إبان حرب تموز سنة 2006 كنت لا أفارق التلفاز وكان (سيد المقاومة) حسن نصر الله لا تفارق صورته الشاشة مما جعل ابني ابن الثماني سنوات يسألني بعد أن لاحظ ذلك من هذا يا أبي؟ قلت «ربما هذا يا ولدي أكثر العرب كرامة وشجاعة» .. ليس ببعيد ذلك الوقت كي ننسى حديث المجالس وقتها. كان البعض حينها وبطبيعة النشأة الثقافية تعصف بهم أفكار مؤدلجة ضدية تجاه الشيعة ولديهم من القناعات المسبقة ما يجعلهم يستريبون في أي شيء له علاقة بالشيعة وبالأخص إسهامهم في قضية الأمة الكبرى؛ مقاومة الاحتلال الصهيوني. كان حينها واقع الأحداث على الأرض وشجاعة واستبسال رجال المقاومة اللبنانية يضع تلك القناعات على محك المصداقية فكان المشككون يهربون إلى التاريخ والأساطير ويستدعون شخصيات كابن العلقمي وابن سلول من اجل أن تجد النقمة مساراً ممهداً لتنحرف عن إسرائيل وتصب على هامة الحزب المناضل حينها. لكن الواقع كان الأكثر بلاغة وإفحاماً وكنت أجد الكثير من المتعة في تلك الوجوه التي تنتفخ حرجاً أمام الواقع الماثل بجدارة. لكن حتى لو كنت كمراقب، لا تتبنى عقيدة ايديلوجية ضيقة لتنافي ذلك مع الموضوعية، يجب ألا تغفل عن أن دولا وجماعات قد اتخذت من انتماءات وعقائد ضيقة جسراً لتحقيق إستراتيجيتها. كيف استطاعت حماس النسخة السنية من الحزب النفاذ وعدم الولوغ في دم أطفال سوريا بينما ركس حزب الله في ذلك؟ ننطلق إلى واقع هذه الأيام ثورة سوريا 2013م ليس لتبادل الأدوار فمازال كارهو الحزب على موقفهم، لكن سياسات الحزب الطائفية وفّرت عليهم الحرج. فلم يعجزوا بعد مقتل القيادي في حزب الله علي حسن ناصيف على يد كتيبة الفاروق الربط التاريخي بين شخصية الفاروق وفتح فارس. لا أظن الحزب وسيده سيحفل بذلك فالمعركة بالنسبة له غدت معركة وجود وتكشف الوجه الطائفي القبيح بعد أن أدار بوصلته إلى ثوار سوريا بدل مغتصبي الجليل، بعد أن فشلت كل محاولات التمويه التي وظف فيها حتى تصبب عرقاً كاريزميته وطائرة معازيبه الهزيلة أيوب التي اخترقت الأجواء الإسرائيلية في حرب دعائية كان الغرض منها لفت الأنظار عن حمص التي يقاتل فيها جنوده يدا بيد مع شبيحة بشار. اليوم بات الأمر مفضوحاً فقتلاه الذين يموتون في مهمة (جهادية) كقائدهم نصيف بات من كثرتهم لا يملك وقتاً للصلاة عليهم. هل كان من يستمد موقفه عن الحزب من انتماء مذهبي على صواب وكنا على خطأ؟ هل كانوا يرون ما لم نكن نرى؟ وهل يمكن للتحليل المنطلق من مواقف مسبقة أن يكون صائباً؟ لا ليس الأمر كذلك تماماً، لكن حتى لو كنت كمراقب، لا تتبنى عقيدة ايديلوجية ضيقة لتنافي ذلك مع الموضوعية، يجب ألا تغفل عن أن دولا وجماعات قد اتخذت من انتماءات وعقائد ضيقة جسراً لتحقيق إستراتيجيتها. كيف استطاعت حماس النسخة السنية من الحزب النفاذ وعدم الولوغ في دم أطفال سوريا بينما ركس حزب الله في ذلك؟ مشكلة حزب الله ارتباطه المذهبي بالفقيه في إيران. وشائج المذهب، تمنعه المناورة بينما تحررت حماس الإسلامية من تلك الوشيجة. ضاق المشترك الأيديلوجي بمصدر الانتماء كلما كثرت القيود وصعب الفكاك.