أسعدنا كثيراً وأثلج صدورنا فوز المنتخب السعودي لكرة القدم لذوي الاحتياجات الخاصة كأس العالم للإعاقة الذهنية «إيناس» بعد فوزه على منتخب جنوب إفريقيا الأسبوع الماضي في البرازيل، وذلك للمرة الثالثة (2006 إثر فوزه على هولندا و 2010 أمام هولندا أيضاً)، حيث أصبح هذا الكأس الذي لم تفز به أي دولة عربية سوى المملكة ملكاً للوطن بعد تتويجنا بالفوز به 3 مرات، وقد أقيمت البطولة الأولى في ألمانيا والبطولة الثانية في جنوب إفريقا والثالثة في البرازيل، وقد حقق أبناؤنا من ذوي الاحتياجات الخاصة مجداً جديداً على المستوى الرياضي وقدموا لنا كأس العالم هدية غالية للوطن. العمل نحو تحقيق الأهداف ليس صعباً وإنما قد يمرّ العمل ببعض الحواجز التي يحتاج كل ماهر أن يجتازها بفن ومهارة، ومن عمل على تحقيق هذا الإنجاز هم أبناء هذا الوطن بدءاً من المدرب حتى آخر لاعب ومشرف وإداري، وكانوا يداً واحدة في التدريب والإشراف. المجد الذي تحقق قد يقلل منه بعضهم بسبب عدم الفهم في تصنيف ذوي الاحتياجات الخاصة أو بسبب حالة الإحباط التي تسكن بعضهم ويقلل من خلالها أي منجز وطني أو أي بطولة يحققها أبناء هذا الوطن، هذه الفئة هي فئة الإعاقة الذهنية التي تتفاوت درجاتها من شخص لآخر، حيث يخضع جميع لاعبي الدول المشاركة إلى اختبار من لجان متخصصة ويتم قياس ذهنية كل لاعب سيشارك في البطولة ومن تجاوز رقماً معيناً يتم استبعاده ويصبح من فئة الأسوياء، لأنه قد يتشكل على بعض المتابعين أن ذوي الاحتياجات الخاصة هم فقط الإعاقة الحركية، وهذه فئة أخرى لها مشاركاتها وبطولاتها التي تتناسب مع قدراتها. لو لم يكن هناك عمل دائم وتخطيط متميز لما تم تحقيق هذا الإنجاز للوطن، حيث كان توجيه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله عندما تم استقبال الأبطال في أول بطولة حصلوا عليها بأن يكون المدرب الوطني عبدالعزيز الخالد هو مدرب منتخبنا الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة حيث أبدع في تدريبه واختياره للعناصر المشاركة في البطولة، وقد كان استقرار الجهاز الفني والإداري هو العلامة الفارقة في تحقيق البطولة 3 مرات متوالية. بهذه المناسبة الوطنية الجميلة أدعو صحفنا الرياضية بأن تعطي هذه الفئة اهتماماً بسيطاً في التغطية الصحفية لأخبارهم ونشاطهم وبرامجهم وذلك بتخصيص صفحة أو ملحق أسبوعي يتابع أخبار هذه الفئة الغالية من جميع الجوانب، وإجراء لقاءات مع اللاعبين أو المسؤولين أو مع المتخصصين والمهتمين في هذا الجانب وهذا هو أقل واجب تقدمه لهم الصحف الرياضية، كذلك الإعلام المرئي يجب أن يشارك في الاهتمام بهذه الفئة بنقل بعض البرامج والنشاطات التي يقومون بها وخاصة أن لدينا الآن عديداً من القنوات الرياضية التي هي بحاجة إلى برامج رياضية تغطي ساعات العمل الخاصة بها. هذا بالمقارنة مع ما نراه من اهتمام القنوات الفضائية والصحف المحلية في كأس العالم لعام 2014 الذي صنعت له شعارات خاصة، وتم ترسيخ المتابعة في ذهنية المشاهد السعودي من خلال قنواتنا الإعلامية وصحفنا المحلية، ولكننا لم نر مثل هذا الاهتمام بهذه الفئة التي تهتم بها المملكة بشكل خاص، ويوليها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين اهتماماً خاصاً، وقد استطاعوا خلال السنوات الخمس الماضية دمج كثير منهم في البرامج التعليمية وإعطاءهم اهتماماً خاصاً. فلماذا نرى عدم الاهتمام بما قدمه هؤلاء الأبطال الذين استطاعوا رفع اسم المملكة 3 مرات متوالية في هذه البطولة العالمية؟. كما أتمنى اهتمام القطاع الخاص من رجال أعمال وبنوك وشركات ومؤسسات أن يقدموا الدعم لهذه الفئة كما هو معمول به في الدول الأخرى حيث نشاهد ونسمع الأخبار بتقديم الدعم الدائم من قبل رجال الأعمال لهذه الفئة بملايين الدولارات، وقد قرأنا عبر الصحف أن هناك هدايا تم تقديمها من بعض الداعمين الذين يدعمون بصفة دائمة، ولكن هذه الفئة تحتاج مزيداً من الدعم من الآخرين بسبب ما تم تحقيقه من إنجاز كبير وهام للوطن. ختاماً يظل تحقيق المنجزات الوطنية غاية ينشدها الجميع ولذلك يجب الوقوف احتراماً لجميع أعضاء منتخبنا من إداريين ولاعبين وإداريين، ويجب أن أنوه بالدور الكبير الذي يقوم به الجميع، والجهود الكبيرة التي تبذل من الطاقم الإداري والفني إنما هو عمل يشكرون عليه وعلى كل من عمل لتحقيق هذا الإنجاز الوطني الكبير، وهنا نذكر أن رمزية الإنجاز تتجاوز دائرة الرياضة إلى تجسيد حقيقة المساواة بينهم وبين الآخرين بدليل تحقيق هذه البطولة التي ترسل رسالة لنا جميعاً بأن الإعاقة لاتعني على الإطلاق انعدام القدرة أو الموهبة، كما يحمل الإنجاز رسالة خاصة أخرى لبعض ذوي الاحتياجات الخاصة الذين استسلموا للظروف وسكنهم هاجس العجز حيث يأتي هذا الإنجاز ليقول إن النجاح والتحدي متاحان وبالإمكان أن يحسما متى ما أراد الإنسان ذلك.