في وقتٍ أفاد سكان في عدن بأن الوضع في المدينة لم يعد يُحتمَل مع إغلاق المرافق والنقص في كل المواد، ألمحت إيران حليفة المتمردين بإمكانية إقناعهم بتشكيل حكومة جديدة في اليمن مستدعِيةً دوراً مماثلاً لها في أفغانستان قبل أكثر من عقد، فيما دخلت عملية «عاصفة الحزم» التي ينفذها تحالف تقوده المملكة يومها ال 19. وواصلت طائرات التحالف قصف مواقع المتمردين في عدن خصوصاً حواجز نصبوها على مداخل المدينةالجنوبية، وطال القصف منطقة المعاشيق التي تضم مجمعاً رئاسياً إذ قال مصدر إن الطائرات نفذت فجر أمس غارة على المنطقة. وبالتزامن، استمرت الاشتباكات في عددٍ من أحياء المدينة بين المتمردين واللجان الشعبية ما أسفر عن مقتل 11 حوثياً و6 مقاتلين من اللجان و13 مدنياً، بحسب مصادر طبية. وذكر طبيب أن قناصة من الحوثيين المتمركزين فوق أسطح بعض المباني قتلوا خلال الاشتباكات 5 أشخاص، هم مدنيان و3 من اللجان، فيما تحدث الناشط الموالي للشرعية معتز الميسوري عن «نزوح كثيف للعائلات من عدن؛ بدأ نهاية مارس وتواصَل بسبب كثافة المعارك». وأفاد الميسوري، المقيم حتى الآن في المدينة، بأن «المعارك أدت إلى تعطيل حركة المواطنين للعمل وإغلاق المدارس والجامعات وكافة المرافق الحكومية والخاصة»، ملاحظاً «تسريح عديد من عمال وموظفي الشركات التجارية والمرافق الحكومية لعدم توفر السيولة الكافية لدفع الرواتب». ووفقاً لسكان؛ بات الوضع في عدن لا يُطاق بسبب نقصٍ في كل شيء لا سيما الغذاء وتدهور الوضع الأمني بسبب استمرار المتمردين في القتال، وقالت أم مبارك (48 عاماً) إنها لم تعد قادرة على الخروج من البيت لشراء احتياجاتها «بسبب القناصة الحوثيين»، مؤكدةً أن «معيشتنا باتت سيئة، فالمخابز والأفران مغلقة ولا يوجد في منطقة دار سعد والشيخ عثمان إلا فرن واحد يعمل وتصطف طوابير طويلة». واعتاد العدنيون مؤخراً على الوقوف لساعات أمام المتاجر والمخابز ومحطات التزود بالوقود، وذكر محمد أمين وهو ينتظر دوره أمام مخبز أن الطوابير لا تقتصر على مراكز المواد الغذائية بل تطال محطات البنزين والديزل، لافتاً إلى انقطاع الكهرباء والمياه «لنبقى دون أي حاجة»، حسب تعبيره، بينما رصد أحمد عبدالله ارتفاعاً في أسعار الخدمات والسلع. وتواجه طواقم منظمة «أطباء بلا حدود» صعوبات في الوصول إلى سكان المدينة المحتاجين إلى مساعدات طبية، كما قالت المسؤولة في المنظمة ماري إليزابيث إينجرس. وتعاني صنعاء من أزمة مماثلة، بحسب الناطقة باسم لجنة الصليب الأحمر الدولي فيها ماري كلير فغالي التي حذرت من «نقصٍ في المياه والغذاء وعجز المدنيين عن التنقل»، بينما استقبل مطارها مساء أمس طائرة تحمل 15 طناً من المساعدات قادمة من جيبوتي بمعرفة منظمات إنسانية. وتفيد المنظمة الدولية للهجرة بأن 16 ألف شخص على الأقل عاجزون حالياً عن مغادرة اليمن التي رحل عنها خلال الأيام الماضية آلاف الأجانب جواً أو بحراً بتدخلٍ من السلطات في بلدانهم. وإلى الشرق من عدن؛ تعرضت مواقع للمتمردين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح في محافظة شبوة إلى ضربات جوية أمس. وأفادت مصادر بأن الضربات استهدفت مواقع عسكريين موالين لصالح في مدينة عتق عاصمة المحافظة «عشر مرات متتالية»، وتركز الاستهداف على مقر قيادة القوات الخاصة. وفي وقتٍ ذكرت مصادر في عتق أن مسلحين قبليين سيطروا على اللواء الثاني مشاة جبلي في منطقة ميفعة وجول ريدة، أفيد بسيطرة مسلحين قبليين آخرين على قاعدة النشيمة العسكرية التابعة لمدينة رضوم المجاورة. وسيطر المسلحون على اللواء الثاني مشاة جبلي بعد مواجهات مسلحة مع قوات اللواء سقط على إثرها قتلى وجرحى. وفي تطورٍ لاحق أمس، عيَّن المتمردون محافظاً جديداً لشبوة. وأصدرت اللجنة الثورية العليا التابعة لجماعة الحوثي قراراً بتعيين العميد علي محمد عبدالله طمبالة محافظاً لشبوة، وفق ما أوردته وكالة الأنباء اليمنية الموالية للانقلاب (سبأ). وفي محافظة الضالع (جنوب)؛ ارتفعت حصيلة القتلى في مواجهات بدأت الأحد بين الحوثيين والمناهضين لهم إلى 40 حوثياً مقابل قتيلين من اللجان الشعبية. وأفصحت عن الحصيلة مصادر محلية ذكرت لموقع «عدن الغد» الإخباري أن مسلحي الحوثي تمكنوا مساء أمس الأول من الوصول إلى عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه «غير أن المقاومة شنت هجوماً مضاداً عليهم من عدة محاور ما أدى إلى سقوط 40 قتيلاً في صفوفهم مع إجبارهم على التراجع إلى المناطق الشمالية للمدينة. وتحدثت المصادر عن أن جثث قتلى الحوثيين لا تزال في شوارع المدينة التي شهدت أمس أيضاً مقتل 3 أطفال بعد قذيفة على أحد المنازل. ونقل «عدن الغد» عن مصادر قولها إن قذيفة أطلقتها القوات الموالية للانقلاب أصابت حي الحود وقتلت 3 أطفال كانوا يلهون في الحي. ووفقاً لهم؛ توفي الأطفال على الفور. وبعد يومٍ من محاولة المتمردين التقدم في مديرية صرواح بمحافظة مأرب (وسط)؛ تعرضت مواقعهم في المحافظة لغاراتٍ يوم أمس. وفي الوسط أيضاً، استهدفت ضربة جوية للتحالف مستودعات حيد العرب التابعة للواء المجد بمديرية مكيراس. ووفقاً لشهود عيان وجنود من اللواء؛ أصابت الضربة جميع المستودعات العسكرية الواقعة في جبل حيد العرب جنوب المديرية. و»استمر انفجار القذائف من داخل المخازن طيلة يوم أمس وسُمِعَ دُويّها في مديريات مجاورة»، بحسب موقع «عدن الغد». وتعد مستودعات حيد العرب أحد أكبر أماكن تخزين الأسلحة والذخائر في اليمن، واعتُبِرَت مؤخراً قاعدة إمداد للحوثيين يُرسلَ منها العتاد العسكري والذخائر إلى محاور القتال. وإلى الجنوب من البيضاء؛ أُعلِنَت أبين محافظة منكوبة على لسان محافظها الخضر السعيدي. وربط السعيدي بين إعلانه أبين محافظة منكوبة والمعارك الدائرة فيها منذ أكثر من 10 أيام بين المقاومة الشعبية وقوات التمرد على الشرعية وما ترتب عليها من سقوط نحو 85 قتيلاً وأكثر من 400 جريح ونزوح عشرات الآلاف من السكان في ظل غياب تام للخدمات الأساسية والمعيشية. وأوضح السعيدي، الموالي للرئيس الشرعي، أن المواجهات المسلحة في أبين ممتدة من مدينة لودر وأمعين وصولاً إلى مدينتي شقرة وزنجبار عاصمة المحافظة، وأكد سيطرة مسلحي المقاومة على الوضع في كافة المناطق والمدن واكتفاء المتمردين بالقتال في محاولة للسيطرة على الطريق الحيوي الرابط بين جبل ثرة ومنطقة العلم المدخل الشرقي لعدن. وحذر المحافظة من أن «عموم مديريات أبين تعيش منذ اندلاع المعارك أوضاعاً مأساوية وتُعاني أزمة حادة وانقطاعا تاما لخدمات الكهرباء والمياه وانعدام المواد الغذائية والطبية والمشتقات النفطية، ما تسبب في توقفٍ للحياة العامة أشبه بعُزلة تامة». وشمالاً، تعرضت مستودعات أسلحة تحت سيطرة المتمردين في عمران إلى القصف الجوي، وأفادت مصادر بأن طائرات التحالف استهدفت معسكر اللواء 127 جنوب غربي المحافظة. ومؤخراً؛ انضم اللواء 127 مشاة، أحد ألوية الفرقة الأولى مدرع، لقوات المتمردين. في غضون ذلك؛ ألمح وزير الخارجية الإيراني إلى إمكانية إقناع الحوثيين بتشكيل حكومة جديدة في اليمن، مستدعياً مشاركته قبل أكثر من عقد في حوار بين فصائل أفغانية أفضى إلى تشكيل حكومة في كابول. وقال في خطاب ألقاه أمس خلال زيارة لكازاخستان «شاركت في مؤتمر بون عام 2001 عندما شكَّلنا الحكومة الأفغانية (..) يمكننا أن نفعل هذا في اليمن أيضاً». وشارك ظريف في مفاوضات في بون أفضت إلى تشكيل حكومة أفغانية آنذاك برئاسة حامد كرزاي الذي أصبح رئيساً فيما بعد. وتأتي تصريحات ظريف بعد يومٍ على إعلان الرئاسة اليمنية تعيين خالد بحاح نائبا للرئيس مع الاحتفاظ بمنصب رئيس الحكومة، ما يعني عزم الرئيس هادي على الترسيخ للحكومة الشرعية. «ويعد القرار مؤشراً مهماً على عودة الحياة السياسية إلى اليمن»، بحسب الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان. وأبدى نعمان، في تدوينة على حسابه في موقع «فيسبوك» أمس، ارتياحه لتعيين بحاح نائباً ورأى في عودته إلى المشهد منعطفاً نحو العودة للعملية السياسية، معتبراً ترحيب دول الخليج بالقرار الرئاسي «دلالة على حرص منها على استقرار اليمن من خلال العودة للعملية السياسية التي سبق للمجلس أن رعاها».