ما بين حالة "التقشف" التي أعلنتها الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون قبل أشهر، واليوم العالمي للمسرح الذي يوافق السابع والعشرين من شهر مارس كل عام، يلملم المسرحيون السعوديون اليوم أوجاعهم وتذمرهم، ليطلقوا بالونات أحلامهم، ويحتفلون باليوم العالمي رغما عن كل شيء. ففي الرياض وبرعاية وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، يحتفل فرع جمعية الثقافة والفنون في الرياض باليوم العالمي للمسرح، ويكرم فرع الجمعية مؤسسات الإنتاج بقيادة نجوم التمثيل والإخراج التليفزيوني ومديري الإنتاج، الذين أسهموا في تكوين قاعدة عريضة من شباب الوطن في مجال الأعمال التليفزيونية والإذاعية، والفنانون المكرمون هم : عبدالله السدحان، خالد الطخيم، سعد خضر، علي إبراهيم، خالد المسيند، فايز المالكي، حسن عسيري، عبدالرحمن الخطيب، محمد المنصور، مريم الغامدي، محمد الغامدي، عبدالرحمن الزايد، فهد الحيان، فيصل العيسى، سعد المدهش. ويعرض فرع الجمعية بالرياض مسرحية «الكف المفترس»، وهي مسرحية اعتمدت بحسب الفنان راشد الشمراني على السايكودراما (الدراما النفسية) من ناحية الغاية في تحرير الأنا التلقائية والمبدعة لدى الممثل، وتعويده على مناقشة مشاعره وأفكاره من دون خجل أو هرب. وقال الشمراني: هذه التجربة استهدفت الممثل الذي قضى ردحاً من الزمن يعمل بطريقة آلية، يردد من خلالها نصاً مكتوباً وحركة مرسومة لا يحيد عنها، خصوصاً لدى المبتدئين منهم، لذلك جاءت فكرة هذه المسرحية. ودخلنا جميعاً في صناعة العرض المسرحي من ناحية اختيار كل ممثل لدوره، مع عدم وجود حوار مكتوب». وذكر أن فريق الورشة في «فنون الرياض» الذي يشرف عليه المخرج المسرحي رجا العتيبي استمر في البروفات طوال أربعة أشهر، وسيكون العرض الأول اليوم في مركز الملك فهد الثقافي بمثابة الفعل أو الحدث، "لأن فيه لب تجربتنا، والحوار الذي سيحصل أمام الحضور تلقائيا ولم يكتب أو يتفق عليه كما يجري عادة في العروض المسرحية، وهذه غاية التجربة بالوصول إلى تحرير الممثل وجعله صانعاً حقيقياً للعرض". ولفت إلى أن المرحلة الثالثة (المشاركة) يسهم الجمهور في صناعة العرض المسرحي من خلال اختيار شرائح ممثلة للمجتمع من النخب المثقفة والمهتمين بالمسرح، وصولاً إلى المشاهد العادي والأخذ بآرائه بعد مشاهدة البروفات الأخيرة للمسرحية وإضافتها بما يخدم العرض المسرحي بعد جلوسهم مع طاقم العمل ومناقشتهم لأخذ آرائهم وملاحظاتهم لدمجها في العرض بصورته الدرامية. في الدمام يقدم أستوديو الممثل بفرع جمعية الثقافة والفنون عرضا مسرحيا من إخراج معتز العبدالله وتأليف عبدالباقي البخيت، وتمثيل مجموعة من الشباب في احتفالية الفرع باليوم العالمي للمسرح. وذكر مقرر لجنة المسرح بفرع الجمعية سعود الصفيان، أن الاحتفالية ستشهد مشاركة من قبل فناني المنطقة المخضرمين والشباب، في تقديم رسالة المسرح، إضافة للعديد من الفقرات المتنوعة، وستختتم بتسليم شهادة دورة إعداد الممثل التي قدمها المخرج البحريني عبدالله السعدواي بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح. إضافة إلى "معرض فوتوجرافي" يتضمن صورا منذ بداية المسرح في فرع الجمعية منذ أكثر من ثلاثة عقود لشخصيات ومسرحيات، يفتتحه مدير الجمعية الأسبق محمد الشريدي. كما سيقدم الفنان التشكيلي حسين السماعيل بورتريهات للفنانين المسرحيين بشخصيات مسرحية، وسيصاحب الاحتفال عزف موسيقي على عدة آلات موسيقية. فيما يشارك فرع جمعية الثقافة والفنون بجدة في احتفالات اليوم العالمي للمسرح بحفل تنظمه في مقرها على كورنيش جدة، يتضمّن تقديم عرض مسرحي بعنوان "كلمة يوم المسرح". "محكومون بالأمل" وإذا كان المسرحيون في الوطن العربي بشكل عام، يستعيدون سنويا كلمات أحد أهم رموز المسرح العربي الحديث الكاتب المسرحي السوري الراحل سعدالله ونوس "المسرح ليس تجليا من تجليات المجتمع المدني فحسب، بل هو شرط من شروط قيامه، وضرورة من ضروريات نموه وازدهاره". فإن الحالة المزرية التي آل إليها وضع المسرح في السعودية- بحسب كثير من المسرحيين، الذين وجدوا في مواقع التواصل الاجتماعي مساحة لإعلان التذمر والإحباط، خاصة في ظل تعطل جمعية المسرحيين السعوديين، وتوقف مهرجان المسرح السعودي- لم تحل دون تمسكهم بمقولة ونوس الخالدة "إننا محكومون بالأمل" فالمسرحيون على الصعيد العالمي، بحسب المسرحي علي السعيد "يعبرون عن وجهة نظرهم في اليوم العالمي للمسرح تجاه ما يحدث في العالم من صراع وحروب وتجويع وإذلال لكثير من شعوب العالم، وذلك عبر كلمتهم السنوية، خصوصا وأن كلمة هذا العام تؤكد أن الفن وبشكل خاص المسرح يسعى لإصلاح ما أفسدته السياسة وإعادة بناء ما دمره العسكر، ويشيرون إلى أن المسرح هو نبض المجتمعات و"ترمومتر" الحياة فيها. ويؤكد السعيد أن حالة التقشف وتقليص الميزانيات لجمعية الثقافة والفنون، سينعكس حتما على النتاج المسرحي، إضافة إلى تعطيل جمعية المسرحيين منذ أكثر من عامين". كلمة يوم المسرح العالمي كلمة هذا العام في رسالة يوم المسرح العالمي أطلق خلالها بيرت بيلي سؤالا "هل سنحاول أن نستغل القوة التي نمتلك لنفتح مساحة في قلوب وأرواح المجتمع، ولنجمع الناس حولنا، لنلهمهم، ولنصيبهم بالدهشة، ولنثقفهم، ولنصنع عالما من الأمل ومن التعاون الصادق؟" فيما اعتبر المسرحي إبراهيم الحارثي كلمة "بريت بيلي"، رسالة للأمل تظهر نقاء المسرحيين الحقيقي على حد قوله".