النجاح: هو شعور جميل! يجعلك تفتخر بإنجاز قمت بتحقيقه، بعد جد وجهد وبذل وربما تضحية، ويعطيك الدافع للاستمرار والمثابرة، وكثيرا ما يقلقنا السعي إلى النجاح، فنحن نسعى دائما، إلى تحقيق أفضل النتائج في حياتنا، بأبسط الأدوات وأقل التكاليف وأيسر السبل، وإلى جعل نجاحاتنا شاملة، تغطي جوانب حياتنا كافة، سواء العملية منها، أو العلمية، أو الاجتماعية، أو الاقتصادية، وكلها جوانب مهمة، وقد تكون ملحة، وهذا ما يحثنا عليه ديننا الحنيف، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا"، وقال تعالى: "فإِذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله". وهنا أتساءل عن قدراتنا البشرية في تحقيق النجاحات المطلوبة والمأمولة، ونحن نعرف أن طبيعتنا البشرية -بما فيها من نقص وقصور- تغلب على سلوكياتنا في شتى جوانب الحياة ومجالاتها، وتحدد ماهية ومدى تعاطينا معها، وتحكمها، وربما تتحكم في بعضها أو جلها، وتساؤلاتي هي: هل نحن قادرون على تحقيق النجاح في كل الميادين الحياتية؟ أم أن قدراتنا تقتصر على ميادين معينة دون غيرها؟ وهل يكفينا تحقيق النجاح في بعض المجالات أو في إحداها؟ أم أنه علينا السعي إلى تحقيقه في جل المجالات، إن لم يكن فيها كلها؟ وما الذي يتطلبه النجاح؟ التخطيط، الرغبة، الإرادة، الحاجة، الشجاعة، المبادرة، المثابرة، المعرفة، الوقت، المال، الطاقة، الاستطاعة، القدرة، الإمكانات، الأدوات؟ وهل لو اجتمعت هذه العناصر كلها، أو في حدها الأدنى، لكان النجاح مضمونا، بعد توفيق الله؟ وهل الطبيعة البشرية قادرة على تحمل وتوفير كل عناصر النجاح أو بعضها؟ شهدنا ونشهد الكثير من الأمثلة والنماذج لنجاحات عديدة ومتنوعة تحيط بنا، منها من نجح أصحابها علميا ولم ينجحوا اجتماعيا، ومنها من حقق أصحابها النجاح العلمي دون العملي، أو العملي دون العلمي، ومنها أيضا من نجح أصحابها في الحياة الأسرية أو الاجتماعية، ولم يوفقوا في النجاح في حياتهم العملية أو العلمية، والأمثلة كثيرة يصعب حصرها، ويكفي أن نتبصر في محيطنا وفي المحيطين بنا لنكتشف بعضها، ونتعرف عليها وعلى أصحابها. وهنا أتطرق إلى أهمية التخطيط وترتيب الأولويات، وهي من الأمور المهمة التي تسهل علينا وتيسر لنا بلوغ أهدافنا وتحقيق النجاحات في حياتنا، ولعله ينبغي علينا أن لا نبدأ الرحلة دون خارطة ترشدنا وتكون دليلنا، لتمهد وتسهل وصولنا، وتعيننا على تحقيق النجاحات التي نرجوها. فقد يضع بعضنا -على سبيل المثال- العلم في أعلى سلم أولوياته، ليكون مفتاحا لما يليه من مغاليق، كالعمل والزواج والأسرة وتأمين العيش الكريم، وقد يقدم بعضنا العمل أو الزواج أو غيرهما، ويؤخر العلم أو التعلم، وهذه الأولويات تخضع في ترتيبها وتقديمها وتأخيرها لقناعات وتصورات واحتياجات الفرد ذاته، وأظنها تحتاج منا إلى شيء من المرونة والمراجعة والتقييم والتقويم من حين إلى آخر، لنصوب الأهداف ونصحح المسار في الوقت المناسب، فالأبطال يصنعون من أشياء عميقة في داخلهم، هي الإرادة والحلم والرؤية.