قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن الاحتلال الإسرائيلي لن يكون عقبة أمام مشاريع استثمارية عربية في فلسطين، واصفاً رأس المال العربي بالجبان، مشيراً في ذات الوقت إلى استثمارات قامت بها بعض الدول الخليجية في قطاع المصرفية والاتصالات. وأضاف المالكي في حديث ل" الرياض" أن البنك الدولي وكجزء من تشجيع الاستثمارات وضع حساباً لكي يوفر أي ضمانات لأي مستثمر أجنبي في فلسطين بحيث يتم تعويضه عن أي ضرر يقع عليه بفعل الاحتلال. وتحدث الوزير الفلسطيني عن مستقبل بلاده السياسي في فترة اوباما الثانية مبدياً تفاؤله بالحقبة الاميركية الجديدة، موضحاً أن التوقعات في هذا الجانب يجب أن تكون حذرة لأن هناك عناصر غير مرئية تتحكم في طريقة وآلية صنع القرار في واشنطن . فإلى نص الحوار : الحكومة الإسرائيلية المقبلة ستكون أكثر يمينية وفاشية * ما أهمية القمة العربية الاقتصادية بالنسبة لفلسطين ؟ - هناك مواضيع مهمة وخاصة نرغب في الحديث عنها في هذه القمة. جزء المواضيع الخاصة مرتبط بالوضع الفلسطيني المالي، وعلاقة فلسطين بالبيت العربي، وكيف تقوم هذه الحاضنة العربية بدعم وإسناد فلسطين خاصة في مرحلة التحول الحالية التي تمت او بدأت بداياتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة. بالتأكيد هناك ما يحدث من نشاط استيطاني محموم كإجراءات عقابية ضد فلسطين وبالتالي هذا يتطلب موقفا عربيا مساندا داعما وهنالك مواقف عربية تمت في السابق، وما تقوم به (إسرائيل) في الفترة الأخيرة عبر تصعيد غير مسبوق يتطلب جهدا إضافيا، وهذا ما يتعلق بالأجندة الخاصة أما الأجندة العامة فنحن في فلسطين لدينا نفس الهموم التي يحملها كل مواطن عربي وهناك مواضيع عديدة مطروحة يهمنا نحن كفلسطينيين أن نكون جزءا منها ونساهم في صياغتها وان نستفيد منها على المدى الأطول سواء فيما يتعلق بالاستثمارات العربية وفيما يتعلق بتشجيع الاستثمار وانتقال رؤوس الأموال والتجارة الحرة وتنقل البضائع ما بين الأقطار العربية هذه قضايا تهمنا في فلسطين وانفتاح الأسواق المختلفة على البضائع الفلسطينية وإمكانية تسويق مثل هذه البضائع. هناك عدد من القضايا التي تخلفنا عنها بسبب الاحتلال ولذا نرى أن تستفيد فلسطين بعد تحررها من الاحتلال من الأنظمة والقوانين التي يتم صياغتها الآن عربياً. والاهم ألا نكون بعيدين ما بين القرارات التي تتخذ والتطبيقات التي تتم لأن هناك دائماً بوناً شاسعاً لفترة زمنية طويلة بين التشريع والتنفيذ. ونرى أن هناك حماسة نوعاً ما للتعاون في القضايا الاقتصادية أسرع من القضايا السياسية، بسبب إشكاليات البعد السياسي. * ما أكثر الجوانب التي يمكن أن تتفاعل معها الدول العربية مع فلسطين بظروفها الحالية؟ - الاحتلال لن يكون عقبة أمام مشاريع استثمارية عربية في فلسطين ، قد تكون رؤوس الأموال العربية جبانة نوعاً ما، لأنها تبحث عن المضمون، وكون الأراضي الفلسطينية في وضع متقلب بسبب وقوعها تحت الاحتلال وأن صنع القرار غير مربوط بالرغبة الفلسطينية بقدر ما هو مربوط بالإجراءات الاحتلالية، ولهذا السبب رؤوس الأموال العربية تهاب القدوم لفلسطين وتفضل مناخات أفضل استثمارية ، ولكن ما نريد أن نقوله انه ولهذا السبب يجب أن يكون هناك شراكة بين القطاعين العام والخاص لكي يكون الأول ضامناً للثاني. بدأنا نرى في العامين المنصرمين تشجع بعض الاستثمارات الخليجية فهناك استثمارات قطرية وكويتية في قطاع الاتصالات، وكذلك البنوك والعقارات، واكتشف المستثمرون من خلال المراقبة أن رأس المال الفلسطيني المستثمر في فلسطين لا يخسر بل يحقق أرباحاً. نحن في فلسطين مثلاً نركز على قطاع السياحة فالأراضي الفلسطينية لها ميزة خاصة بسبب وجود الأماكن المقدسة سواء للمسلمين أو المسيحيين فهناك أعداد كبيرة وصلت لدينا العام الماضي بحوالي (2) مليون زائر، ونتوقع لو توفر لدينا البنية التحتية في القطاع السياحي يمكن أن يصل العدد إلى 4 ملايين خلال أربع سنوات، ونطمح أن يصل إلى 10 ملايين سائح، ولذا التركيز فقط في القطاع السياحي يمكن أن يكون مفيداً ومشجعاً ومدراً للدخل بشكل كبير. هناك مجال للاستثمار الزراعي في منطقة الأغوار. لدينا رغبة لربط كل هذا بقوانين مشجعة للاستثمار لكي يشعر أي مستثمر خارجي أن هناك فعلاً مجالا استثماريا جيدا فيما يتعلق بالقوانين التي تشجع الاستثمار. أريد التنويه إلى أن البنك الدولي وكإجراء تشجيعي قد وضع حساباً هناك لكي يوفر أي ضمانات لأي مستثمر أجنبي في فلسطين بحيث يتم تعويضه عن أي ضرر يقع عليه بفعل الاحتلال. * في الجانب السياسي ، في عام 2011 اقترح الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي وخلال مقابلته الرئيس أبو مازن ان تكتفي فلسطين بمقعد دولة مراقب غير عضو في الأممالمتحدة ، لكن تمسكتم بطلب العضوية الكاملة ، ماذا حدث في 2012 ؟ - أي دولة عندما تريد أن تصبح عضواً في الأممالمتحدة فهي لا تقبل أن تكون عضوا مراقبا وإنما ان تكون كاملة العضوية هذا هو الحال مع كل الدول المنظمة لمنظمة الاممالمتحدة ، ونحن كفلسطين لا نعتبر أنفسنا اقل من أي دولة اخرى في احقية حصولنا على العضوية الكاملة في الاممالمتحدة، ولو قبلنا في البداية بطرح الرئيس ساركوزي والقبول فقط بصفة الدولة المراقب لشعرنا بتأنيب الضمير، لأننا نحن لم نذهب كما توقع شعبنا إلى مجلس الأمن للمطالبة بالعضوية الكاملة كوننا نستحقها، واستحقاقها أن نعمل من أجلها وبالتالي كان لدينا خياران، إما ان نقبل بالطرح المضمون وهو طرح ناقص، وبالتالي سيكون هناك ردود فعل وانتقادات من الشعب الفلسطيني، وإما ان نذهب لمجلس الامن لتقديم طلب العضوية الكاملة رغم معرفتنا المسبقة بأن تقديم العضوية الكاملة سيصطدم بالرفض الاميركي ، خياران كلاهما مرّ ، ولكن في اطار القرار المسؤول، قررت القيادة الفلسطينية أن نذهب إلى طلب كامل العضوية لأننا نستحق رغم معرفتنا بنتائج هذا الاجراء وعندما ترفضه الادارة الاميركية او تمنعه على الاقل سيبقى الطلب مقدما وبعد ذلك يمكن ان ننظر للخيارات الاخرى ولكن لا يجوز ان نبدأ بما هو ناقص، والطلب ما زال موجودا بالعضوية الكاملة، ونأمل ان يكون معقد المراقب خطوة للحصول على العضوية الكاملة خصوصاً مع التأييد الكبير الذي حصل .. وبالتالي أميركا والدول التي صوتت بالضد هي أقلية، وبالتالي عند العودة إلى مجلس الامن في المستقبل وتحاربنا اميركا في الحصول على حقنا بالعضوية الكاملة هذا يعني ان الإدارة الأميركية رغم أنها تمثل الأقلية الصغيرة إلا ان هذه الاقلية تتحكم بمصير قرار الأغلبية، وهذا يكشف الخلل الموجود في الأممالمتحدة وسياستها وطبيعة عملها وسوف يضيف ضغطاً إضافياً ويحرج أميركا في حال اتخاذها القرار، ما نبحث عنه ليس فتح معارك مع واشنطن في هذه المرحلة بل البحث عن حقوقنا . * متى ستعودون لطلب العضوية الكاملة ؟ - تخضع للمناخات الموجودة في مجلس الأمن، وننتظر أن يتشكل المناخ المناسب الذي يساعد في الحصول على ذلك، نحن نعتقد ان ما حققناه في الجمعية العامة قد خلق مثل هذه المناخات. هناك خطوة بتشكيل وفد وزاري عربي لزيارة الدول الكاملة العضوية في بلدانها وهذه الزيارات من اجل تشجيع وتشكيل عناصر مشجعة وتفعيل الطلب من خلال هذه الزيارات التي ستؤسس بدايات تفعيل الطلب. * ما مدى تفاؤلكم بإدارة اوباما الجديدة خصوصاً في الشخصيات المعينة مثل تشاك هاغل وجون كيري والأفكار التي يمكن أن تُطرح ، خصوصاً ان هذه التعيينات غير محببة بالنسبة لإسرائيل إذ إنها يمكن أن تشير إلى لغة التي يرغب الرئيس الأميركي الحديث بها في المستقبل ؟ - المنطق يقول يجب أن نكون متفائلين من خلال المعطيات الموجودة ، والمحللون يقولون ان الرئيس اوباما سيكون محرراً أكثر خلال الفترة الثانية من ضغوطات اللوبي اليهودي، وان هناك أشخاصاً مثل كيري وهاغل سيعطون اهتماماً أكبر للقضية الفلسطينية والاستيطان، وبالتالي هنالك مقومات تجعلنا ننظر بتفاؤل للحقبة الجديدة للإدارة الأميركية، هذه الحقبة تأتي في فترة إيجابية سيكون لها تأثير على تفكير الإدارة الأميركية وخطط عملها. ولكن نحن تعاملنا مع إدارات أميركية متفاوتة جمهورية وديموقراطية وبالتالي هذا يجعلنا حذرين في توقعاتنا من هذه الإدارات، لأن هنالك عناصر غير مرئية عادة هي التي تتحكم في طريقة وآلية صنع القرار هناك . * هل تتوقعون انطلاقة جديدة للمفاوضات مع إدارة أوباما ؟ - هناك مؤشرات. على سبيل المثال قبل فترة قيل إن هنالك بعض المحاولات الفرنسية البريطانية من اجل تشكيل الآراء ووضع تصورات من اجل تفعيل العملية التفاوضية، وأن هناك جهدا لضم ألمانيا في اطار ما ممسى بمجموعة "إي 3" وبالتنسيق مع الإدارة الأميركية الجديدة. الرئيس الفلسطيني أبو مازن عندما زار اسبانيا وايطاليا وسئل عن ماذا يمكن عمله في الفترة الحالية بانتظار الإدارة الأميركية والانتخابات الإسرائيلية. قال: تستطيعون بالبدء في بحث أفكار وآليات لإحياء المفاوضات تبنى على أساس البيانات التي صدرت منذ عام 2009 وهي بيانات وافقت عليها فلسطين بدون تحفظ .. الدول الأوروبية ترغب في ان يكون لها دور فاعل في أي عملية تفاوضية وان تكون السباقة ، وكلام الرئيس الفلسطيني شجعهم على الانخراط في القضية، ومن الواضح ان هناك اتصالات مع الإدارة الأميركية الجديدة، ويبدو ان ما سمعناه مؤخراً من الجانب البريطاني والفرنسي لم يأت من فراغ بل قد يكون قد جاء بعد حديث مع واشنطن . * ماذا عن الانتخابات الاسرائيلية المقبلة ؟ - الحكومة الإسرائيلية المقبلة سترفض كل ما يقدم لها، ولديها ما يكفي من الشكوك لصدقية المقترحات الأوروبية والأميركية، مما يعزز الانطباع الذي بدأ يتشكل بأن إسرائيل غير جادة في أي عملية تفاوضية وأنها غير معنية بالانسحاب من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وحل الدولتين وبالتالي ما تقوم به اسرائيل هو تسويغ وكسب الوقت ومحاولة الالتفاف على أي قرار دولي بدون الالتزام بأي خطوة للعودة للتفاوض . * مامدى قناعتكم بوصول نتانياهو لرئاسة الوزراء ؟ - نحن نراقب ما يحدث على الساحة الاسرائيلية ونحن نقرأ ذلك بتفاصيله ، وبالتالي من الواضح انه وحسب الاستطلاعات تشير إلى وصول معسكر اليمين على حساب الوسط ووسط اليسار، مما يعني أن معسكر اليمين واليمين المتطرف سوف يحصل على أكثر من 60 مقعدا من إجمالي 120 مقعدا، مما يتيح لمعسكر اليمين تشكيل الحكومة ، وشخص نتانياهو هو الاكثر ترشحاً ليقود الحكومة الاسرائيلية المقبلة ، التي لا نتوقع أن نرى تغييرا كبيرا في تركيبتها، بقدر ما نرى انعطافه اكثر يمينية باتجاه التعصب والفاشية وتبني مواقف للمستوطنين أكثر منها للمواقف الاخرى.