فيما بدأت أمس جولة مفاوضات تقنية في عاصمة كازاخستان، أستانة، حول الأزمة السورية، بمشاركة خبراء من الدول الضامنة «روسيا وتركيا»، تمهيدا لمفاوضات جديدة غير مباشرة بين المعارضة المسلحة والنظام، اليوم وغدا، لم تتأكد بعد المشاركة الكاملة لفصائل المعارضة، بعد أن كانت امتنعت عن المشاركة في الجولة الأخيرة التي عقدت يومي 14 و15 مارس الماضي، بسبب عدم قدرة روسيا على تنفيذ التزاماتها، والضغط على حليفها في دمشق لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية. ورأت تقارير أنه في حال عقد المحادثات، فإنها ستكون على أسس مختلفة تماما، بسبب تغير الأوضاع على الأرض خلال أبريل الماضي، لمصلحة فصائل المعارضة، وتراجع تقدم قوات النظام والقوات الروسية الداعمة له. وكانت موسكو استبقت الجولة الجديدة، بمبادرة تتضمن طرح أفكار جديدة، تتعلق بإنشاء مناطق خاصة آمنة بين قوات المعارضة السورية وقوات النظام، وإدخال قوات من دول محايدة إلى خطوط التماس. إضافة إلى فكرة توسيع صيغة أستانة، لتشمل دولا أخرى. وأكدت تقارير إعلامية روسية أن هذه الأفكار يمكن أن تعمل على تثبيت وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تقصفها قوات الأسد، غير أنها ألمحت إلى أنه من السابق لأوانه الحديث عن قبول تلك الأفكار، خاصة أن روسيا لم تتمكن حتى الآن من التحول إلى وضع الضامن الحقيقي القادر على تنفيذ التزاماته، بتحجيم قوات النظام، وتقليص مساحة الوجود الإيراني ومليشيات حزب الله في سورية. تغييرات على الأرض أبدى خبراء روس دهشتهم من إصرار بلادهم على دعم نظام دمشق، ومساندة الأسد شخصيا، مشددين على أن التطورات في سورية منذ نهاية مارس الماضي، أدت إلى تغييرات جذرية على الأرض، إذ حددت مساحة الدور الروسي الذي ضخمته وسائل الإعلام الروسية نفسها، وفَصَل عمليا بين مواقف موسكو وأنقرة، مانحا في الوقت ذاته الثقة للقيادة التركية من أجل مواصلة عملياتها في شمال سورية. وشدد الخبراء أيضا على أن نشاطات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، والتي نجحت في الآونة الأخيرة في محاصرة إيران وميليشاتها الحليفة عبر زيادة العقوبات، وأضافت أن مستوى العلاقات الروسية الأميركية لا يتحدد فقط بتحرك الأوضاع في سورية، بل وبعدة ملفات أخرى مثل أوكرانيا، والدرع الصاروخية، وتمدد حلف الناتو، والعقوبات الدولية، وأن هذه العوامل تؤثر بدرجة أو بأخرى على شكل مفاوضات أستانة. التحضير لجنيف لفتت التقارير إلى أنه لا توجد أي ضمانات لنجاح هذه الجولة، لأن صيغة أستانة فشلت عمليا بعد جولة مارس الأخيرة، والأولوية الآن لم تعد لهذه الصيغة أو حتى لصيغة جنيف، بقدر ضرورة حصار قوات الأسد، والعمل على الأرض بنجاح للتسريع بتخفيف معاناة الشعب السوري، وتفادي الاصطدام المباشر بين القوى الكبرى الموجودة في سورية. وطلبت المعارضة السورية من روسيا وقف القصف، وإدخال المساعدات إلى الغوطة وريف حمص، ووقف تهجير أهالي حي الوعر في حمص، قبل انطلاق محادثات «أستانا-4» المقررة اليوم. كما طلبت من موسكو نسخة مكتوبة من المبادرة الروسية حول المناطق الآمنة، ورد الروس بأنهم سيقدمونها مكتوبة خلال المحادثات.