سأدع الحديث عن التوقعات حول نجاح مخرجات البرنامج مستقبلا، فقد تم إشباعه من قبل الكتاب المتخصصين، بالإضافة إلى أن الحديث عنه من هذه الناحية التفصيلية -أي نتائجه ومخرجاته- يحتاج أن يتناوله نخبة من الاقتصاديين وأصحاب التجارب، حيث إن الاندفاع في إبراز إيجابياته لن يغني عن الوقوع في الأخطاء، وهذا يدعو لأتناوله من ناحية النظريات الإدارية التي سلكها قرار تفعيل برنامج التحول الوطني. اختار الأمير محمد بن سلمان -وفقه الله- لانطلاق برنامج التحول الوطني "نظرية الإدارة بالأهداف"، وهي نظرية فاعلة؛ تقوم فكرتها حول الإدارة بالمشاركة -أي إشراك الوزراء في وضع الاستراتيجيات وتحديد الأهداف والنتائج المتوقعة- لذا فالإدارة بالأهداف تُسمى أيضاً (الإدارة على المكشوف)، وهي ليست تنازلاً عن المسؤولية؛ إنما هي مشاركة حقيقية في توزيع الأدوار، وتحديد الأهداف الممكن تحقيقها، والهدف من ذلك استشعار وانتقال الرؤية المتفق عليها إلى هاجس ووجدان القائمين على ذلك، حيث تدحض نظرية الإدارة بالأهداف؛ النظريات التقليدية التي تحتكر المسؤولية في شخص واحد وتحمله كافة المسؤولية. ويمكن تبسيط أركان الإدارة بالأهداف إلى: يتفق الرئيس مع المرؤوس على الأهداف الممكن تحقيقها، ثم توضع خطة عملية زمنية لتحقيقها يتفق عليها الطرفان، ويكون للطرف الثاني (المرؤوس) الدور الأكبر في تحديدها وصياغتها، ويبدأ التنفيذ والعمل، والتقييم والمتابعة من أجل تعديل أي انحراف أو إزالة أي عائق وصعوبة، ثم بعد انتهاء المدة الزمنية؛ تبدأ عملية مناقشة الإنجاز الفعلي مع الأهداف المحددة سلفاً، ولينجح هذا الأسلوب؛ لا بد من متابعة قياس حجم الإنجاز الفعلي للأهداف المرسومة، والذي يساعدنا فيه مبدأ الرقابة القائمة على أربع خطوات وهي (النظرية، ومتابعة الأداء الفعلي، وقياس الأداء، وتصحيح الانحرافات عن المعايير). ولعل أبرز إيجابيات تطبيق نظرية الإدارة بالأهداف؛ هو تحقيق مبدأ التكامل والولاء والشعور بالمسؤولية وإعطاء حرية الإبداع التي تسهم في نمو وتطور النقد الذاتي للمسؤول نفسه، ونظرية الإدارة بالأهداف شبيه بالنموذج الياباني في الإدارة القائم على الشراكة وجماعية صناعة القرار.