لا أعتقد أن ثمة فارقاً كبيراً بين التنظيمين.. كل ما في الأمر أن القاعدة حاربت أمريكا في عقر دارها، فيما اكتفى حزب الله بحربها على منصات الخطابة، رغم التماثل الكربوني بين الطرفين فيما يتصل بالبنية الأيديلوجية القائمة على تكفير وتصفية الخصوم، مع احتفاظ كل طرف في التحرك ضمن إطار مجاله الحيوي المذهبي. وإذا كانت القاعدة قد نالت من التجريم والتأثيم على المستوى الإقليمي والدولي ما تستحقه فظائعها، فإن حزب نصر الله قد استفاد من قناع القضية الفلسطينية بحكم ظروف وجوده الجغرافي على تخومها، ومن تلك المماحكات العابثة التي كان يفتعلها ليظهر بمظهر الحزب المناضل والمقاوم، والتي كلفت حاضنته اللبنانية الكثير من الدمارات، وسوّغت له في نظر المخدوعين برسالته العديد من الجرائم سواء على مستوى لبنان الذي اختطفه الحزب في وضح النهار، أو على مستوى الضمير العربي المتعطش لأي انتصار وإن كان صورياً ضد العدو الحقيقي، للتمويه على غاياته البعيدة. وتماما مثلما فعلت القاعدة.. فقد قتل حزب الله الذي يرقص على دقات الطبول الإيرانية كل من اعترض طريقه الطائفي حتى من أبناء طائفته ابتداء من (حسين مروة) صاحب الكتاب المهم والمثير للجدل " النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية"، و(مهدي عامل) الذي قرر مواجهة الدولة الطائفية، وصولاً إلى هاشم السلمان، إلى جانب كل خصومه السياسيين في لبنان دون أن يهتز له جفن. لكن نقاب القضية الفلسطينية الذي كان يُخفي بشاعة وجه هذا الحزب الطائفي، كان كافياً لتمرير وتبرير كل جرائمه ومآربه الدنيئة، حتى إن الإعلام العربي صنع من حسن نصر الله في عام 2006 م ما يُشبه المعجزة، وعلى حساب دماء ما يزيد عن الألف مواطن من اللبنانيين، وتهجير الملايين من الجنوب، وتدمير شبه ممنهج للبنية التحتية هناك، رغم أن كل تلك الحرب العبثية ما كانت لتقع لو لم يجد الحزب نفسه محشورا في زاوية ضيقة بتهمة اغتيال الحريري، الأمر الذي دعاه إلى معاودة إرخاء الحجاب الفلسطيني على وجهه القبيح ليتستر به من فضيحة الاغتيال، التي تحوّل فيها القاتل إلى مدع عام، يُقدم كل يوم كبشاً جديداً لإلصاق التهمة به. العجيب أن الذاكرة العربية تصر على أن تلفظ كل ما اعترف به نصر الله في بدايات ظهوره كأمين عام للحزب في الثمانينات عندما اعترف بالصوت والصورة أن أيديلوجية الحزب تقوم على تأسيس دولة الولي الفقيه العابرة للحدود والممتدة من طهران إلى صور، والتي اضطر نصر الله أن يرفع عنها النقاب مؤخراً بعد أن استنفد كل الأكاذيب لينقل معاركه وإرهابه إلى عدوه الحقيقي في الوسط السني، في حمص وحلب ودمشق!، متوهماً أن ادّعاء مشاركته في حرب البوسنة، ودفاعه المزعوم عن حماس، يكفي لتبرئته من تهمة الطائفية التي زكمت رائحتها الأنوف، في وقت يرفع فيه جنوده شعار (ثارات الحسين، وحتى لا تُسبى زينب مرة أخرى) في شوارع المدن الشامية، فهل ثمة من عزاء للمقاومة بعد كل هذا الزيف؟