الاديب الراحل توفيق الحكيم.. كان له حمار, اشتهر ذلك الحمار في العالم العربي, واظن ان كل مطلع على الادب العربي, قد قرأ او سمع شيئا عن ذلك الحمار المشهور, لان الحكيم كان يحاوره حوارا ساخنا وساخرا, ويستخدم ذلك في السخرية من التصرفات والسلوكيات المرفوضة في المجتمع, محاولا نزع الاقنعة, ولم تكن تلك الحوارات لاضحاك الناس, بل كان لها غرض اسمى من ذلك, هو النقد والتوجيه والاصلاح, باسلوب التلميح لا التصريح, ثم ينشر تلك الحوارات في الكتب والجرائد والمجلات, ومن المؤكد ان تلك الحوارات هي التي جعلت حمار الحكيم اشهر حمار في العالم, فهل كان حمارا بكل المقاييس, والغريب ان حمار الحكيم ليس من الحمير العادية, فله ميزة فريدة يمتاز بها, هي انه لا يعرف انه حمار, لا اعرف لماذا, ولكن لا استبعد ان يكون هناك دور ما (لعنصر) اجنبي في ذلك, كالفنانة (برجيت باردو) لانها عطوفة على الحيوانات, ومن ابرز المعجبات بهم, وبالطبع من ضمنهم الحمير, فربما يكون لها دور في تألق هذا الحمار.. فمن يدري؟!! كثيرا ما يدخل حمار الحكيم في متاعب كثيرة, وهذا نتيجة لطبيعة الذكاء (الفطري) الذي ولد به ذلك الحمار, وكان عليه دائما ان يدفع ضريبة العبقرية (الحميرية). كان الحكيم يستخدم الادب الساخر مع حماره, لما فيه من خيال غني, ولا اعرف هل نفق حمار الحكيم, ام لا يزال على قيد الحياة؟.. فان كان على قيد الحياة, فأظن انه محتار - اليوم - مع اي من حمير العالم سينضم, لانه سيواجه عالما متحيزا ضد الحمير, وقد يصيبه الامتعاض, لانه ربما يجد بلدانا مزدهرة, تقدم العلف والشعير لجميع حميرها, وتكرمهم بالعلف جيدا, ولكنها لا تسمح لهم بالنهيق, لاعتبارات كثيرة, منها ان النهيق من انكر الاصوات, وقد يجد بلدانا اخرى, غنية او فقيرة, توفر لحميرها حرية النهيق الكاملة, في كل مكان وعبر كل وسيلة, غير انها لا توفر لهم ما يسد حاجتهم من العلف والشعير, وكل هذا يهون, رغم كل مرارته, لانه ربما يجد - هذا الحمار المسكين - بلدانا لا تقدم العلف ولا تسمح بالنهيق.. بل همها ربط الحمير, وترك اسراب الذباب تنعم بحرية الطيران لتحط على ابدانها.