وصل الشاب وهو في رمق الحياة الأخير، مازال في عمره الأربعين، إلا أن الموت كان متربصا به في أي لحظة ، تمت معاينته ووجد أنه مصاب باحتشاء شديد في القلب. كان ضغط دمه منخفضا جدا يدل على قصور شديد في عضلة القلب مصاحبا بوذمة رئوية (احتقان رئوي) وبادر الأطباء المتمرسون ذوو الخبرة بإجراء قسطرة عاجلة، تبين منها انسداد في الشريان التاجي الأيسر النازل بنسبة تسعين بالمائة. قام الأطباء عن طريق القسطرة بإجراء توسيع للشريان، وتركيب دعامة معدنية . الذي حصل بعد ذلك مباشرة أن ضغط دم المريض عاد الى معدله الطبيعي. وفي اليوم التالي تمت إزالة أجهزة التنفس والأجهزة المساعدة . في اليوم الثالث أخرج المريض معافى تماما الى منزله .. قبل ثلاثة أيام كان مرشحا للموت في أي لحظة ، وبعون الله ثم بالتدخل القسطري المتمكن ، خرج تستقبله الحياة .. حدث هذا في قسم القلب بمركز سعود البابطين لأمراض جراحةالقلب. في هذا المركز الذي جاء فتحا علاجيا وتحقيقا لآمال مرضى القلب في المنطقة ، تم حتى الآن في الفترة القصيرة ( مدة لا أظنها تتعدى الاشهر الأربعة) إجراء 388 عملية قسطرة تشخيصية، وتم إجراء 111 عملية قسطرة علاجية .. دعني أقرب لك معنى عدد هذه الحالات . في القياس الطبي العالمي يتم الإعتراف بمركز أمراض جراحة القلب ليكون مركزا تدريبيا لتخريج استشاريين متخصصين في مجال القسطرة العلاجية، يتطلب ذلك أن يكون قد أجرى ما معدله 150 حالة سنويا، وانظر ماذا تم في مركز البابطين للقلب .. وقارن! وتستغرب عندما تعلم مدى الحاجة لهذا المركز ، وتتعجب كيف كان الوضع بدونه. ستضع يدك على قلبك عندما تعلم أن مرضى العيادات الخارجية في مركز القلب يزيدون على اربعمائة حالة في كل أسبوع ( يحتاج منهم ما لا يقل عن 10% الى التدخل العلاجي بالقسطرة، وهي نسبة للأسف مرشحة للزيادة مع تطور المرض).. ذكرنا أن مركز سعود البابطين أجرى في الاشهر الأربعة الماضية 111 حالة قسطرة علاجية، ونستنتج الآن مع المعلومات التي تناولناها أن هؤلاء كانوا مرشحين للموت .. وهم أحياء الآن يمارسون حياتهم العادية. هذه نعمة يجب أن تستمر ، وعدم تحفيزها وتشجيعها ظلم أمام المريض .. وأمام الضمير. وربما يجىء من يقول أو يتخوف من عدم اكتمال الغطاء الجراحي في المركز ولكن مثل مارأينا ( وهي حقائق علمية أمام الكل ) أن حالات كثيرة تعالج 100% في القسطرة العلاجية ولا تحتاج غطاء جراحيا، بل ان التدخل الجراحي تنقص الحاجة إليه كل يوم مع التقدم الطبي في العلاج التدخلي بالقسطرة . ونعرف باطمئنان أن 90% من الأمراض القلبية تعالج تماما بالقسطرة.. حمدا لله .. أما وزارة الصحة ومركز سعود البابطين للقلب.. فياليت أهل اللغة اخترعوا كلمة نقولها لهم أقوى تعبيرا من " شكرا" .