انتقد قاض في وزارة العدل، ما أثير إعلامياً حول فتوى الشيخ محمد العريفي بشأن عدم جواز اختلاء الأب بابنته، مؤكداً أنها مسألة لا يجوز بحثها فقهياً من الأساس. وأشار القاضي، الذي تحتفظ «الشرق» باسمه، إلى أن هذه المسألة لم يبحثها الفقهاء ابتداء إلا في حالات استثنائية كأن يكون الأب مريضاً، لأن مجرد السؤال في هذا الموضوع يستنكره الفقهاء كونه مخالفا لفطرة الأب الذي يعد ابنته قطعة منه، معتبراً أن السؤال يظهرنا كمجتمع أصولي متطرف جنسيا. وقال إننا لسنا بحاجة لهذا النقاش في وقت يشهد فيه المجتمع تباعداً بين الآباء وبناتهم، بل يجب على الأب أن يجلس مع ابنته ويسافر معها وحده، فهي فلذة كبدة. ولم يستبعد القاضي أن يخطئ العلماء والفقهاء في بعض فتواهم استناداً إلى أنهم ليسوا منزهين، مؤكداً استياءه الشديد من طرح هذه المسألة في وسائل الإعلام. من جانبه، أشار رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان مفلح القحطاني إلى أن التقرير السنوي الذي ستصدره الجمعية خلال أسبوعين، كشف عن أن أغلب حالات العنف ضد الأطفال تصدر من محيط الأسرة، خصوصاً في وجود أب مريض نفسياً أو مدمن أو عاطل عن العمل. وقال إنه في حال صدور الفعل ينظر إلى كيفية التعامل معه وحماية الطفل بغض النظر عن مرتكبه ومركزه في المجتمع أو درجة تدينه، مبيناً أنه لا يوجد رابط بين درجة تدين الأب وبين توقع صدور العنف منه، فالعنف والاعتداء يصدران من المتدين كما يصدران من غيره. وطالب القحطاني الآباء، في سياق متصل، بعدم تعريض أبنائهم للظلم أو هضم حقوقهم بالإهمال في استخراج الأوراق الثبوتية لهم، حيث وردت للجمعية حالات عديدة يكون الأب فيها معروفاً وسعودياً ولا يستخرج لأبنائه هوية، ما يحرمهم الحق في التعليم والعلاج وغيره، محملاً الجهات ذات العلاقة المسؤولية في تعطيل حصول هؤلاء على هوياتهم كما في حال طلاق الأبوين وفي حال الأطفال الناتجين مثلاً عن حمل بين خادمة ورب الأسرة حيث يتم تسفير الخادمة وتستغرق معاملات هؤلاء الأطفال فترة طويلة في الجهات الرسمية لاستخراج هويات لهم رغم أن الوالدين معلومان، في حين يحصل الطفل مجهول الأبوين على الهوية مباشرة. وذكر الاستشاري النفسي الدكتور حاتم الغامدي أنه من الإجحاف وصف الملتزمين دينياً بأنهم مضطربون جنسياً، لأن الاضطرابات تنتشر بين البشر بشكل عام ولا تخص فئة بعينها، وإذا ما صدر اعتداء من متدين فذلك يكون لتربيته في ظروف يسودها الكبت والحرمان وتوقع المثالية المبالغ فيها من الطفل. وأشار إلى أن الكبت قد يظهر في مرحلة المراهقة على شكل اضطراب جنسي، يعلو صوته على كل القيم والمبادئ، ولا يمكن لفتوى دينية أن تفيد في علاج هذا الاضطراب إلا بشكل وقتي، كمفعول حبة البندول، بل لابد أن يكون المنع بقوة القانون حتى يتم علاج الأب من الاضطراب. وأكد عدم وجود أي دراسات دقيقة تربط هذا الاضطراب بمستوى تدين الشخص. وكانت فتوى الشيخ محمد العريفي بتحريم مشاهدة قناة MBC3 للأطفال بدعوى أنها تغريبية ومفسدة، وافتائه بعدم جواز اختلاء البنت مع والدها حتى لا يكون له نظرة جنسية تجاهها، أثارت جدلاً كبيراً في المجتمع، وبخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأوضح العريفي في إحدى تغريداته أن فتوى عدم جواز اختلاء البنت بوالدها ليست مطلقة، وإنما تخص حالة سُئل عنها بشأن أب شاذ يتحرش بابنته كلما انفرد بها.