأنهر ودفن بعض العيون ونحن نتكلم عن نهر وجد بعد القرامطة بمدة طويلة، وظلّ معروفاً حتى وقتٍ قريب.
وأما قول الدكتور في تعليقه على مقالة الدكتور خالد الحليبي، وقولي: انه لم يذكر اسم الدكتور سعد في مقاله، وتعليق الدكتور سعد بأنّ ذلك أمرٌ طبيعي، فأي طبيعي هذا، وأنت يا دكتور قد جعجعتنا بهذه المقالة في ردك الأول، وها نحن لم نجد من تلك الجعجعة أي طحين، فكيف تستشهد بمقال ادعيت أنه يؤيد كلامك في اكتشافك للمشقر وهذا المقال لم يرد اسمك فيه أصلاً هذا فضلاً عن أنّ المقال نفسه لا يقدم ولا يؤخر في اكتشاف موقع حصن المشقر الواقع فوق جبل راس القارة، وليس في كامل قرية القارة كما هو مضمون ذلك المقال.
أما قول الدكتور عني أنني قلت أنّ المشقر وعطالة في مكان واحد ورفضه لقولي هذا، فأوّل ذلك أنّ هذا ليس قولي بل هو قول العالم اللغوي الشهير بابن الأعرابي الذي قال انّ المشقر مدينة عظيمة قديمة، في وسطها قلعة على قارة تُسمى عطالة، فهل لاحظت قول ابن الأعرابي انّ قلعة المشقر أي حصنه تقع على قارة تُسمى عُطالة؟! أوليس من الطبيعي القول انّ المشقر (الحصن) وعطالة القارة التي بني فوقها حصن المشقر هما في مكان واحد لأنّ أحدهما فوق الآخر؟!.
أما قولك أنّ المشقر جبل منيف وأنّ عطالة جبل منيف، فما هو مصدرك في ذلك، ومن أين أتيت به؟ اذكره لنا، وأما إصرارك على كون جبل القارة الكبير هو المشقر المعروف قديماً باسم الشبعان فهو رأيٌ سبق وبينتُ بطلانه في ردي الأول فلا أعيد الكلام فيه، ولكن قولك عن تعريف القصبة بأنها تعني مكان الادارة او التجمع الكبير، ثم قولك لي: "فكيف تكون قصبتان في مكان واحد كالمشقر ورأس القارة التي هي عطالة, كما تقول استنادا على وجود الخسف في الصخرة؟!".
فأولاً: القصبة لا تعني مكان الإدارة أو التجمع الكبير كما قلت يا دكتور، ولو رجعت إلى معاجم اللغة، ومنها الصحاح لوجدته يقول: وقَصَبَة القَرءيَة: وَسَطُها، وقَصَبَة السَواد: مَديِنَتُها، وعليه فلا يمنع أن يكون لمدينة كبيرة مثل هجر أكثر من قصبة وهي ثلاث قصبات المشقر والصفا والشبعان، ثم من قال لك يا دكتور أن المشقر وراس القارة قصبتان فالمشقر هو أحدى القصبات الثلاث، وأما راس القارة فلم أقل أنا ولا أحد قبلي أنها قصبة، بل قلت أنا أنها هي القارة التي كانت تُعرف بعطالة، والتي كان يقوم فوقها حصن المشقر، وأما تكريرك لكلمة الكسر التي تعني بها البئر الذي جعلته أنا العلامة المميزة التي أوصلتني إلى قارة عطالة التي يقوم فوقها حصن المشقر، فأنا لا يخفى علي قصدك من تكرار كلمة الكسر، ولعلمك هو ليس كسراً كما تحاول أنء توحي للقراء، وإنما هو بئر بديع الحفر والنحت.
أما قول الدكتور سعد عن عين عطالة التي يتحلب ماء هجر إليها، فهذا كلام ابن الأعرابي، ولكن الدكتور لم يفهمه على حقيقته، وابن الأعرابي لم يقل أنّ ماء هجر يتحلب إلى عين عطالة وإنما الذي قاله عنه أنه يتحلب إلى البئر التي تثقب قارة عطالة، والتحلب في اللغة يعني السيلان أي أنّ ماء (عين) هجر كان من قوة دفعه وشدته يرتفع عبر هذه البئر التي تثقب الجبل إلى العين ليسقط الماء من أعلى الجبل على هيئة شلال لأنه لم يكن للعين حينها مخرج غير فتحة البئر هذه، وأنّ المخرج الأرضي الذي نراه الآن حُفر بفعل فاعل فيما بعد ابن الأعرابي بزمان، وربما يكون سبب ذلك هو ضعف التدفق الطبيعي بحيث لم يعد الماء يصل إلى أعلى البئر فثقب مجرىً للماء أسفل الجبل ليعود التدفق الطبيعي إلى نهر العين منه، وأما احتجاج الدكتور بنظرية الأواني المستطرقة، وقوله ان مياه هجر لا يمكن أن تتحلب إلى هذا المكان المرتفع يعني راس القارة، فأول ما فيه أنّ نظرية الأواني المستطرقة إنما تصح للتطبيق على الطبوغرافيا الطبيعية للأرض التي لا دخل للإنسان فيها أما ما يوجهه الإنسان ويحتال له لتوجيهه فهو سيتوجه إلى حيث أراد الإنسان، وقد ساعدت قوة الضخ الطبيعية الهائلة لعين هجر على توجيه مياهها إلى أعلى هذا التل عبر هذه البئر المحفورة إليها من أعلى جبل راس القارة لتسقط منه بعدها على هيئة شلال جميل لا زالت آثاره باقية حتى الآن، وقد ذكرت في كتابي كيف أنّ أبا سعيد الجنابي عندما حاصر مدينة هجر وعرف أنّ لها عينا عظيمة خارجة عنها تنبع من نشز من الأرض أي مرتفع، وأنّ هذه العين هي التي تغذي المدينة بالمياه، وأنها سبب حصانتها، فقد حاول أن يدفنها بالحصى والوبر والخلقان التي ألقاها فيها، فقذفتها العين بقوة كما ذكر ذلك البلاذري في نهاية الأرب والمقريزي في اتعاظ الحنفاء، وبينت في كتابي أنّ هذه العين هي نفسها عين هجر هذه العظيمة الذكر في التاريخ، وهي نفسها التي عُرفت فيما بعد باسم عين الخسيف المعنية هنا، فهذا هو معنى التحلب في نصّ ابن الأعرابي يا دكتور سعد.
أما ما كرره الدكتور عن عين صويدرة ورأيه أنها هي العين الواردة في النصوص القديمة التي كان نهرها يجري بين الصفا والمشقر باسم نهر العين، وقوله انها تسقي طرف نظارة -كذا وردت والصحيح ناظرة- فأول ما فيه أنّ ذلك مخالف للمألوف لأنّ العين اسمٌ قديم إذا أطلق في هجر فهو يعني عين محلم وليس عين صويدرة، وقد نصّ نصرُ الإسكندري في كتابه "الأمكنة والمياه" على أنّ العين هي عين محلم بهجر، وقبله نصّ أبو عبيدة كما في كتاب "البلدان" لابن الفقيه أنّ نهر العين كان يجري بين المشقر والصفا، وأوضح الطبري في تاريخه أنّ هذا النهر الذي يجري بين الصفا والمشقر يقال له مُحلم، فكلُّ النصوص ضد ما قاله الدكتور عن كون عين صويدرة هي المعروفة قديماً باسم العين، وأما إحالات الدكتور سعد المتكررة إلى صكوك الملكية والأوراق القديمة فنحن لا نرى منه إلا الإحالات، فإن كانت لدى الدكتور مثل هذه الصكوك والأوراق القديمة فلماذا لا ينشرها حتى يثبت صحة قوله؟ ولماذا تتحول هذه الإحالات إلى فراغ تتكرر دائماً منه؟
وفي حين أنّ الدكتور نص في رده الأول على أنّ الأشقرين يقع شرق التيمية هاهو يقول الآن انّ الأشقرين يقع في التيمية نفسها، وقد سبق ورددت عليه ذلك، وقلت انّ الأشقرين يطلق على منتصف الجزء الشرقي من جبل القارة الكبير (الشبعان)، وأنه شمال التيمية وليس شرقها أو فيها، وأما جبل عطالة الذي سبق وقال الدكتور سعد في رده السابق انه يقع شرق شركة الإسمنت بالأحساء شرق العُيون فهاهو يعود في كلامه هنا ويقول انّ هذا الجبل المزعوم يقع شمال شرق العيون معدلاً الشرق في رده السابق إلى شمال شرق في رده الحالي، وفي كل الأحوال لا يوجد جبل يقع شمال شرق العُيون أو شرقها بتاتاً، والجبال القريبة من واحة العُيون أربعة تقع جميعها شمال غرب العيون وغربها وجنوبها الغربي، وهي بالترتيب من الشمال إلى الجنوب: جبل أم الدلاسيس ثم جبل مثلوث الواقع شمال غرب واحة العُيون، فجبل الثليم الواقع غرب العُيون، وإلى الجنوب منه جبل برقا الركبان الواقع غرب الوزية، فالذي اختلطت عليه جهات الأحساء هو الدكتور إذاً وليس أنا كما قال.
ثانياً: بالنسبة للاستاذ خالد الفريدة:
فأحبّ أولاً أنء أشكره على إطرائه الكبير لكتابي وثنائه عليه، وهي شهادة أعتزّ بها من إنسانٍ متخصص في دراسة الآثار، وإن كان إطراؤه لكتابي قد تحول إلى هجوم على شخصي بسبب عبارة في كتابي لم يتقن الأستاذ قراءتها، فظنّ أنها تمسّ صميم عمله كباحث في الآثار، وهي قولي: (وكنت اتحسر لعدم وجود متخصصين اكفاء في مجال التنقيب عن الاثار أو هيئة متخصصة في ذلك, حتى يتم التنقيب بكل دقة حول هذا الحصن العتيد, لاكتشاف المزيد والمزيد عنه, ولكن ذلك شيء أشبه بالحلم).
فظن الأستاذ أنّ هذا الكلام موجه له ولأمثاله باعتباره أحد المهتمين بدراسة الآثار وكونه يعمل في متحف الأحساء للآثار مع العلم أنني لم أقصد بكلامي هذا أياً من الأخوة في متحف الآثار بالأحساء الذين أحترمهم وأكنّ لهم كل التقدير، ومنهم الأستاذ الفريدة الذي لا أعرفه أصلاً فكيف أتهمه، والواقع أنّ الأستاذ الفريدة لم يفهم قصدي، وظنّ أنني قلت هذا الكلام قبل اكتشافي لحصن المشقر، ولم ينتبه إلى أنني عند إيرادي لهذا الكلام كنت قد أنهيت القول عن اكتشافي لحصن المشقر وقارة عطالة التي ذكرها ابن الأعرابي في نصه الفريد، والتي هي القارة التي كانت تقوم عليها قلعة المشقر وحصنه الشهير، وكنت متحسراً حينها أنه لم يكن برفقتي في تلك اللحظات بالذات أي من المتخصصين الأكفاء في التنقيب عن الآثار أو هيئة متخصصة في ذلك ليكملوا البحث فيما توصلت إليه من نتائج صحيحة باكتشافي لموقع حصن المشقر، وذلك اعترافٌ مني بأنني لا أملك المؤهلات لمثل هذا العمل التنقيبي، ولو كنت تعرفت على الأستاذ الفريدة قبل ذلك لما أعتقته من الذهاب معي إلى حيث يقوم هذا الحصن طالباً منه أن يقوم بما هو من لب تخصصه حيال ذلك، وليس علي أنء أعرف جميع الأشخاص المعنيين والمثقفين في كل الواحة، وأما عن توزيعي لبحثي المبدئي حول اكتشافاتي هذه على بعض مثقفي القارة الذي يبدو أنه من أسباب عتب الأستاذ علي فلأنّ كل هذه المكتشفات هي في بلدتهم أو مجاورة لها وفي هذه القرية وما جاورها من قرى الكثير من العلماء والباحثين والمحققين، وبالتالي فقد كنت على يقين بأنهم هم الأقدر على مساعدتي وتصحيح ما في بحثي المبدئي من أخطاء بحكم التصاقهم بهذه الأماكن، وبالفعل كان يقيني في محله، وقد أتحفني أهالي هذه البلدة الطيبة وأهالي جاراتها التويثير والتيمية والدالوة وغيرهم من الذين أكنُّ لهم كل الود والتقدير بمعلومات غاية في الأهمية استفدت منها في بحثي، وعلى الخصوص فيما يتعلق بإفادات أهالي القارة حول الجدار الذي كان قائماً بالقرب من جبل راس القارة الذي عاد إلى اسمه القديم المشقر الآن وهو الجدار الذي أشار إليه الجاحظ في رسائله والسالنامة العثمانية، وذكرت نقلاً عن هؤلاء الأهالي القصّة المثيرة لسرقة هذا الجدار في إحدى الليالي المظلمة، فلا أعرف شيئا في هذا الذي فعلت أغضب علي الأستاذ الذي ينبغي عليه من منطلق تخصصه أن يؤيدني فيما فعلته وليس بأن يغضب عليّ، ويتهمني بأنني أكيل الاتهامات لأهالي الأحساء بعدم وجود أكفاء ومتخصصين في مجال التنقيب منهم، وحاشا لله أن أقول ذلك أو كنت قلته، ولكنّ آفة الأستاذ من الفهم السقيم لمغزى كلامي، وأما ما غمز به الأستاذ ولمز حول سبقي لاكتشاف المشقر، فأحبّ أن أقول له بكل ثقة وفخر أنا مكتشف المشقر والصفا ومدينة هجر، والكثير من القرى الهجرية القديمة المحيطة بمدينة هجر، وقد تجمعت لدي الآن الكثير من المعلومات الهامة الأخرى حصلت عليها من بعض أعيان الأحساء الذين قرأوا كتابي وأعجبوا به، واتصلوا بي مهنئين وشاكرين، وعرضوا علي ما لديهم من نقد ومعلومات جديدة مما احتفظ به للطبعة الثانية لكتابي التي أعد القراء بأنها سوف يكون فيها الكثير من المعلومات القيمة والمكتشفات الأخرى التي خلت منها الطبعة الأولى، وكلها يؤكد ويؤيد ما توصلت إليه ولله الحمد والمنة.
غير أنّ ما أثار استغرابي ودهشتي، وآلمني بالفعل هو اتهام الأستاذ الفريدة لي بأنني تهجمت تهجماً سافراً على أستاذنا علامة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر (يرحمه الله) وادعاؤه الباطل بأنني وصفته بالوقوع بالخطأ ومجانبة الحقيقة والجهل والكلام غير الدقيق إلى غير ذلك من هذا الكلام الذي لا يقوله المنصفون، وهو نبأ جاء به الأستاذ يحتاج إلى تبيين حتى لا يُصاب قومٌ بجهالة، والذي لا يعرفه الأستاذ أنني قد ربطتني بالأستاذ العلامة الشيخ حمد الجاسر - يرحمه الله- علاقة طيبة وكانت بيننا مكاتبات مشتركة نشرتها جريدة الجزيرة أثنى فيها الشيخ حمد على شخصي المتواضع بصفات لا زلت أعتزُّ بها وأضعها وساماً على صدري، ولا أعرف كيف تجرأ الأستاذ الفريدة فاتهمني بهذه الاتهامات العظيمة تجاه أستاذنا الشيخ حمد رحمه الله، وأنا هنا لست في صدد الرد عليه، وإنما أحيل القراء المنصفين إلى الصفحات التي ذكرها الأستاذ الفريدة من كتابي، والتي ادعى أنه وجد فيها تهجماً مني على شيخنا الجاسر ووصفي له بالوقوع في الخطأ والجهل ومجانبة الحقيقة مع العلم أنّ كلمة الحقيقة لم ترد في الصفحات المذكورة ولا في الكتاب إلا مرّة واحدة في آخر صفحة منه، وإنما الأستاذ الفريدة حرف كلمة الحقيقة عن كلمة (الصواب) لأنّ فحوى الذي قلته في الصفحة (42) من كتابي هو أنّ رأي الشيخ حمد في قوله انّ الشبعاء الجبيل الصغير الواقع شرق عين باهلة هو الشبعان الكبير الوارد في النصوص القديمة هو مجانب للصواب، فهل في هذا الكلام تطاول على الشيخ؟! حاشا لله، وأما قولي انّ الشيخ قد أخطأ في بعض استنتاجاته حول المواضع في منطقتنا، فهو من صميم حقي كباحث ما دمت قد بينت وجه الصواب فيه، وكلنا نهم ونخطي وليس أحدٌ فوق أن يخطىء، والشيخ الجاسر -رحمه الله- كان مثالاً لرجل العلم الحقيقي، وحتى مع شهرته الذائعة وعلمه الجمّ الغزير إلا أنّ له بعض الأخطاء التي لا تنتقص من مكانته السامقة التي وصل إليها، وكلنا نقدر له موقفه الرائع والعظيم عندما تبين له خطأ رأيه الذي ذهب إليه في أنّ مؤلف كتاب المناسك هو الحربي، ثم تبين له خطأه في ذلك، فاعترف به بنفسه بكل أريحية، وهي صفة العلماء الكبار، كما أننا لا ننسى له موقفه الرائع عندما كتب موسوعته الذائعة الصيت عن البلاد العربية السعودية، وعلى الخصوص ما يتعلق منها بالمنطقة الشرقية حيث قد أورد في المجلد الثالث تصحيحات وردته من أدباء المنطقة وباحثيها في تصحيح أخطاء وقع فيها، فدوَّنها بكل أريحية وصحح ما أخطأ فيه، ولم يقل انه لا يخطىء كما يحاول الفريدة أن يوهمنا، والأستاذ الجاسر رحمه الله اراد أن يعلمنا بعمله ذاك أنه لا أحد فوق النقد مهما بلغ مستواه العلمي، ومع ذلك فإنني لم أذكر شيخنا الجاسر - يرحمه الله- إلا بكل خير في كتابي هذا، وإذا حصل واختلفت معه اختلافاً علمياً فإنني قد بينت وجهة نظري بكل أدب واحترام، وهذا الأمر ليس في هذا الكتاب فقط، ففي مباحثاتي المذكورة معه في جريدة الجزيرة حول شعر ابن المقرَّب وشرحه عندما أبلغته باعتزامي وزميلي على إعادة تحقيق ديوانه على نسخ خطية لم يرها أحدٌ قبلنا للديوان، فقد أبدى الشيخ إعجابه بما رددت عليه فيه من معلومات عن بعض المواضع في المنطقة، واعترف بصحة ما أوردته بكل سماحة وخلق كعادته وهو العالم الكبير الذي علمنا أنّ الحكمة ضالّة المؤمن أنى وجدها أخذها، وعلمنا أننا يجب أن نقعّد أهواءنا على النصوص الصحيحة وليس بأنء نقعد النصوص الصحيحة وفق أهوائنا كما علمنا أن نقول الحق حتى ولو كرهنا نتائجه، فكيف يتهمني الأستاذ الفريدة بأنني أصف رجلاً مثل هذا العالم الكبير بالجهل والهجوم السافر عليه، فسامح الله الأستاذ الفريدة على ما قاله، وأتوجه بالشكر له مرّة أخرى وللدكتور سعد الناجم على ما قالاه وكتباه حتى وإن خالفاني في رأيي لأنني أعلم علم اليقين أنّه اختلاف لا يفسد للود قضية، وما هدفنا إن شاء الله إلا الوصول للحقيقة فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.