إحصاءات متعددة لنسب الشباب غير الممتلكين منازل في المملكة، يتفق السبب الأهم فيما بينها على الحرية القانونية التي يتمتع بها العقاريون، وهي سبب مهم في ارتفاع مجمل أسعار السلع واستحواذ هذه الشريحة على نسبة عالية من دخل المواطنين بسبب سلوكهم التجاري القائم على المضاربات المستمرة وتقليل معروض البيع وتنسيق الأسعار فيما بينهم، مقصودي هنا بعلاقة العقاري ب (ارتفاع أسعار السلع) هو أنَّ العقاري حينما يبالغ في أسعاره فإنَّه يُلجئ التاجر إلى رفع أسعاره وبالنتيجة استنزاف مزيد من دخل الناس، هذا المقدار كما أظن يبدو بديهيا ويعلمه الجميع، الحديث عن تدابير قانونية لا سيما في هذا الوقت تفرض أهميتها بسبب رفع أسعار بعض الخدمات والحديث عن فرض ضرائب مستقبلية على المواطنين التي ستسهم في انخفاض الدخل وانخفاض القدرة الشرائية، ما أعنيه بالتدابير القانونية هو وضع سقف منطقي لأسعار وإيجارات العقارات بحيث يجد بعض العقاريين ما يمنعهم من سلوكهم الاستحواذي ورفع الأسعار بطريقة مبالغة ومن سلب دخل المواطنين بمسميات واعتبارات مختلفة، في اعتقادي أن سقف الإيجار يمكن أن يسهم لحد ما في حماية المواطنين وحماية مدخراتهم. التلاعب القانوني هو نتيجة تكاد تكون بديهية حينما لا يكون القانون منطقيا أو محكم التطبيق، قائمة عريضة من المهن التي نسمع بأنها خاصة بالسعوديين نجد من يشغلها من غيرهم، وما تتناقله الصحف بين فترة وأُخرى من قرب فرض سعودة بعض أقسام الشركات وقرب تنفيذ ذلك لا يجد عادةً طريقه للواقع، وإذا عدنا كذلك في مثالٍ آخر إلى فرض المحرم مع الفتاة للدراسة في الخارج نجده أيضاً من هذا الباب، فهناك نسبة ليست قليلة تضطر للمخالفة والتلاعب بسبب عدم مناسبة الشرط لها، هذا الأمر يعيدنا لحقيقة بديهية هي أن كل نظام ولكي يطبق ونراه بالفعل متحققا ومستديما على أرض الواقع يحتاج قبل كل شيء إلى أن يكون منطقيا وثانيا أن يكون بموازاته آليات رقابية تضمن تطبيقه وعدم التلاعب به، أهمية هذا الحديث هو أن فرض سقف سعري لأسعار العقارات وفرض سعودة وظائف وأقسام معينة هو فرض يمكن جدا التلاعب به كغيره من القرارات، لذا لا يبدو من المجدي فقط فرض قانون يبدو في ظاهره أنه يخدم المواطن، بل ينبغي دائما بموازاته فرض الرقابة عليه كآلية تضمن بالفعل تحقيقه. في اعتقادي أنَّ هناك قرارات كثيرة تُسن لصالح المواطن إلا أنَّ شريحةً ما تتلاعب بها لتتعثر قبل أن يستفيد منها الناس، النجاح الباهر الذي تحقق في موسم الحج من زاوية إيقاف الحجاج غير الشرعيين لم يكن بسبب فرض لائحة وإعلانها للناس فقط، بل حينما امتلأت مداخل وطرق مكةالمكرمة بنقاط التفتيش الكثيرة التي أسهمت في كشف الحجاج غير الشرعيين ومنعهم من الحج، هذا تماما ما يحتاج المواطن إليه في أسعار العقارات وكذا في توطين الوظائف وغيرها مما يمس حياته بشكل أو بآخر، ترك النظام دون رقابة هو ما يجعله فقط حبرا على ورق، وهو ما يجعل المخالف يتمادى ويستمرئ يوما بعد آخر التلاعب به والاحتيال عليه.