يمر العالم الآن بمرحلة انتقالية تتموج بتحولات جذرية وعميقة وشاملة في جميع المجالات، مرحلة تنكسر فيها القيود وتلغى فيها الحدود وتنفتح فيها الأسواق وتشتعل فيها المنافسات ويتنامى دور التكنولوجيا الحديثة التي لعبت دورا رئيسيا في احداث هذه التحولات، ولاشك في ان التطور الملحوظ الذي طرأ على وسائل الاتصال بظهور ثورة المعلومات والاتصالات قد اثر بشكل واضح على الانشطة الحياتية وبدأ التحول التدريجي من التنفيذ التقليدي للأنشطة الى التنفيذ الالكتروني وخصوصا مع تعاظم الاستفادة من شبكة المعلومات العالمية (الانترنت). كثر في الآونة الأخيرة الحديث بين الناس عن الحكومة الالكترونية وهذا توجه معلوماتي ايجابي لدى المواطن ولكن قبل ان نبدأ بالحديث والخوض في دهاليز هذه الحكومة العصرية فلابد أن نوضح المفهوم الصحيح للحكومة الالكترونية حيث يتبادر لذهن كثير من الناس عند سماعهم مصطلح الحكومة الالكترونية (E-government) قيام هذه الحكومة بجميع الاعمال الموكلة اليها عن طريق الانترنت وهذا مفهوم خاطئ حيث انه من الصعب على أي حكومة بالعالم ان تدير موارد بلدها وتحول عملها بالكامل الى عمل عن طريق الانترنت لذا وجب وضع مفهوم علمي للحكومة الالكترونية فهي بشكل مبسط تعني الانتقال من تقديم الخدمات والمعاملات العامة من نموذجها الروتيني المعتاد الى نموذج الكتروني اسرع وأدق وبتكاليف ومجهود اقل من خلال موقع واحد على الانترنت هو موقع الحكومة الرسمي على الشبكة العنكبوتية حيث انه بمثابة مجمع الكتروني للأجهزة الحكومية. من الأهداف التي تسعى اليها الحكومة الالكترونية زيادة الانتاجية وخفض التكلفة في الأداء باستخدام التكنولوجيا المعتمدة على شبكة المعلومات وتقديم الخدمات المتميزة للمواطنين ومؤسسات قطاع الأعمال في زمن قياسي وتقليص الاجراءات الادارية المملة كما تهدف الى خفض تكاليف تقديم الخدمات ورفع المردودية وزيادة فرص العمل من خلال ايجاد وظائف جديدة كما تساعد على دمج المراحل المتعلقة بالحصول على الخدمة ابتداء من معرفة المتطلبات اللازمة للحصول على الخدمة مرورا بتحضير الأوراق اللازمة وانتهاء بتنفيذ الخدمة، ودمج كل ذلك في مرحلة واحدة، اضافة الى سرعة تبادل المراسلات والوثائق بين الجهات الحكومية وسهولة تخزينها واسترجاعها، وتساعد في اتخاذ القرار ومعرفة متخذي القرارات ومحاسبتهم عند الخطأ ومكافحة الفساد الاداري وهذا يؤدي الى ايضاح الصورة امام المواطن فبالتالي ضمان شفافية عالية كما انها تساهم في ايجاد بنية معلوماتية متطورة في الجهات المختلفة للحكومة. عند تطبيق مشروع الحكومة الالكترونية بنجاح فهذا يعني الاقتصاد في الوقت والجهد والمال، اضافة الى انها ستساعد في حل بعض المشكلات المدنية نذكر منها على سبيل المثال الازدحامات والاختناقات المرورية طالما ان الانسان يستطيع الحصول على الخدمة وهو بمنزله في الجانب الآخر سيقل ضغط المراجعين على الجهات الحكومية وتداخل الطوابير المزعج كما انه قد يؤدي الى تقليص عدد المسطحات والمباني الخدمية فبالتالي تقليل مصاريف صيانتها مما ينتج عنه رفع مستوى الخدمة وتقليل التكاليف. توجد مراحل اساسية على ضوئها يتم تنفيذ الحكومة الالكترونية نذكر منها تأمين البنية التحتية الضرورية لربط كافة مؤسسات الدولة المطبقة للمشروع بشبكة معلومات واحدة وهذا لن يأتي الا بوجود شبكة اتصالات حديثة لها القدرة على نقل المعلومات بسرعة مع المحافظة على سلامة المعلومات وسريتها كذلك تعميم استخدام الكمبيوتر على موظفي القطاعات الحكومية وتوفير استخدام الانترنت على المواطنين بشكل مجاني او برسوم رمزية وتأمين البدائل لمن لا يجيدون استخدام التقنية الحديثة مثل وضع موظفين يعملون كوسيط عن طريق الهاتف لخدمة هذه الشريحة من المجتمع ولابد من المضي والاستمرار في عمل الورش الخاصة بتطبيق الحكومة الالكترونية والاستفادة من تجارب الدول الاخرى ومن المهم انشاء ادارة متابعة وتطوير تطبيق الحكومة الالكترونية والتعاون بين القطاعين الخاص والعام واسهامهما في دعم التطبيقات المتعددة للحكومة الالكترونية، هذه الخطوات تعتبر مراحل ميلاد للحكومة الالكترونية وهي مراحل أولية رئيسية لبدء تنفيذ مشروع هذه الحكومة العصرية ويجب الاشارة هنا إلى أنه لابد ان ينفذ المشروع بشكل تدريجي وان يتم تشجيع المواطن لاستخدامها بما يصاحب المشروع من دعاية واعلان سيكون دافعا قويا نحو التطبيق من اجل خدمات الكترونية تتميز بجودة عالية. جامعة الملك فيصل وعضو جمعية الحاسبات السعودية