القارة الأفريقية تحتفل بالذكرى ال 61 ليوم إفريقيا    «الخارجية»: المملكة تدين مواصلة قوات الاحتلال ارتكاب مجازر جماعية    برلين تسجل 111 حالة اغتصاب خلال عام    في الشباك    الموسى ينتزع فضية آسيا للبلياردو    أسرة الحكمي تتلقى التعازي في محمد    وزير الداخلية يلتقي مدير عام «مكافحة المخدرات» وعدداً من قياداتها في منطقة نجران    50,000 ريال غرامة التأخر عن الإبلاغ عن مغادرة المستقدمين    ضبط 4.7 ملايين قرص إمفيتامين مخبأة في شحنة قوالب خرسانية    النساء أكثر عرضة للاكتئاب الذهاني    بن جلوي يرأس وفد المملكة في اجتماع رؤساء اللجان الأولمبية الخليجية.. غداً    تظاهرة فنية في معرض «تعابير» التشكيلي..    هيئة التراث تُسجّل مواقع أثريةً جديدةً بالسجل الوطني للآثار    الأهلي يلاقي الهلال .. والنصر يواجه التعاون في نصف نهائي السوبر السعودي    وزير الإعلام: ناقشنا 19 بنداً وعلى رأسها القضية الفلسطينية    عبدالعزيز بن سعود يلتقي القيادات الأمنية في منطقة نجران    المملكة تفوز بجوائز منتدى القمة العالمية لمجتمع المعلومات «WSIS +20»    مناقشات أوروبية لفرض عقوبات على إسرائيل    وزير الصحة: المملكة تؤكد ضرورة تحقيق صحة ورفاهة شعوب العالم    السودان: مأساة نزوح جديدة تلوح في الأفق    3 دول جديدة تعترف بدولة فلسطين    "دور وسائل الإعلام في الحد من الجريمة"    عبدالعزيز بن سعود يلتقي أمير نجران ونائبه ويطلع على المبادرات التنموية التي تشرف عليها الإمارة    مجزرة جديدة.. 20 قتيلا بقصف لقوات الاحتلال على مخيمات رفح    افتتاح قاعة تدريبية لتدريب وتأهيل مصابي تصلب المتعدد    «نايف الراجحي الاستثمارية» و«مسكان» تطلقان شركة «ارال» لتطوير مشاريع عقارية عملاقة مستدامة تحقق بيئة معيشية متكاملة    بحضور نائب أمير عسير.. تكريم أصحاب المتاحف بالمنطقة    "التأمينات الاجتماعية" تُطلق آلية تسجيل العمل المرن المطورة    سمو محافظ الخرج يكرم متدربي الكلية التقنية بالمحافظة الحاصلين على الميدالية البرونزية بالمعرض السعودي للإختراع والابتكار التقني    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء لجنة جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز    الملك مطمئناً الشعب: شكراً لدعواتكم    ضبط 10 آلاف سلعة غذائية منتهية الصلاحية بعسير    القتل لإرهابي بايع تنظيماً واستهدف رجل أمن    7 اتفاقيات لتحسين جودة مشاريع الطرق في جميع المناطق    وزير الحرس الوطني يرأس الاجتماع الثاني لمجلس أمراء الأفواج للعام 1445ه    "كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة" تستعد لمرحلة «جامعة الدفاع الوطني»    القيادة تهنئ رئيس أذربيجان بذكرى استقلال بلاده    سلمان بن سلطان: رعاية الحرمين أعظم اهتمامات الدولة    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من جمهورية كوت ديفوار    رياح سطحية مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من وسط وشرق المملكة    تمنع "نسك" دخول غير المصرح لهم    قدوم 532,958 حاجاً عبر المنافذ الدولية    ملك ماليزيا: السعودية متميزة وفريدة في خدمة ضيوف الرحمن    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على سعود بن عبدالعزيز    «الصقور الخضر» يعودون للتحليق في «آسيا»    «الاستثمارات العامة» يطلق مجموعة نيو للفضاء «NSG»    عبر دورات تدريبية ضمن مبادرة رافد الحرمين.. تأهيل العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    الفيصل تُكرم الطلاب الفائزين في مسابقتَي «آيسف» و«آيتكس» وتشيد بمشاريع المعلمين والمعلمات    مكتسبات «التعاون»    الاحتيال العقاري بين الوعي والترصد    ولادة 3 وعول في منطقة مشروع قمم السودة    إخلاص وتميز    كيف تصف سلوك الآخرين بشكل صحيح؟    أخضر رفع الأثقال وصيف العالم    ورحلت أمي الغالية    القيادة تعزي حاكم عام بابوا غينيا الجديدة في ضحايا الانزلاق الترابي بإنغا    سكري الحمل    دراسة تكشف أسرار حياة الغربان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكاذيب الشعراء تعوض اهمال تدوين (التكاذيب)النثرية في الموروث الشعبي
نشر في الرياض يوم 07 - 11 - 2009

من أُتيح له الجلوس مع كبار السن ممن عايشوا حياة البداوة سيستمع منهم -إضافة إلى الأشعار والحكايات والألغاز والمعاظلات اللسانية- إلى ما يُعرف ب (التكاذيب)، والتكاذيب فن قولي قديم تعرض للإهمال والتجاهل، ولا أعرف أحداً اهتم بدراسته غير ناقدنا الكبير الدكتور عبدالله الغذامي، الذي خصص فصلاً من مؤلفه (القصيدة والنص المضاد) تحت عنوان (جماليات الكذب) لدراسة مصطلح التكاذيب وتشريح نموذج من نماذج تكاذيب الأعراب التي أوردها أبو العباس المبرد في (الكامل)، وإمعاناً منه في الاهتمام بهذا الفن وإعجاباً به فقد أبدع أيضاً كتاباً سردياً سمّاه (حكاية سحارة) يحاول فيه محاولة موفقة لمُمارسة التكاذيب بحسب اعترافه، ويُمكن لنا أن نستخلص تعريفاً للتكاذيب من دراسة الغذامي فنقول بأنها: "حكايات غير واقعية يشترك في إنشائها طرفان على سبيل المُنافسة بينهما في معرفة أيهما أكثر قدرة على التخيل، مع العلم أن الواحد منهما لا يخدع الآخر لأنهما يتكاذبان عن وعي وإدراك"، أما الهدف من عملية التكاذب فيرى الغذامي "بأنه سعي المتكاذبين إلى (ملامسة أو امتلاك المفقود) في حياتهما بواسطة اللغة".
وبما أن (التكاذيب) النثرية في موروثنا الشعبي لم تحظ بالتدوين –بحسب اطلاعي- مع وجودها إلى وقت قريب فسأتجاوز عنها لأشير إلى نماذج من (تكاذيب الشعراء) التي تقابل في أسلوبها وطريقتها ما عُرف قديماً بتكاذيب الأعراب وإن كانت مُختلفة نوعاً ما في وظيفتها؛ فمن التكاذيب الشعرية القليلة التي اطلعت عليها ما دار بين الشاعرين سليمان الرشيدي وعيد بن مربح من (مكاذبة) أو مُنافسة في الكذب بدأها سليمان بقوله:
تبيني أكذب لكن إني ما قدرت أكذب عليك
تبيني أسرد سالفة عن سبعمية سالفة
أقدر اقول إني لقيت بعير يشّر في تريك
واقف على رجليه الأربع ترتجف متخالفه
فقال ابن مربح:
أقدر أقول إني لقيت إنسان له علبة بريك
يمشي على جنوط التواير والتواير تالفه
أحرّفك وأصرّفك وأضحّكك وأضحك عليك
وأضرّبك عوج الدروب وما كرهت توالفه
فقال سليمان:
كانك تصدق فيه عصفورٍ نتف له عرف ديك
هذي سوالف منّهم والحلف ماني حالفه
جاك الصحيح وروح بشّر فيه باقي والديك
قصيدةٍ فيها تحفّظ سبعمية سالفه
فكما نرى فالتكاذب هنا صريح ومُعلن بين الشاعرين، أما الهدف منه فقد لا يتجاوز كما يبدو لي تزجية الوقت والضحك بحسب ما أشار ابن مربح: "أضحكك" و"أضحك عليك" !
وثمة نموذج شعري مشهور يُمكن أن يندرج تحت موضوع (التكاذيب) الشعرية، ويتمثل ذلك النموذج في القصيدتين المتبادلتين بين الفارسين تركي بن حميد ومحمد بن هادي بن قرملة رحمها الله، وكان المبتدئ هو ابن حميد بقصيدة مشهورة يُصور فيها بعيراً (خرافياً) هجيناً له مواصفات وإمكانات خارقة تُشابه إلى حد كبير إمكانات (فرس) الأعرابي الأول الذي يُساعده على تبديد الظلام، أو(سهم) الأعرابي الثاني الذي يستطيع مُطاردة الظبي واصطياده في (المُكاذبة) التي حللها الغذامي بمهارة، يقول ابن حميد:
يا راكب اللي ما يداني الصفيري
هميلعٍ من نقوة الهجن سرساح
أمه نعامه وأضربوها بعيري
وجاء مغلطاني على خف وجناح
يسرح من الطايف ويمسي البصيري
سفايفه مثل الغرابين طفاح
واليا ورد يشرب ثمانين بيري
غرافهن تسعين ودليهن ماح
رجليه بالحرة وصدره يسيري
ويشرب براسه من قعر جمّة رماح
ومع أن ابن قرملة لم يُحاول اختلاق كذبة تفوق في حجمها كذبة ابن حميد إلا أنه تواطأ معه في الكذب بإبداء رغبته في شراء ذلك البعير الأسطوري، والتعبير عن إحساسه بحلاوة الكذب في قصيدة ابن حميد:
يا تركي بن حميد وش ذا البعيري
ما تجلبونه كان تبغون الأرباح
لا عاد له خف وجناح ويطيري
أنا أذكر الله كيف راعيه ما طاح؟
يا ربعنا يا كبر كذب الأميري
ويا حلو كذب مروّية علط الأرماح
ويُمكن أن نقول بأن تركي بن حميد سعى في قصيدته السالفة لامتلاك ما يفتقده في واقعه الصحراوي القاسي –بحسب عبارة الغذامي- من خلال الشعر واللغة التي توفر له مالا يُمكن أن يوفره له الواقع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.