لم يكن في حسبان المقيم فريد البكري أن رفع قضية خطأ طبي أمام الهيئة الشرعية الطبية أمر ليس باليسير وأن عليه الانتظار فترة زمنية طويلة للنطق بالحكم، مما أجبره على تقديم تنازل عن المطالبة بالحق الشرعي من المستشفي الخاص المتسبب في وفاة زوجته إثر خطأ طبي أثناء عملية نقل دم. ومن الغريب أن هذه القضية لا تعتبر الأولى من نوعها التي تشهد تنازل المدعي عن حقه الشرعي أمام الهيئة الشرعية وإنما تعد نموذجاً واضحاً لطول فترة التقاضي حتى سماع النطق بالحكم. ووفقا لما أشار له المقيم فريد البكري ل"الوطن " فإن طول عدد الجلسات أمام الهيئة الشرعية وتفاوت مواعيدها دفعته إلى التنازل عن المطالبة بالحق الشرعي من المتسببين في وفاة زوجته. وعن تفاصيل الخطأ الطبي المرتكب بحق زوجته، قال: أصيبت زوجتي بسرطان الثدي، وتم إجراء عملية جراحية لها تكللت بنجاح خارج المملكة ولم تعان من مضاعفات بعد العملية وأصبحت تتمتع بصحة جيدة، وبعد عودتها للمملكة بدأت تظهر عليها أعراض ألم في منطقة الظهر، مما دفعنا لزيارة المستشفي الخاص الذي قرر أن هناك ورما في منطقة الظهر وكانت بحاجة لإجراء "إشعاع ذري" وبعد تنويمها بفترة 4 أيام، اخبرني الأطباء بأهمية إجراء عملية نقل دم لها بسبب وجود هبوط في " الهيموجلوبين بالدم " ولكني رفضت ذلك وطلبت إعطاءها إبرة تحت الجلد تساعد على رفع "الهيموجلوبين" كما كان يفعل لها سابقا في المستشفي خارج المملكة أثناء معالجتها من ورم الثدي. وأكد أن الأطباء المشرفين على حالتها خارج المملكة أخبروة من قبل أن عملية نقل الدم في حال حدوث هبوط في "الهيموجلوبين بالدم" تعرضها للخطر، وبالرغم من أنه أوضح تلك الحقيقة وكل مخاوفه تجاه هذه الخطوة لأطباء المستشفى الخاص بالمملكة إلا أنهم أصروا على إجراء عملية نقل الدم لها، مما تسبب في تدهور حالتها الصحية، ونقلها إلى غرفة العناية المركزة، حيث كانت الدماء تخرج من فمها أثناء الرشح، ولم يكتف طبيب الأورام بذلك بل أجرى لها أكثر من 3 عمليات نقل دم داخل العناية المركزة، مما عرضها لمضاعفات دون علم أسرتها أو أخذ استشارة الأطباء المتخصصين. وكشف البكري أن الأطباء الاستشاريين داخل المستشفي الخاص أخبروه بعد وفاة زوجته أن عملية نقل الدم تسببت في تدمير الغشاء المحيط بالرئة المسؤول عن تبادل الأكسجين في الدم وكان ذلك سبب الوفاة. وأكد أن المستشفي الخاص كان يسعي لتزويد قيمة الفاتورة على حساب حياة زوجته، بدءاً من عمليات نقل الدم وتنويمها في العناية المركزة أكثر من 22 يوما لزيادة قيمة الفاتورة، حيث بلغت مئتي ألف ريال مقابل التسبب في وفاة زوجته. وأضاف البكري أنه تقدم بخطاب رسمي للهيئة الشرعية يطالب بالتحقيق مع المتسببين في وفاة زوجته وحرمان أبنائها منها والتسبب في حدوث ضرر نفسي كبير للأسرة، وطالب ضمن الشكوى بأخذ الحق الشرعي من كافة المتسببين في ارتكاب الخطأ الطبي الذي أودى بحياة زوجته نتيجة عملية نقل الدم الخاطئة. وأشار إلى أنه حضر أكثر من جلسة في الهيئة الشرعية الطبية وفي كل مره لا يحضر أحد من منسوبي المستشفي، ومع تأخير مواعيد الجلسات لأكثر من شهر ومماطلة المدعى عليهم في الحضور إلى جانب تحمله مشقة السفر من الرياض إلى جدة لحضور الجلسات في كل مره، حيث يقيم في مدينة الرياض، اضطر إلى التنازل عن القضية. و من جهته أكد رئيس الهيئة الطبية الشرعية بمحافظة جدة الشيخ عبد الرحمن العجيري ل «الوطن» أن المدعو فريد البكري رفع شكوى للجنة الشرعية يتهم فيها طبيب الأورام بالمستشفي الخاص بالتسبب في وفاة زوجته، بعد إجراء عملية نقل دم أودت بحياتها، وبعد الاطلاع على التقرير الطبي الصادر من المستشفي استعداداً لعرضة على هيئة متخصصة لمناقشته، تم إيقاف القضية بسبب تنازل الزوج عن حقه، وسبق أن حضر المدعي أكثر من 4 جلسات وفي كل مره لم يحضر المدعى عليهم يتم تأجيل القضية لجلسة أخرى. وأرجع الشيخ العجيري سبب تنازل زوج المتوفاة إلى أن طول فترة الجلسات وتفاوت المواعيد أرهق الزوج وأصبح غير قادر على المواصلة، مشيرا إلى أن تأخير مواعيد الجلسات في الهيئة الشرعية يدفع بعض المدعين للتنازل عن المطالبة بحقوقهم، مبررا ذلك بعدم وجود محكمة مخصصة للأخطاء الطبية تساهم في ضبط الوضع، إلى جانب أن بعض المدعين قد يتوصلون مع الطرف الآخر للاتفاق على الصلح فيما بينهم مقابل مبلغ من المال والتنازل عن القضية المرفوعة. كاشفا أن هناك العديد من أصحاب القضايا المرفوعة لدي الهيئة الشرعية تنازلوا عن قضاياهم لعدم مقدرتهم على الاستمرار.