أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    الرياض تستضيف النسخة الثالثة من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي    اختتام الاجتماع الوزاري الثاني لمنتدى الحياد الصفري للمنتجين بمشاركة الدول الست الأعضاء بالرياض    القمم العربية.. ثمانية عقود من التعاون المشترك للدفاع عن القضايا والحقوق العربية    السعودية: ندين محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا.. نرفض كافة أشكال العنف    ولي العهد يصل المنامة لرئاسة وفد المملكة في القمة العربية    أمانة الشرقية تؤكد على المنشآت الغذائية بضرورة منع تحضير الصوصات داخل المنشأة    تسمية القاعة الكبرى في مركز الملك خالد الحضاري "قاعة الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز"    الكشافة تُدرب منسوبيها من الجوالة على "مهارات المراسم في العلاقات العامة"    كلية الصيدلة بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق أول برنامج للدراسات العليا.. قريباً    أمير القصيم يسلم "بشت" التخرج لأبناء طالب متوفى    نائب أمير الشرقية يستقبل وزير الاقتصاد والتخطيط    «الأرصاد»: رياح شديدة السرعة على عددٍ من محافظات منطقة مكة المكرمة    أمير المدينة يرعى تخريج البرامج الصحية ويترأس اجتماع المحافظين    مدرب الأهلي يخضع فيغا لاختبارات فنية تأهباً ل"أبها"    خارطة طريق سعودية – أمريكية للتعاون بالطاقة النووية    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    ارتفاع معدل البطالة في استراليا إلى 4.1% في شهر أبريل الماضي    النفط يرتفع بدعم من قوة الطلب وبيانات التضخم الأمريكية    سمو محافظ الطائف يرعى حفل افتتاح المجمع القرآني التعليمي النسائي    الأهلي يتحدى الهلال والاتحاد يبحث عن «النصر»    «عكاظ» تنشر الترتيبات التنظيمية للهيئة السعودية للمياه    الاتحاد في مأزق الخليج.. نقاط الأمان تشعل مواجهة الوحدة والرائد    قمة عادية.. في ظرف استثنائي    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    برعاية ولي العهد.. انطلاق الملتقى العربي لمكافحة الفساد والتحريات المالية    صفُّ الواهمين    «الصحة» تدعو حجاج الداخل لاستكمال جرعات التطعيمات    حل وسط مع الوزراء !    محاولة يائسة لاغتيال الشخصية السعودية !    نريدها قمة القرارات لا التوصيات    «هاتريك» غريزمان تقود أتلتيكو مدريد للفوز على خيتافي في الدوري الإسباني    71 فناناً وفنانة في معرض «كروما» بجدة    استمرار الجسر الجوي الإغاثي إلى غزة    «الحر» يقتل 150 ألف شخص سنوياً    وزير الاستثمار: الاقتصاد السعودي الأسرع نموا وجاذبية    تعزيز التعاون العدلي مع فرنسا وأستراليا    باكوبن والدقيل يزفون المهندس محمد    عبدالملك الزهراني ينال البكالوريوس    السفير الإيراني يزور «الرياض»    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    خادم الحرمين الشريفين يصدر عددا من الأوامر الملكية    معرض"سيريدو العقاري"أحدث المشاريع السكنية للمواطنين    في قمة مواجهات الجولة 32 من «روشن».. ديربي الرياض بروفة نارية لنهائي كأس الملك    توثيق من نوع آخر    إنتاج الصقور في الحدود الشمالية    "الدرعية" تُعزز شراكاتها الاقتصادية والسياحية    «حلبة النار»… النزال الأهم في تاريخ الملاكمة    السلطات الفرنسية تطارد «الذبابة»    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    سقيا الحاج    بوتين يصل إلى الصين في زيارة «دولة» تستمر يومين    « سعود الطبية»: زراعة PEEK لمريض عانى من كسور الجبهة    لقاح جديد ضد حمى الضنك    مختصون يدعون للحدّ من مخاطر المنصّات وتقوية الثقة في النفس.. المقارنة بمشاهيرالتواصل الاجتماعي معركة خاسرة    5 منافذ في الشرقية تستعد لاستقبال الحجاج    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج 2374 طالباً وطالبة من «كاساو»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إشاعات المغفلين!
الجيل الماضي «على نياتهم» مقارنة بمحترفي النت
نشر في الرياض يوم 08 - 03 - 2012

لم تكن الإشاعة بمعناها الدارج مقتصرة على زمن معين أو شعب دون آخر؛ إذ ما زالت كُتب التاريخ تحدثنا عن "أراجيف" و"مهولات" تعايش معها أبناء العصور المختلفة منذ الأزمنة السحيقة، بل تعاملوا معها بما تقتضيه معتقداتهم وثقافاتهم وأحوال زمانهم، ولا أدل على ذلك إلاّ ما ذكره "محمد بن جرير الطبري" في كتابه الشهير "تاريخ الرسل والملوك" أنه في عام 304ه، وقع الخوف في بغداد من حيوان يقال لها: "الذنوب" شاع بين الناس أنهم يرونه في أسطح البنايات والدور، وأنه يهم على الرجل والمرأة فيقطع عضد الرجل وثدي المرأة، وأن الناس كانوا يرمونه بالطاسات ويضربونه بالسيوف، وكان الطبري قد أدرك هذه السنة (304ه)، وكان عمره حينها ثمانين عاماً.
كما أورد المؤرخون جملة من "التهاويل" والشائعات في القرنين السادس والسابع الهجري عن زحف المغول والتتار وفضائحهم في الشغور والمدن والقرى الوادعة، وكيف أنهم لا يُهزمون قط، بل لا يفرقون في القتل بين شيخ هرم وشاب فتي، وأنهم يأكلون كل لحم وجدوه، ورغم صحة معظم هذه الروايات عنهم إلاّ أنه يخالط شيئا من "التهاويل" ربما لبشاعة أعمال المغول حينها.
كما يذكر التاريخ أن النساء في أوروبا -القرن السادس الهجري- كن يخوفن أبناءهن ب"صلاح الدين الأيوبي" رغم ما ينقل مؤرخو أوروبا آنذاك، وحتى الآن عن فرط سماحته وكثرة صفحة وعفوه عن أعدائه رغم صراحته في الحرب، ما جعل بعض المؤرخين يعيب على "صلاح الدين" إفراطه في التسامح مع العدو حين انتصاره عليهم؛ مما جعل إشاعة مبارزة "صلاح الدين" ل"ريتشارد قلب الأسد" حديث الناس آنذاك، رغم أنه لا سند له لهذه الرواية ولا أصل، فالرجلان تحاربا بجيشيهما ولم يتبارزا أو يتواجها عياناً.
إشاعة سكاي لاب
ومن خلال أربعة عقود خلت ما زالت ذاكرة الآباء تستحضر تهاويل المكوك الأمريكي "سكاي لاب" الذي سقط عام 1399ه بعد أن تعطل في الفضاء الخارجي، ثم هوى إلى الأرض لتنشغل المحطات العالمية بأمر سقوط المكوك "المعطوب"، وكيف أن بعض رواده قفزوا إلى الأرض بعد تخطيه الغلاف الجوي ما سمح لأذان الناس أن تستجيب لما تسمعه في مختلف بلدان العالم من التهاويل، سيما وقد وجدت الإشاعة في هذه الأجواء مرتعاً خصباً لها، بل قد شاع بين الناس أن هذا المكوك "الهاوي" إلى كوكب الأرض بسرعة كذا وكذا سيترك حفرة عميقة قد تكون سبباً في إشعال بركان خامد أو هدم قرية بأكملها، بل ربما تنطفئ الكهرباء عن نصف قطر الأرض، وربما تنبعث منها غازات سامة أو تحدث فجوة في الغلاف الجوي تكون سبباً في دمار شامل إلى آخر ما سمحت "الأنفس الطيبة" آنذاك بتصديقه.
مكوك «سكاي لاب» أشغل العالم و«النمل الكبير» كذبة وصدقناها و«العبد المدهون» لترويع السكان
وقد كان الأهالي في المملكة والخليج يعيشون رعب أحداث هذا المكوك، سيما بعد أن أشارت المحطات الإذاعية أن جرمه المعطوب يسير متوجهاً صوب ما يسمى الشرق الأوسط، وهذه التهاويل لم يقطعها إلاّ سقوط "سكاي لاب" في مياه المحيط الهندي، لتنتهي حقبة الإشاعة العالمية، وتبدأ معها إشاعة أخرى انتشرت بين الأهالي في نجد عام 1401ه عن بئر قرب مدينة حائل زعم بعض من شرب منها أنها شفاء لعدد لا يحصى من الأمراض؛ ليشيع خبر ما بين العامة ويتوافد الناس من كافة المدن والقرى المجاورة، بل وحتى مدن وقرى نجد المحصول على "جركل" أو اثنين لعلها تكون سبب شفاء هذا السقيم أو ذاك العليل، إلاّ أن ما أثبتته الدراسات أن ماء هذه البئر كبريتيه لا تصلح للاستخدام الآدمي.
الأسواق مصدر نشر الأخبار وتسريب الإشاعة
الرجل الثعبان
وما إن يتوسط عقد الثمانينات الميلادية عام 1985م (رجب عام 1405ه) إلاّ وتظهر إشاعة ذلك الرجل الذي تحول فجأة بسبب فسادٍ مالي إلى ثعبان، بينما كان يجلس مع أبنائه، وانتشرت هذه الإشاعة انتشاراً سريعاً، وكان الناس حينها يتصلون برقم منزلٍ قالوا: إنه منزل هذا الرجل "الثعبان" فيرد عليهم الرجل بصفير كفحيح الثعبان، وقد بلغت هذه الإشاعة من تصديق بعض الناس لها أنهم راحوا يتداولون رقم الهاتف فيما بينهم، بل لقد تناقله الطلاب والطالبات في مدارسهم وتعدى الأمر ذلك إلى أن أظهر البعض صورة رجلٍ على هيئة ثعبان وجدت هي الأخرى من الرواج ما وجده رقم هاتفه في وقت لم تكن آلات تصوير الأوراق منتشرة بسهولة كما هي في وقتنا الحالي. ومع نهايات شهر رجب من السنة ذاتها تفككت رموز وشفرات هذه الإشاعة، فالصورة ما هي إلاّ لبطل فلم أمريكي كان يهاجم الناس، وقد انقلب إلى ثعبان أما الرقم فكان رقم ناسوخ "فاكس" إحدى الدوائر (مطار الملك عبدالعزيز بالرياض) الذي يظهر صغيراً كما هو معمول به الآن لتنطوي مع بداية الشهر الكريم في عام 1405ه إشاعة هذا الرجل الذي ملأ الدنيا حولاً وانشغل الناس عن أفراح أول كأس آسيوية حصل عليها المنتخب السعودي عام 1405ه.
أهل نجد حوّلوا صورة «الرجل الثعبان» في فيلم أمريكي إلى قصة رعب والنهاية «فشوش»
النمل الكبير
وما أن تنتهي الثمانينيات الميلادية إلاّ ويعيش الناس إشاعة ضُربت لها الأطناب وحارث لهولها الألباب، فقد تناقل الناس حينها قصة نمل كبير الحجم كثير الانتشار وصفوه ببليغ العبارات، وكيف أنه يجتاز المسافات الطوال، ويطرح القوي من الرجال فيقطع عنهم الزمن والهواء ويمص من عروقهم الدماء لا يميز بين الأطفال والرجال والنساء، يكثر حضوره في الزواجات ويهاجم الناس في الأفراح والاحتفالات حتى أصبح حديث الدارسين من الطلبة الأكاديميين والنخب؛ إذ لم يقتصر الحديث فيه على العامة ودهماء الناس.. هذه الإشاعة تنفضح كغيرها بل ظلت سراً إلى أن تلاشت عن ألسنة الناس.
أزمة الخليج والصفر المفقود
وبدأ الحديث حينها عن خطب أوسع أبان بداية التسعينيات الميلادية وبداية أزمة الخليج، حيث أغلق الناس نوافذ منازلهم بالأشرطة اللاصقة وبللوا الفوط ليغلقوا بها فتحات الأبواب ،بل ضاءوا القناديل عوضاً عن الكهرباء، وظهر من الشائعات ما يشيب من سماعها الولدان، ويبكي من هولها الشجعان؛ لتنتهي مع أزمة الخليج حزمة من الشائعات وتعيش "الإشاعة" بياتاً طويلاً لحين حلول الألفية الثالثة التي تزامن معها إشاعة "الصفر" في الأنظمة الحاسوبية، وكيف أن زيادة رقم واحد سوف تقلب أنظمة الطيران وتضرب مؤشرات الأسواق وتضيّع الأرصدة و"تعب السنين".
كما تعكس حال تغير المجتمع الذي كان في الستينيات والسبعينيات يتعايش مع إشاعة "العبد المدهون" الذي يسطو على المنازل، وقد نزع جل ثيابه إلاّ ما يستر عورته بعد أن دهن كامل جسده ال "وزالين" ليعيش المجتمع مع الألفية الثالثة إشاعة الأنظمة الحاسوبية و"الصفر المفقود" الذي كان لأجدادنا العرب فضل اكتشافه قبل أكثر من ألف عام.
ويتمتع الجيل الحالي بوسائل غير مسبوقة لنشر الشائعات، وتلفيق التهم، وتزوير الوثائق، وتقليد الأصوات، وتعديل الصور، وغيرها كثير، حيث لا تزال كثير من مواقع "النت"، والتواصل الاجتماعي مليئة بالمتناقضات والتجاوزات، وربما أكثر من ذلك التطاول على الآخرين والتشكيك بهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.