عندما تبدأ بمشاهدة فيلم ساعة الرحيل للمخرج عبدالله النجاشي تتراءى امامك الكثير من لقطات مسيرة حياتك وعندما تنتهي من مشاهدته فإنك ستفكر الف مرة ومرة في صورة الايام القادمة بل ربما اللحظات التالية. بحرفية عالية الاداء يقدم المخرج عبدالله النجاشي للجمهور العربي المسلم فيلمه ساعة الرحيل الذي يتناول فيه احكام الجنائز والتعزية والفيلم الذي يمتد على مدى (75 دقيقة) وينهج فيه المخرج النهج الوعظي التعليمي ولكن بأسلوب درامي رفيع لا يمل المشاهد من تتبع مادته الدسمة بسبب درامية العمل وانتهاجه اسلوباً مميزاً في عرضه للمادة فقد عمد الى تفادي الاغراق في السرد وعمل على استخدام الحركة فالمشاهد والصور تتغير بشكل جيد وفعال وكل لقطة من لقطات الفيلم يؤدي دوراً مهماً ويغني المشاهد عن كثير من القراءات في هذا الجانب ولعل هذا ما جعل مادة الفيلم تبدو واضحة وسهلة التتبع خاصة وان مثل هذه الافلام كثيراً ما تنهج خطوطاً سهلة في عرض مادتها باختيارها مكاناً او شخصاً ما للحديث مما يصيب المشاهد بالكثير من الملل والضجر. يبدأ الفيلم بتلاوة لسورة العصر ثم يتبعه قول للامام الحسن البصري تحمل دلالات ذات ارتباط قوي بمادة الفيلم بصوت المذيع والإعلامي المتميز الاستاذ حمد الدريهم. وفي مطلع الفيلم هناك فصل من المشاهد يقع في داخل احدى غرف المستشفى حيث يدخل الابن على والده الذي يجده يقرأ آيات من القرآن هي الاخرى مرتبطة بمعاني الحياة والموت.ويعمد المخرج في المشاهد اللاحقة الى عرض مشاهد تظهر للمشاهد بدنو اجل الاب وذلك في لقطات تظهر تدهور صحته غير ان المفاجأة تقع في وفاة الابن الذي كان يسرع للحاق بوالده وهذا ما يقرب الى ذهن المشاهد حقيقة الموت وضرورة الاستعداد له.وبين هذه المشاهد يقدم المخرج مادة علمية دسمة وغنية لكافة المسلمين في ضرورة كتابة الوصية ويستعين في ذلك بأدلة شرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ويوضح ان كتابة الوصية غير مرتبطة بقرب موت الشخص او مرضه انما هي ضرورة وتكتب على الفور وفي حالة الصحة كما توضح المادة وجوه صرف الوصية لأهلها. ولا يترك المخرج المشاهد (ضحية) للمادة العلمية التي تبدو للبعض ثقيلة ومستعصية للفهم بل يعمد الى اخراجه من هذه الاجواء بلقطات درامية مؤثرة حيث يصور أحد المشاهد لحظة تقابل الاب في المستشفى وهو على أحد الكراسي المتحركة وابنه المحمول على سرير متحرك بعد وقوع الحادث فيتذكر حينها ابنه ويدعو له بالسلامة والصحة وهو لا يعلم ان من مر بجواره هو ابنه ثم يصور المشهد لحظات احتضار الابن وصعوبة هذه اللحظات ويستعين المخرج بمؤثرات صوتية بالغة التأثير في النفس بصوت المنشد محمد المساعد وبمشاركة ابو عبدالملك كما يستعين ببعض الآيات القرآنية بصوت الشيخ المقرئ سعد الغامدي ويبدو الجانب التعليمي في الفيلم واضحاً ومتسلسلاً بصورة جيدة فالمخرج يعمد الى تتبع كل التفاصيل المهمة والدقيقة لعمليات تجهيز الميت من غسل ودفن.وقد قام بدور الميت الاخ عبود الزاحم وقام بعملية الغسل والتكفين الشيخ عائض الشمراني المغسل في جامع الراجحي بالرياض ولعلها هي المرة الاولى التي يعمد فيها مخرج الى تصوير هذه اللحظات، والفيلم جدير بالمشاهدة لما فيه من مادة علمية لا غنى لأي انسان عنها. يذكر أن المخرج قام باختيار الاخ عبود الزاحم ليقوم بدور الميت ليحفظ للفيلم تواصله الدرامي، بدلاً من تصوير ميت حقيقي وفي عمليات الدفن يشارك اللاعب الدولي المعتزل ابراهيم الحلوة ويحكي في لقطات عدة بعض قصص الموتى اثناء عمليات الغسل والدفن وفي كل ذلك لا ينسى المخرج الهدف التعليمي والوعظي الذي من اجله انتج الشريط ففي فقرات عدة يوضح لنا تعاليم الدين الحنيف في التعامل مع الموت وما يجب على اقارب الميت وما يحرم عليهم وما يجب على كل انسان القيام به استعداداً لهذه اللحظات الصعبة يذكر ان جميع مشاهد الفيلم الخاصة بتجهيز الميت تمت في مغاسل الاموات بجامع الراجحي بالرياض.