كأنما المجتمع يضع يده أمام عينيه.. ليحجب الرؤية عن نفسه.. متوهماً أن عدم الرؤية يستر عيوبه.. ويلغيها من واقعه! قضايا مقلقة لدرجة الخطورة، كالعقوق والكذب والغش وتفشي السرقة، والخطف والقتل.. يرغب المجتمع بالهرب من مواجهة أسبابها الحقيقية، ملقياً باللوم كله على ضعف الوازع الديني، ورابطاً ذلك بسلوك الفرد وفق معادلة (كلما ضعف الوازع الديني زاد مستوى الانحلال)، وهي معادلة تؤكد فشل المجتمع في التعاطي الواقعي مع المتغيرات التي تشهدها ساحتنا المحلية في ظل عدم الإيمان بأن الأسباب هي من تحقق النتائج! المقارنة السريعة مع مجتمعات غير مسلمة في دول أمريكا وأوروبا.. تعري الحقيقة، وتكشف عن أن مستوى التعامل والسلوك في مصداقيتهم وأمانتهم عال جدا، رغم أنها مجتمعات لها معتقداتها الدينية التي لا تتعاطى بالضرورة مع فكرة الربط بين الوازع الديني، وسلوك الفرد وتحضر المجتمع. في حين يوغل مجتمعنا، في كل مناسبة ومنبر، وكل منهج دراسي يتم إعداده، بالتركيز الأوحد على أن سبب الانحلال والجريمة هو ضعف الوازع الديني، حتى تشوهت الفكرة.. ولم تعد ذات أثر أو بال ! إن مظلة التحضر في المجتمعات تنداح بقدر اتساع الوعي الفردي والمجتمعي، ليصبح السلوك المتحضر جزءاً من المنظومة العامة، في مستويات الأسرة والمدرسة والعمل والشارع. ومجتمعنا، بكل أسف، اكتفى بدفن رأسه في الرمال، ليعلن عن عجزه في تصحيح انحرافاته التي تسير باتجاه عنيف .. إذا لم يسد الوعي والشفافية في المكاشفة والمصارحة. السؤال المهم : إن كان ثمة علاقة بين مستوى الوازع الديني، والانحلال المجتمعي.. فلماذا لم يظهر أثر العبادات في تعاملاتنا اليومية ؟ الإجابة والتعليق متروكان لقارئنا العزيز..