لن ندعي أننا في مثاليات معيشة خاصة.. أو انفرادية بروز عالمي.. لكننا من شعوب العالم الثالث وتميزنا بخصوصيات حضارية.. وأهم من ذلك عمومية اندماج اجتماعي لا تجهيز صراعات فئات.. وقليل جداً في العالم الثالث من هو في هذا المسار.. نحن لسنا مخدرين بوعود لكننا منطلقين بمشاريع تطور مرصودة ومعروفة ومتداولة المعلومات بين كل الناس.. ربما أن ما هو مرصود لمشروع واحد يمتد تأسيسه من أقصى الشمال حتى أقصى الجنوب يفوق كامل ميزانيات ثلاث دول عربية أو أربع.. مسارنا منذ ما لا يقل عن مئة عام.. لم يكن مسار خصومات أو تصفيات.. الملك عبدالعزيز لم يكن يهمه بالدرجة الأولى أن يحكم بقدر ما كان يهمه أن يطور.. هو الذي بدأ بقيادة قرية وبادية, ثم تعرف عليه العالم وهو زعيم دولة فأطلق بدايات الحضور المتمدن ولم ينكفئ مع رغبات التخلف مثلما كان الحكم آنذاك في اليمن.. الملك فيصل وهو رجل نادر في نزاهته وموضوعيته عندما حاصرته الأنظمة الثورية الطائشة من معظم جوانب حدود بلاده، ووقتها كانت الثورية براقة الحضور في عواطف الحالمين، فعندما واجه الملك فيصل عداوات الحدود فإنه لم يواجه عداوات في الداخل، فالكل كان ساخراً أمام واقع هزيمة تلك الثوريات وطرح في مجتمعه بدايات حداثة لم تكن معروفة من قبل وتزعمت بلاده أول حضور إسلامي دولي ثم نجومية أي لقاءات قمة عربية.. نحن كمجتمع لسنا مع تشتت ولاء أو تمييز علاقات بين حاكم ومحكوم، ولكننا مع أسرية مشتركة العواطف وهي حالياً في نجوميتها العربية بفروق هائلة جداً مازالت تذكرنا كيف كانت بدايات عصر البداوة التي ظلت مهملة تاريخياً لأكثر من ألف وثلاثمئة عام حين كان النظام الأموي ثم العباسي ثم العثماني لا يعطونها إلا الإهمال وتجميد الركود، فإذا بهم في عصر الدولة السعودية بالذات اخصائيو اقتصاد وعلماء طب ومتخصصو هندسة. لا نحتاج لمن يعيدنا إلى هذا الماضي القريب، فهو موجود في ذاكرة طفولتنا.. طوال الأكثر من مئة عام لم نعش كما في الدول العربية الأخرى عمر خصومات بين حكومة ومجتمع، بل إننا نحن المتواجدة فينا كل أساسيات وفروع القبلية العربية لم نعش حروب عرقيات ولم تحركها خصومات حكومة مع مجتمع لتكون مع وضد، وفي كلتا الحالتين يتوفر ظلم فئة لفئة، بل استطاع النظام الذي بدأنا معه - بل نحن بدايته - تواجد وحدوية المجتمع وفق قيم إسلامية لا قبلية.. لقد أوجد الملك عبدالله منهج الحوار الوطني المفتوح وهو لغة حوار لا خصومات كما عند غيرنا لمواصلة تطوير وطن ومجتمع هما الأساس العربي..