وزير الخارجية الأردني ونظيره الأمريكي يبحثان الأوضاع في غزة    أمين الرياض يحضر حفل سفارة هولندا    بيئةٌ خصبة وتنوّعٌ نباتي واسع في محمية الملك سلمان    النفط يرتفع مع تعقّد محادثات الهدنة وتصاعد مخاطر الإمدادات    جامعة طيبة تختتم مسابقة «طيبة ثون»    أمير المدينة يرعى حفل تخريج الدفعة ال60 من طلاب الجامعة الإسلامية    مساعد رئيس الشورى تلتقي وفداً قيادياً نسائياً هولندياً    "الهلال" يطلب التتويج بلقب دوري روشن بعد مباراة الطائي في الجولة قبل الأخيرة    نائب أمير الشرقية يلتقي أهالي الأحساء    الشورى يدعو لتحديث كود البناء السعودي    التأكيد على الدور السعودي في مواجهة التحديات    أمير نجران يقلد مدير الجوازات رتبة لواء    استعراض المؤشرات الاستراتيجية لتعليم جازان المنجز والطموح    «التواصل الحضاري» يعزز الهوية الوطنية    بدء أعمال ملتقي تبوك الدولي الأول لتعزيز الصحة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُجري جراحة تصحيحية معقدة لعمليات سمنة سابقة لإنقاذ ثلاثيني من تبعات خطيرة    سحب لقاح أسترازينيكا عالمياً لتسببه بآثار جانبية نادرة وخطيرة    إدانة دولية لعمليات الاحتلال العسكرية في رفح    الحرب العبثية في غزة    اقتصاد المؤثرين    البنتاغون: الولايات المتحدة أنجزت بناء الميناء العائم قبالة غزة    تحقيقات مصرية موسعة في مقتل رجل أعمال إسرائيلي بالإسكندرية    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    تحويل «التحلية» إلى «الهيئة السعودية للمياه»: أمن مائي.. موثوقية.. استدامة وابتكار    هزيمة الأهلي لها أكثر من سبب..!    الاتحاد يطرح تذاكر مواجهة الاتفاق .. في الجولة 31 من دوري روشن    الأول بارك يحتضن مواجهة الأخضر أمام الأردن    بونو: لن نكتفي بنقطة.. سنفوز بالمباريات المتبقية    اختتام دور المجموعات للدوري السعودي الممتاز لكرة قدم الصالات في "الخبر"    الرؤية والتحول التاريخي ( 1 – 4)    رحلة استجمام الى ينبع البحر    أسواق ومسالخ العاصمة المقدسة تحت المجهر    "الجوازات" تعلن جاهزيتها لموسم الحج    30 مزاداً عقارياً في المناطق    مؤتمر الحماية المدنية يناقش إدارة الحشود    أندية الهواة وتنوّع الهوايات    اللجنة الأولمبية الدولية تستعين بالذكاء الاصطناعي لحماية الرياضيين من الإساءات خلال الأولمبياد    ولي العهد يعزي هاتفياً رئيس دولة الإمارات    برعاية وزير الإعلام.. اختتام" ميدياثون الحج والعمرة" وتكريم الفائزين    جامعة الملك سعود تستضيف مؤتمر" العلوم الإدارية"    غاب مهندس الكلمة.. غاب البدر    «البدر» و«محمد عبده».. رحلة الكيمياء والكيماوي    بدر الحروف    المدح المذموم    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    تغريدتك حصانك !    استقبل مواطنين ومسؤولين.. أمير تبوك ينوه بدور المستشفيات العسكرية    تحذير قوي    تنظيم لهيئة الصحة العامة وتحويل مؤسسة تحلية المياه إلى هيئة    «سعود الطبية»: زيادة إصابات «الكفة المدورة» مع تقدم العمر    الفوائد الخمس لقول لا    بدء التسجيل ب"زمالة الأطباء" في 4 دول أوروبية    الرياض: القبض على شخصين لترويجهما مادة الحشيش وأقراصاً خاضعة لتنظيم التداول الطبي    مالكوم ينثر سحره مع الهلال    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    اكتشاف الرابط بين النظام الغذائي والسرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعت الشرشو والبليلة في بسطات مكة وأصبحت أصغر مدير تحرير في المملكة
د. إبراهيم بن عبدالعزيز الدعيلج:
نشر في الرياض يوم 23 - 06 - 2011

ضيف المشوار معلم وصحفي وأستاذ جامعي، ولد في البقعة التي ولد فيها الرسول صلى الله عليه وسلم وترعرع في مجتمع مكة بعاداته وتقاليده الأصيلة، باع في بسطات مكة البليلة والشرشو واستهوته الصحافة وهو يافع على مقاعد المدرسة المتوسطة فأصبح مراسلاً لعدة صحف، واستقال من سلك التعليم ليتفرغ لمهنة المتاعب فكان في ساحاتها لاعباً مشاكساً يحب التجديد، ولا يتردد في دفع فاتورة السبق الصحفي حتى وإن كانت توقيفاً أو غرامة.
لا نريد أن نفسد عليكم متعة هذه الرحلة في مشوار د. إبراهيم بن عبدالعزيز الدعيلج فتعالوا نسمع منه الحكاية من أولها:
؟ بداية ماذا تختزن الذاكرة عن مرحلة الطفولة تلك المرحلة الجميلة التي تعد من أجمل مراحل العمر في حياة الإنسان؟
- ولدت في شعب علي بمكة المكرمة في موقع لا يتعدى مائة متر عن مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أما تاريخ ولادتي فغير معروف بالضبط لكنها بين عام 1367ه إلى عام 1370ه ثم انتقل الوالد والوالدة إلى الفلق خلف مسجد عداس سابقاً، وكانت هذه هي بداية الطفولة والمرحلة المبكرة منها والتي لا أذكر منها إلا القليل جداً، ثم انتقلنا بعدها إلى السليمانية وكانت هذه بداية الطفولة الأولى وبداية المراحل الأولى من حياتي الدراسية، ونحن أصلاً من جريملاء والعمارية بجوار الرياض، وكان والدي قبل مجيئه لمكة وزواجه من والدتي متزوجاً بامرأة أخرى أنجب منها أخي حمد وبعد أن توفيت جاء إلى مكة، وتزوج بوالدتي وعندما انتقلنا للفلق رزق الله والديّ بأخت ثم جاء بعدها أخي اللواء محمد وهو لواء متقاعد عمل مساعداً لمدير شرطة العاصمة المقدسة ثم مساعداً لمدير شرطة عسير ثم أخي عبدالرحمن وهو يحمل درجة الماجستير في إدارة الأعمال من أمريكا وكان مديراً للأحوال المدنية بمكة المكرمة، والآن يعمل مديراً عاماً للمتابعة في الأحوال المدنية بمنطقة مكة المكرمة ثم أخي سعد ويعمل في الجوازات بجدة، ولدي ست أخوات بعضهن مديرات مدارس وبعضهن وكيلات ومعلمات، وأعتبر أنا أكبر إخواني أخواتي الأشقاء وبعد الفلق انتقلنا إلى السليمانية ثم إلجعفرية.
مساكن إيجار:
؟ لماذا كل هذا التنقل في السكن في هذه الفترة الوجيزة؟
- لأن جميع المنازل التي سكنا فيها في هذه الفترة كانت بإيجار لكنا عندما انتقلنا إلى الجعفرية سكنا في منزل ملك بناه الوالد -رحمه الله- وكنت وقتها في نهاية المرحلة الابتدائية لا أزال أدرس في المدرسة السعودية الابتدائية التي كانت بجوار الحلقة القديمة؛ وهذا الحي يعتبر امتداداً للعادات والتقاليد الجميلة التي كانت سائدة آنذاك، وأذكرعندما كنا نسكن في السليمانية التي يعتبر من الأحياء الراقية نوعاً ما؛ والذي كان محافظاً على العادات المكية الأصيلة من الوفاء ومحبة الجيران واحترام الكبير كان الواحد منا أثناء سيره لمنزله داخل الحي وهو طفل صغير يسمع صوت امرأة مسنة تنادي عليه من الدور الثاني أو الثالث ثم تنزل له الزنبيل من هذا الدور وبه الفلوس وتقول له خذ يا ولدي الفلوس من الزنبيل واشترِ لي خبزاً من الفرن، وأحياناً يطلب منك البعض أن تخبز العجين في الفرن، حيث تفاجأ بامرأة تقول لك خذ هذا العجين معك للفرن، وكانوا يضعون العجين في لوح من الخشب وهو موزع على شكل أقراص ومغطى بقطعة من القماش، وكنا نأخذ العجين للفرن وبعد أن نخبزه نعيده لأهل البيت.
؟ ما الألعاب التي كنتم تمارسونها في تلك المرحلة؟
-كنا نلعب الكبت والبرجون، وحرامي عس، وشرعت، وفي الأحياء التي فيها أبناء البادية كانوا يلعبون لعبة (الكعوبة) وهي عظام المفاصل في الغنم كانوا يلعبون بها ولعبة (ليحة يا ليحة والعسل في الزبدية) هذه اللعبة كانت سائدة في حي المعابدة عندما انتقلنا له، وكان يسكن فيه الكثير من أبناء البادية.
مكة القديمة
؟ كيف كانت مكة المكرمة على أيامكم؟
- لم يكن في مكة على أيامنا إلا شارع رئيسي هو شارع الخريق وهو غير الشارع الذي يوصل للحجون والزاهر وكانت الشوارع والأزقة ضيقة، وكان الناس متآلفين كل أسرة تعرف الأخرى، ومع أن مكة تعد من أول المدن التي وصلتها الكهرباء عن طريق القطاع الخاص ممثلاً بالشيخ إبراهيم الجفالي إلا أنني لحقت أيام الفوانيس والأتاريك ولم يكن على أيامنا مكيفات، وفي رمضان كنا في عز الحر نبل الشراشف بالماء ونتغطى بها وعندما تجف وتذهب البرودة نعيد بلها بالماء ثانية، وكنا نشتري الثلج بالقوالب فالبعض يشتري نصف قالب والبعض يشتري ربع قالب وهكذا؛ لأنه لم يكن على أيامنا ثلاجات لأنها لم تأت إلا متأخرة؛ ولهذا كان الواحد منا مضطراً لأن يشتري مقاضي منزله يومياً كل يوم بيومه، وكان أهالي مكة معروف عنهم أن الواحد منهم كان يذهب للحلقة أو السوق ومعه زنبيله صباح كل يوم ويعود في الضحى لمنزله بالزنبيل وهو مليء بالمقاضي والحاجيات، وليس مثلما هو عليه الحال اليوم إذ بإمكانك أن تشتري لك لحمة وتحفظها في الفريزر لمدة أسبوع وأكثر.
عادات وتقاليد
؟ على ذكر العادات المكية فماذا عن أبرزالعادات التي كانت سائدة آنذاك؟
- كان العطف والحنان هو الرابط المشترك بين الأسر، فكنت عندما تعود لمنزلك تفاجأ بأنواع متعدد من المأكولات تأتيك من بيوت الجيران؛ فهذا الطبق جاء من بيت فلان وذاك من بيت كذا وهكذا؛ فالكل كان يطبخ والكل كان يهدي جاره مما يأكله وكان عيباً أن ترد الطبق فارغاً فإما أن تضع فيه أرزاً أو سكراً أو غيره، كانت حياة جميلة وبسيطة فحفلات الزواج كانت تقام إما في الشارع أو في البرحة داخل الحي فلم يكن على أيامنا هناك فنادق أو قصور أفراح وإنما كانوا يضعون تيازير وهي أروقة مصنوعة من الخيام، وكان الشباب من أبناء الجيران في الحي يخدموا ويباشروا على المعازيم، وفي رمضان وقبله كانت الناس تستعد لتنظيف المنزل حتى الشبابيك ويغيرون بعض الأثاث، وكانت تحصل بعض المضاربات بين شباب الأحياء ولم يكن أحد يجرؤ على دخول الحي غير أبنائه، وكان هناك الباعة المتجولون الذين يبيعون بعض المأكولات الخفيفة مثل المنفوش والحلبة والترمس، وعندما تنزل إلى سويقة كنت تجد البسطات في كل مكان، وعندما كنت في مرحلة الطفولة كنت أقوم ببيع بعض المأكولات الخفيفة مثلي مثل بقية أقراني مثل البليلة والشرشو.
؟ البليلة معروفة لكن ماذا عن الشرشو؟
- يضحك ويقول الشرشو هي القثة تقطع شرائح طويلة بالطول وبجوارها إناء فيه خل، فالذي يشتري هذه الشرائح كان يغمسها في الخل ويأكل وكنا نبيع الثلاث شرائح بقرش.
؟ كم كان مكسبك في اليوم؟
- أحياناً نصف ريال وأحياناً ريال إلا الربع وفي اليوم الذي لم يكن فيه هناك منافسون من الأطفال أقراني كان يصل المبلغ إلى ريال في بعض الأيام.
كُتّاب مختلط:
؟ ماذا عن مراحل الدراسة بدءاً بالكُتّاب؟
- عندما كنا في السليمانية درست في الكُتّاب وكان هذا الكُتّاب لامرأة نسميها (فقيهة) لا يحضرني اسمها لكنه كان مختلطاً الأولاد يدرسون مع البنات وكان عددنا ثلاثين ما بين ولد وبنت، وكان منا الصغير والأكبر قليلاً والأكبر نوعاً ما وكان عمري وقتها ست سنوات وكان في هذا الكتاب عريفة وهي بنت عمرها أربعة عشر عاماً، وكان لديها علب كبيرة في حجم علبة النيدو فيها حلاوة وسويك وكانت تبيعه علينا بالفلوس، وفي وقت الحاجة كانوا يعطونا راحة، وكان هذا الكُتّاب بجوار الحلقة القديمة وسط البلد وكانت الفقيهة ترسل الكبير من الأولاد ليشتري لها بعض المقاضي كالملوخية والخضار من الحلقة، وكان زوجها رجلاً كبيراً في السن كان يجلس على الأرض ويطلب منا أن نكبسه وكان مره يكبسه الأولاد ومره البنات وبالتناوب، وكان يشرب الدخان بشراهة، وكان يضع بجواره علبة يضع فيها أعقاب السجائر، وكنا نجلس على الحنابل ونكتب على الألواح الخشبية وكانت الدراسة بمقابل لا أذكر كم كان بالضبط؛ لأن الوالد هو الذي كان يتولى عملية الدفع.
؟ وماذا عن بقية المراحل؟
- درست المرحلة الابتدائية في المدرسة السعودية الابتدائية والتي تعد من أقدم المدارس في مكة المكرمة وكانت في الحلقة، وكان منزلنا في الجعفرية يبعد عنها حوالي كيلومترين وكنت أقطع هذه المسافة يومياً مشياً على الأقدام ذهاباً وإياباً ولم تكن هناك سيارات على أيامنا بالشكل الذي نجده اليوم ففي مدرستنا كلها لا يوجد أحد لديه سيارة إلا طالب واحد وكان والده من ميسوري الحال وكان يحضره للمدرسة بالسيارة، وكنت أركب معه في بعض الأحيان، وكنت أزهو بذلك أمام الآخرين وبعد أن تخرجت منها التحقت بالمدرسة الرحمانية المتوسطة وكانت المدارس المتوسطة على أيامنا تعد على الأصابع وكانت في الخريق وكانوا يطلقون عليها اسم (قفص النغاري) لأنه كان يدرس بها أبناء الذوات، وكان مديرها الأستاذ محمد سليمان الشبل الذي يعد من خيرة مديري المدارس ليس في مكة المكرمة فحسب، بل وعلى مستوى المملكة فكانت له طريقة مميزة في التعامل معنا؛ هذه الطريقة وهذا الأسلوب لا يعتمد على العقاب والتوبيخ.
؟ إذاً على ماذا كان يعتمد في أسلوبه؟
- أعطيك مثالاً على أسلوبه في التعامل معنا فأذكر بأنه كان يدرسنا اللغة الإنجليزية مدرس مصري وكان كل أسبوع يعمل لنا اختباراً مكوناً من سؤال أو سؤالين وبعد يومين أو ثلاثة يعطينا النتيجة؛ فالطالب الذي درجته ممتازة تجدالمدير يقول له بارك الله فيك ويعطيك العافية، والطالب الذي درجته متدنية يقول له (ما يصير يا أخي أنت ولد فلان ووالدك معروف لدى كل الناس بكذا أو درجتك متدنية) فتجد هذا الطالب الذي كانت درجته متدنية أصبح تقديره ممتازاً بسبب العبارات التشجيعية والتحفيزية التي كان يبثها في أبنائه الطلاب. وبعد أن تخرجت من المرحلة المتوسطة التحقت بمعهد المعلمين فبعد أن كان هناك معهد ثانوي للمعلمين يدرس به الطالب أربع سنوات ويتخصص أصبح هناك معهد معلمين عام كشكول، حيث درست فيه ثلاث سنوات وتخرجت منه، وكان على أيامنا الطالب عندما يتخرج من المرحلة المتوسطة تعمل له مقابلة شخصية في نفس المدرسة، حيث كانت إدارة التعليم تعمل مراكز في نفس هذه المدارس تقوم بتوزيع الطلاب بعد إجراء المقابلات الشخصية لهم ومن ثم تحولهم: هذا الطالب للثانونية وهذا للتجارية وذاك للمعهد وهكذا.
زملاء دراسة:
؟ من أبرز زملاء الدراسة في معهد إعداد المعلمين؟
- محمد أحمد الحساني والأخ إبراهيم تركستاني الجسيس الحالي.
؟ هل كانت الفلكة موجودة على أيامكم؟
- نعم كانت موجودة ولكنها من الغترة والشماغ.
؟ وكم مرة ذقت حرارتها؟
- يضحك ويقول ولا مرة فأنا لم آكل الفلكة لكني أكلت الإحرام مرتين في المرحلة الابتدائية بسبب التقصير في حل الواجب وكان من زملائي من يتم ضربهم في الإحرام بشكل يومي، وكان المعلمون على أيامنا يتفننون في الضرب، حيث يضعون الخيزرانة في الزيت لكي تكون أكثر طراوة وليونة وبالتالي أكثر إيلاماً، ومع هذا كان هناك العتاولة من الطلاب يتغلبون في المقابل على كل هذا الضرب.
؟ كيف؟
- كانوا يضعون أرجلهم في روث البقر لكي تقسى وبالتالي لا يشعرون بالضرب، وكنت أشاهد بعضهم يضرب يومياً بأقسى أنواع الضرب لكنه لا ينطق ببنت شفه، بل إن بعضهم كان يضحك في أثناء الضرب.
مراسل صحفي
* في أي المراحل الدراسية بدأت تظهر لديك موهبة الميول الصحفية؟
- منذ المرحلة المتوسطة، حيث كنت أراسل صحيفة عكاظ أول ما بدأت في عهد المرحوم الأستاذ أحمد عبدالغفور عطار، حيث كانوا ينشرون لي مقالاً أسبوعياً في الصفحة الثانية، وكنت وقتها رئيساً لتحرير صحيفة حائطية اسمها (صحيفة الشعلة) عندما كنت أدرس في الصف الثاني المتوسط في المتوسطة الرحمانية، وكان هناك تنافس بيني وبين (صحيفة الأمل) وهي أيضاً صحيفة حائطية في نفس المدرسة كان يرأسها الأخ فوزي عبدالوهاب خياط نائب رئيس تحرير جريدة الندوة سابقاً، وأذكر مرة أجرت المدرسة دورياً أو مباراة في كرة اليد بين فريقي وفريق الأخ فوزي خياط على الكأس، وكان الأخ فوزي يعلق على المباراة بميكرفون المدرسة وكان يقلد معلقي كرة القدم الرياضيين وانتهت المباراة بفوز فريقي فريق الشعلة على فريقه فريق الأمل، إلا أنهم لم يعطونا الكأس.
؟ لماذا؟
- لأنه كان هناك شيء من عدم الحياد والمحاباة لأن فريق الأمل كان معظمه من أبناء الذوات، أما فريقي فكان يضم بعض الشباب مثل عبدالعزيز فرحات ومنصور ناقور وأحمد فلمبان، وأذكر بأنني رفعت الأمر لمدير المدرسة وهددت بأن أشتكي لإدارة التعليم حينها أعطونا الكأس.
؟ ما أول مقال كتبته في حياتك؟
- لا أذكر، لكني أذكر بأنني كنت أكتب أي خاطرة تأتي على بالي عندما كنت في المرحلة المتوسطة وكنت أرسلها لعكاظ، وكانت تنشر أولاً بأول ثم بدأت أكتب فيها بعض المتفرقات أيام العدد الأسبوعي في عهد الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين كنت أتناول فيه موضوعات شتى.
فمن كاتب مقال صغير في عكاظ ثم محرر زاوية في جريدة البلاد أيام الأستاذ عبدالمجيد شبكشي -رحمه الله- لكن بدايتي الحقيقية كانت من الرياضة عندما كان الدكتور أمين ساعاتي مشرفاً على الصفحة الرياضية في البلاد وفي عكاظ عندما كان الأستاذ عبدالله باجبير مشرفاً على الصفحة الرياضية عام 1386ه، وكنت أقوم بإجراء حوارات وتحقيقات مع لاعبي الوحدة وتغطية بعض المباريات، وبعد البلاد عملت مندوباً لجريدة الرياض ومجلة اليمامة بمكة المكرمة، وكانت جريدة الرياض لا تصل لمكة وقتها وكنت أول من قام بتوزيعها عن طريق مكتبة لأحد الأصدقاء اسمه حسن زرين وكانت تصلنا عن طريق مكتب جدة في حدود خمسين نسخة، وكان هذا الصديق يقوم بتوزيعها مع مجلة اليمامة بالدراجة الهوائية على بعض المكتبات، وأحياناً كانت تصدر جريدة الرياض وفيها خبر رئيس في الصفحة الأولى مصدره من عندي أي من مكة المكرمة، وكان رئيس تحريرها آنذاك الأستاذ أحمد الحوشان ومدير التحرير الأستاذ محمد العجيان وكان الأستاذ تركي السديري مسؤولاً عن الصفحة الرياضية وكانت يعمل بها أيضاً الصويان ومحمد أبا حسين وعلي إبراهيم الممثل الآن، أما مجلة اليمامة فكان يرأسها الأستاذ محمد الشدي.
؟ وبعد جريدة الرياض؟
- بعد جريدة الرياض عملت محرراً في مكتب جريدة المدينة بمكة ثم مديراً للمكتب ثم مديراً للتحرير.
هروب من شرورة:
؟ وماذا بعد التخرج من معهد إعداد المعلمين؟
- عندما تخرجت من المعهد كان خريجو المعهد يعينون في مكة المكرمة ولأول مرة قالوا وقتها بأنهم سيعينون الخريجين من واحد إلى خمسة وأربعين حسب الترتيب في مكة وما فوق هذا العدد سيتم تعيينهم ما بين بيشة وشرورة، وكان ترتيبي 32بين مجموع طلاب الدفعة الذين كان عددهم 145خريجاً فضمنت بأني سأعين في مكة لكن عندما جاءت أسماء المعينين في مكة لم أجد اسمي من بينهم، وبقيت في حيرة إلى أن أخبرني بعض الزملاء أن اسمي جاء في شرورة حينها لجأت إلى الواسطة.
؟ من كان واسطتك الذي لجأت إليه؟
- كان الشيخ محمد آل الشيخ الملقب ب(الصحابي) وهو لقب أطلقه عليه الملك عبدالعزيز -رحمه الله - وأذكر بأنني ذهبت إليه في الطائف وشرحت له القصة فأخذني برفقته إلى وزير المعارف الذي كان وقتها الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ -رحمه الله- وشرح له القصة من أنهم قالوا بأن الخريجين الذين ترتيبهم من واحد إلى خمسة وأربعين سيتم تعيينهم في مكة ولكن الذي حدث العكس وأن هذا بمثابة ابني ولديه ظروف عائلية لكونه أكبر إخوانه ولا بد أن يعين في مكة تقديراً لظروفه، فرد معالي الوزير بالموافقة وكتب لمدير التعليم بأن المذكور فلان يعين في مكة، وكان مدير التعليم وقتها الأستاذ مصطفى عطار وكانت التعيينات تتم عن طريق الوزارة وليس عن طريق ديوان الخدمة المدنية، وكانت الوزارة تقوم بتزويد ديوان الخدمة المدنية بصورة من خطاب التعيين فأخذت خطاب التعيين وذهبت للأستاذ مصطفى عطار في مكتبه بإدارة التعليم وأذكر أنه طلب الأستاذ يحيي العظمة رئيس التوجيه وقال له وجه الأستاذ إلى إحدى المدارس بمكة فقال له أولاً نوجّه المعينين في مكة ثم نبحث له عن مدرسة داخل مكة، وعندما جئته في اليوم الثاني قال لي هل تريد مدرسة عثمان بن عفان الابتدائية بحي الششة؟ قلت له نعم، فقام بتوجيهي إليها وباشرت عملي فيها وعملت فيها لعدة سنوات.
؟ وبعد مدرسة عثمان بن عفان؟
- بعدها نقلت إلى مدرسة عبدالله بن العباس التي تقع في مدخل الخانسة ثم لمدرسة المثنى بشارع الستين ثم استقلت بعدها من التعليم.
استقالة ثم إقالة:
؟ لماذا استقلت من التعليم؟
- استقلت من التعليم لأن جريدة المدينة طلبتني للعمل بها مديراً للتحرير على نظام الإعارة لكن عندما تقدمنا لمعالي وزير المعارف الدكتور عبدالعزيز الخويطر بهذا الخصوص رفض الإعارة فاتصل به معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم مدير عام مؤسسة المدينة للصحافة والنشر وقتها وطلب منه وبإلحاح الموافقة على إعارتي من وزارة المعارف إلى جريدة المدينة، لكنه رفض أيضاً وقال له علشانك أقبل استقالته، وكانوا وقتها يرفضون استقالة المعلمين، ثم طلب منه أن يرفق مع الاستقالة خطاباً منه يذكره بأنه توسط بخصوص هذه الاستقالة، وأذكر بأنني ذهبت لمعاليه في الطائف ومعي الاستقالة وخطاب من معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم فأحالها لسعادة مدير عام التعليم في المنطقة الغربية؛ والذي كان وقتها الدكتور عبدالله بن محمد الزيد فاستقلت وعينت مديراً لتحرير جريدة المدينة عندما كان رئيس تحريرها الأستاذ أحمد محمود.
؟ من الذي رشحك للعمل مديراً لتحرير جريدة المدينة؟
- الذي رشحني هو معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم.
؟ وكم المدة- التي قضيتها في إدارة تحرير المدينة؟
- عملت مديراً للتحرير بها من عام 1398ه إلى عام 1401ه.
؟ من أبرز الزملاء الذين عملوا معك في هذه الفترة؟
- الأخ علي خالد الغامدي وكان بها قبلي وفي الفترة التي كنت فيها كان الأخ سليم الهلابي وأحمد سعيد مصلح ثم جاءنا الأخ حسين علي حسين وعبدالعزيزمصلي وكانوا في سكرتارية التحرير، وكنت أصغر مدير تحرير على مستوى صحف المملكة آنذاك؛ لأنه وقتها لم يكن هناك إلا منصب رئيس التحرير ومدير التحرير ولا يوجد منصب اسمه نائب رئيس التحرير أو مساعد رئيس التحرير، وكنت وقتها أدرس المرحلة الجامعية بالانتساب عام 1398ه وفي الوقت نفسه أعمل في جريدة المدينة كمدير تحرير لها واستمررت في عملي بالجريدة فترة من الزمن امتدت لأربع أو خمس سنوات، حيث نشطت الجريدة وأدخلت فيها أشياء جديدة بالرغم من وجود المضايقات وهذا ضايق بعض الناس بشكل أكبر.
؟ مضايقات مثل ماذا؟
- مثل كأن أوجّه بعض المحررين لعمل كذا من الموضوعات الصحفية لكن كان الطرف الآخر يقول لا اعملوا كذا، أو إذا اشتكى الطرف الآخر تجد التوجيه يأتي بعكس ما طلبته، لهذا قدمت استقالتي للمدير العام أي لمعالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم لكنه رفض الاستقالة وقال لي خذ شهرين إجازة براتبك كاملاً وفكر ولا تستعجل الأمور، وبعد مرور الشهرين عدت له وأنا مُصرّ على الاستقالة فقال لي إذاً نعينك مشرفاً على مكاتب مكة والطائف والباحة وأبها بنفس راتبك، واستمررت في هذا العمل لفترة أخرى ثم عادت المضايقات لأن الإدارة كانت ترى بأن هذا الراتب كان كبيراً على هذا المنصب.
؟ كم كان الراتب؟
- كان حوالي سبعة عشر ألف ريال وعندما ضايقوني في المرة الثانية قلت لهم إذاً أستقيل فقالوا، بل نحن نقيلك فقلت لهم أهلاً وسهلاً وللأسف الشديد فوجئت بأنهم قد نشروا إعلاناً في الجريدة يقول مضمونه بأن فلاناً - الذي هو أنا- لم يعد يمثلنا في الجريدة من اليوم فصاعداً. وكان هذا الإعلان مثار استهجان جميع الزملاء في الصحف المحلية وقد انتقده الكثير من الكتاب في مقالاتهم وانتقدوا الجريدة على هذا الإجراء غير المسبوق؛ والذي يعبر عن الحقد الدفين في نفوس من نشروه.
في رابطة العالم الإسلامي
؟ وماذا بعد جريدة المدينة؟
- بعد يومين من إقالتي من جريدة المدينة فوجئت بالشيخ محمد صفوت السقا أميني الأمين المساعد لرابطة العالم الإسلامي يطلب مني العمل معه في رابطة العالم الإسلامي، فذهبت له في مكتبه بالرابطة وأخذني بصحبته إلى معالي الأمين العام للرابطة والذي كان وقتها معالي الشيخ محمد علي الحركان -رحمه الله- وفي نفس اليوم أصدر معاليه قراراً بتعييني رئيساً لتحرير مجلة "رسالة المسجد" رغماً عن معارضة الدكتور عبدالصبور مرزوق والذي كان وقتها رئيس لتحرير هذه المجلة.
؟ لماذا عارض الدكتور عبدالصبور مرزوق تعيينك؟
- لأنه كان يرى بأن رئيس التحرير لا بد أن يحمل درجة الدكتوراه ومن هنا أصررت بأن أواصل دراستي لأحصل على درجة الدكتوراه وأصبح دكتوراً ولم يخطر ببالي قبلها مثل هذا التوجه وبالفعل واصلت دراستي وحصلت على درجة الدكتوراه، وكان وقتها مجلة رسالة المسجد شبه متوقفة فأصدرتها في ثوب جديد، ونالت إعجاب جميع المسؤولين في الرابطة وعلى رأسهم معالي الأمين العام الشيخ محمد علي الحركان ومساعده الشيخ محمد صفوت السقا وغيرهم، وكان وقتها المجلس التأسيسي للرابطة قد عُقد فأصدرت عدداً عنه ثم أصدرت أربعة أعداد بعده لأنها كانت دورية بعدها توفي الشيخ محمد علي الحركان -رحمه الله- وجاء بعده معالي الدكتور عبدالله عمر نصيف أميناً عاماً للرابطة فأصبحت في عهده رئيساً لتحرير مجلة "الرابطة" والتي تصدر شهرياً.
؟ هل معنى هذا أنك كنت ترأس مجلتين في وقت واحد؟
- لا، بل مجلة واحدة هي مجلة "الرابطة" لأن مجلة رسالة المسجد قد توقفت في تلك الفترة وأصبحت رئيساً لتحرير مجلة الرابطة بعد الأستاذ عبدالله الداري.
؟ على أي مرتبة تم تعيينك رئيساً لتحرير مجلة الرابطة؟
- على المرتبة التاسعة أي أنه ينطبق عليّ نظام وظائف الخدمة المدنية، ولكن على نظام التأمينات الاجتماعية فقد أمضيت فترة من حياتي تزيد عن عشر سنوات بين جريدة المدينة والرابطة، وأنا الآن استفدت من كل هذه المدة بعد أن ضممت الخدمة بموجب نظام تبادل المنافع للخدمة المدنية التي هي نظام التقاعد. وعندما كنت مديراً لمكتب جريدة المدينة بمكة المكرمة حصلت على درجة الماجستير في الإدارة والتخطيط التربوي من كلية التربية بجامعة أم القرى وكانوا يشترطون على من يتقدم لدراسة الماجستير أن يكون متفرغاً؛ ولكوني لا أعمل في أي عمل حكومي وقتها اعتبرت متفرغاً.
؟ وماذا بعد الحصول على درجة الماجستير؟
- كنت أثناء تحضيري للماجستير قد تعينت في الربطة بعد أن تركت العمل في جريدة المدينة وبعد أن حصلت على الماجستير أثناء عملي بالرابطة تقدمت للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة للحصول على درجة الدكتوراة بعد الخدمة في الرابطة لمدة سبع سنوات، وبعد أن قبلت للدراسة هناك طلبت من ولي الأمر الملك فهد -رحمه الله- مساواتي برؤساء التحرير في الصحف والمجلات المحلية في الجمع بين العمل بالجامعة ورئاسة التحرير، وصدر الأمر السامي بالموافقة على ذلك وهو الجمع بين العمل في الرابطة ومواصلة دراستي في الجامعة الإسلامية لكن الأمر لم يعجب بعض المسؤولين في الرابطة وقتها فعملوا لي بعض الإشكاليات ووضعوا في طريقي بعض العراقيل وفي النهاية فصلوني؛ لأنني جمعت بين العمل والدراسة ومع أنني راجعت ولكن الأمور لم تساعد على تحقيق هذا الأمر.
؟ لماذا؟
- لأسباب مجهولة لا أعرفها وكانت الحجة كيف أجمع بين راتبين في وقت واحد؛ ففضلت الدراسة على العمل وأكملت دراستي في مرحلة الدكتوراه ولله الحمد.
؟ ما موضوع هذه الرسالة؟
- كانت في الإعلام التربوي حول دور المجلات السعودية في تحقيق التربية الإسلامية.
؟ وبعد الحصول على درجة الدكتوراه أين كانت المحطة القادمة؟
- بعد أن حصلت على درجة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية عينت محاضراً بالجامعة الإسلامية كأستاذ مساعد ثم نقلت إلى فرع جامعة أم القرى في الطائف التي عملت فيها لمدة اثني عشر عاماً وما زلت.
؟ وهل انهيت علاقتك بالصحافة؟
- لا، لم تنته علاقتي بالصحافة فأثناء عملي في جامعة الطائف عملت رئيساً لتحرير مجلة الإغاثة التي تصدر عن هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية التابعة للرابطة، ثم تركتها واكتفيت بكتابة مقال صحفي في جريدة الندوة، والآن أكتب مقالاً أسبوعياً كل يوم سبت في الصفحة الأخيرة بجريدة البلاد.
صحافة زمان
؟ عاصرتم مرحلة صحفية لم تكن متوافرة فيها وسائل الاتصال الحديثة كالفاكس والإنترنت وغيرها ولا شك أنها سببت لكم معاناة في الحصول على الأخبار وإرسالها للجريدة في أقرب وقت حبذا لو حدثتمونا عن معاناتكم في هذه الفترة؟
- كنا نجمع الأخبار كل يوم بيومه ونضعها في ظرف ونرسلها عن طريق سيارات الأجرة إلى جدة، حيث كان يأخذ فراش المكتب الظرف ويذهب به إلى موقف التكاسي التي تذهب إلى جدة من موقف مكة، وكنا نعطيه عشرة أو خمسة عشر ريالاً قيمة إرسال الظرف وكان يسلمه لأقرب سائق يحمل ركابه أولاً، حيث يعطيه الظرف مع الأجرة ويطلب منه أن يسلمه لموظف السنترال في جريدة المدينة بجدة وكان مقر الجريدة في طريقه وهو داخل جدة، حيث يقف بركابه أمام الجريدة ثم يسلم الظرف لموظف السنترال في الجريدة؛ والذي بدوره يسلمه للتحرير ثم يواصل السائق سيره لإيصال ركابه إلى موقف مكة في جدة، وحتى عندما كنت مديراً للتحرير لم يكن لدينا فاكسات، وأذكر مرة من المرات أخذنا نتائج الثانوية العامة من الرياض عبر الهاتف، حيث جلست هواتفنا مشغولة ست ساعات ونحن نكتب أسماء الناجحين عبر الهاتف من الرياض وعندما جئت لمكة كانت الجريدة توزع عن طريق مكتبة الجيل وهي بدورها تقوم بتوزيعها مع بقية الصحف على أربع أو خمس مكتبات أخرى فقط التي كانت موجودة آنذاك، وعندما استلمت إدارة المكتب بدأت في توزيعها على المحطات والبقالات، وقد وصلت أعداد التوزيع في مكة المكرمة إلى عشرة آلاف نسخة بالنسبة لجريدة المدينة أما الرجيع فلم تتجاوز نسبته 10% وكانت تجربة ناجحة.
؟ من أبرز الشخصيات التي أجريت حوارات صحفية معها؟
- أجريت حواراً مع رئيس وزراء اليابان عام 1397ه ولا يحضرني اسمه ومع الرئيس الباكستاني محمد ضياء الحق ومع الرئيس الأندونيسي سوهارتو وغيرهم كثر، أما من الداخل فأجريت حوارات كثيرة مع العديد من كبار الشخصيات كالأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية والأمير أحمد بن عبدالعزيز. وغيرهم من الأمراء، وأذكر عندما كان رئيس تحرير جريدة المدينة الأستاذ عثمان حافظ -رحمه الله- والأستاذ محمد صلاح الدين مديراً للتحرير والدكتور هاشم عبده هاشم سكرتيراً للتحرير أنه كانت لدينا صفحة في رمضان اسمها (آدم بلا حواء) وصفحة أخرى اسمها (آدم وحواء) فيوم تنزل آدم بلا حواء وفي اليوم الثاني تنزل آدم وحواء، فمن ضمن الضيوف الذين أجريت حواراً معهم لصفحة آدم بلا حواء معالي الدكتور راشد الراجح قبل أن يتزوج والأستاذ محمد سليمان الشبل، أما لصفحة آدم وحواء فأجريت حواراً مع الدكتور عبدالعزيز خوجة والأستاذ عبدالله الحصين -رحمه الله- عندما كان مديراً للتعليم في الطائف.
؟ كم عدد البلدان التي زرتها من خلال عملك في بلاط صاحبة الجلالة؟
- عملي الصحفي أتاح لي زيارة أكثر من خمسين بلداً عربياً وإسلامياً وأجنبياً، كما حضرت الكثير من المؤتمرات خارج وداخل المملكة وخرجت بتجارب ثرية؛ فلولا الله ثم الصحافة لما استطعت أن أزورها.
؟ ما الموقف الذي ما زلت تذكره عن إحدى هذه الزيارات؟
- أذكر عندما ذهبنا لجاكرتا في أندونيسيا ضمن مجلس التنسيق الإسلامي أيام معالي الشيخ محمد علي الحركان -رحمه الله- عندما كان أميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي من المواقف العجيبة التي لاحظتها أنه بعد أن خطب معالي الشيخ الحركان خطبة الجمعة في مسجد الاستقلال المسجد الرئيسي بجاكرتا، أذكر وكنا جميعاً نلبس الزي السعودي فعندما انتهت الصلاة فإذا بغالب المصلين يتجمعون إلينا ويمسحون أيديهم بملابسنا ويقولون بركة.. بركة.. أي يتبركون بنا لكوننا جئنا من مكة ولم نخرج من المسجد يومها إلا بشق الأنفس.
؟ من أساتذتك في مجال الصحافة؟
- هناك بعض الزملاء أدين لهم بالفضل في مساعدتي في تلك الفترة مثل الأستاذ علي خالد الغامدي والأخ مقبول الجهني كان له الفضل في إلحاقي بجريدة المدينة؛ لأنه كان مندوباً لها قبلي والأخ محمد أحمد الحساني في جريدة الندوة والأستاذ محمد صفوت السقا أميني الذي أدين له بالفضل في تشجيعي؛ وذلك بإرسالي إلى المؤتمرات والندوات داخل وخارج الرابطة، وكنت في عهده أول صحفي سعودي يزور فيتنام وكمبوديا وكان مقرراً أن يذهب مع معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي الأمين العام المساعد للرابطة الدكتور صديق تاوتي مساعد رئيس البنك الإسلامي للتنمية حالياً، وكان وقتها معالي الشيخ محمد العبودي في لجنة التنسيق الإسلامي التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز في عهد معالي الشيخ محمد علي الحركان، ولم يكن وقتها قد عمل بالرابطة لكن معالي الشيخ محمد العبودي اعتذر وقتها عن السفر لظروف طارئة فرشحني الأستاذ محمد صفوت السقا وكان وقتها خارج المملكة، وقال يذهب إبراهيم الدعيلج مع الدكتور صديق تاوتي إلى فيتنام وكمبوديا وبالفعل ذهبت إلى هناك، وكان معي بعض المبالغ المالية من الرابطة لكي أوزعها على بعض المساجد هناك من قبل الرابطة، لكن وجدتهم بحاجة إلى الأكل والطعام أكثر من حاجتهم إلى المساجد على أهميتها وكتبت تقريراً عن هذه الزيارة رفع للمقام السامي.
؟ كيف كان الوضع هناك في تلك الفترة؟
- كان سيئاً وكان هناك تعتيم إعلامي شديد على الجرائم التي كان يقوم بارتكابها الدكتور (بولبوت) رئيس كمبوديا الذي حول العاصمة (فنوم بنه) من عروس الشرق إلى مدينة الأشباح فكان يقتل الأطباء والمدرسين وكان من هو متعلم حتى الجامعة لم تسلم منه، حيث أرسل عليها القنابل التي دمرت وشاهدت مدرسة حولها إلى سجن ويأتي بالناس الجهلة يحكمون البلاد، وقد زرت مدرسة مكتوب على السبورة بها لا تتكلم ولا تتحرك وكان بها أسرة وتحتها سلاسل وتحت كل سرير قصرية خاصة بالبول، وحوّل المراجيح إلى مشانق والممرات جعلها موصولة بأسلاك مكهربة، وفي مدخل المدرسة خريطة لكمبوديا مساحتها عشرين متراً في عشرة أمتار معمولة من الجماجم الحقيقية، وكنا نسير بين الحقول ونشاهد الجماجم في كل مكان حتى التلفزيونات كسرها، وكان لا يريد أي مظهر من مظاهر الحياة وكان يضع الناس في معسكرات وكان يقدم لهم الأرز في جميع الوجبات.
؟ ما أطرف المواقف التي مررت بها في حياتك؟
- هو عندما كنا في تغطية مؤتمر للرابطة في مكة المكرمة وكان من ضمن البرنامج أن يذهب أعضاء المؤتمر للسلام على الملك فيصل في الرياض - رحمه الله - ومن ضمنهم الصحفيون الذين كان لهم دور بارز في تغطية المؤتمر؛ فكنت أنا والأخ عبدالله رجب عن وكالة الأنباء السعودية والأخ مقبول الجهني والأخ محمد الحساني والأخ عبدالله حسنين عن جريدة عكاظ، حيث ذهبنا للرياض وسكنونا في فندق اليمامة بالرياض وكان وقتها من أفخم الفنادق، ثم ذهبنا مع الوفد إلى قصر الحكم للسلام على الملك وكان ترتيبنا في السلام في الأخير فعندما جاء دور الصحفيين في السلام على الملك كان في مقدمتنا الزميل عبدالله رجب باعتباره رسمياً يمثل وكالة الأنباء السعودية والذي وراءه هو الأخ مقبول الجهني ثم أنا ثم الأخ محمد الحساني ثم الأخ عبدالله حسنين فالذي حدث أن الأخ عبدالله رجب همّ بأن يقبل يد الملك فيصل فنزل رأسه على أساس يقبل لكن الملك فيصل سحب يده بلطف فمع سحبته ليده يظهر أن الأخ عبدالله رجب عثر فطاح على الأرض وكان خلفه بالضبط الأخ مقبول الجهني فطاح هو الآخر فوقه فكان موقفاً محرجاً وطريفاً في الوقت نفسه جعل الملك فيصل يبتسم ويضحك ولولا لطف الله لطحت أنا والحساني والحسنين فوقهم لكن الله سلم وأكملنا السلام على جلالته.
؟ وماذا عن المواقف المحرجة؟
- هو عندما كنت محرراً بمكتب جريدة المدينة في مكة المكرمة، حيث كنت ذات يوم عند الأستاذ عبدالله بن صديق أمين العاصمة المقدسة -رحمه الله- وسمعته يتحدث عبر الهاتف مع شخص ويقول له بأن الأمير جاء من السفر وباشر فخرجت من عنده وكتبت خبراً للجريدة بأن الأمير فواز بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة قد باشر عمله بعد قدومه من خارج الوطن لكن الذي حدث هو أني فهمت خطأ فالذي جاء وباشر عمله لم يكن أمير مكة وأنني استعجلت في إرسال الخبر؛ فالذي حدث هو أن اتصل بي الأستاذ محمد صلاح الدين مدير التحرير آنذاك وقال لي من أين جئت بالخبر قلت له بأنني كنت عند الأستاذ عبدالله بن صديق وسمعته يتحدث عبر الهاتف مع شخص آخر يقول له بأن الأمير جاء وباشر فخرجت من عنده وكتبت الخبر فقال لي اذهب للإمارة بجدة؛ لأنها تريدك وكانت تربطني علاقة بالأستاذ عبدالمحسن السميري مدير مكتب الأمير فاتصلت به وقلت له أبلغتني الجريدة بأنكم تريدونني فقال لي هو أنت قلت له نعم أنا، فقال لي ما دمت هو أنت فلا داعي لحضورك نحن نعالج الموضوع وكان الموقف محرجاً لي ولا سيما وأنني في بداية حياتي الصحفية، وهناك موقف آخر.
؟ ما هو هذا الموقف؟
- هو عندما وصلت لإدارة تحرير جريدة المدينة كان قد نشر في صفحة الرأي مقال لشخص ينكر فيه السحر فجاء عليه تساؤل وألصقت بي التهمة بأنني كنت قائماً بالعمل وقتها وهو كلام غير صحيح فالمقالة نشرت قبل أن أستلم العمل مديراَ للتحرير، ولكني عندما استلمت العمل تفاعلت وأوقفت الجريدة عدة أيام لا أذكر أهي ثلاثة أيام أم أسبوع وغرمت مالياً وبعض المشائخ طالبوا بالقصاص من رئيس التحرير ودار حديث في مجلس القضاء حولها ولكن الشيخ عبدالله بن حميد حسم الأمر بأن أصدر أمراً بأن يستتاب رئيس التحرير ويكتب اعتذاراً في الصفحة الأولى عمّا حصل وكانت صفحة الرأي يشرف عليها زميل غامدي اسمه محمد علي القرامي وعندما بحثنا عن كاتب المقالة وجدناه بأنه أحد الإخوة المصريين من المقيمين في المدينة المنورة لكنا لم نعرف له عنواناً وكان ينكرالسحر.
؟ وبماذا انتهت القضية؟
-بإيقاف الجريدة وتغريمها واعتذار رئيس التحرير الأستاذ أحمد محمود عمّا حدث في الصفحة الأولى وأن السحر موجود.
؟ ماذا عن الأبناء؟
- متزوج ولدي أربع بنات وولد وهو أصغرهم واسمه عبدالعزيز ويدرس في الصف السادس الابتدائي أما البنات فواحدة تحضر للماجستير والثانية معيدة والثالثة تدرس في الجامعة والرابعة تدرس في الثانوية العامة.
؟ وهل كان الزواج تقليدياً؟
- كان تقليدياً جداً فلم أر زوجتي إلا ليلة الزفاف وتعرفت عليها بعد أن وصفوا لنا أناس هذه الأسرة التي كانت تسكن في شعب عامر بمكة وهي أسرة نجدية ثم ذهب الأهل ورأوها وبعدها تقدمت وحدث النصيب، وكان زواجاً موفقاً أفضل بكثير من الزواج السائد الآن مع أنني لم أرها إلا ليلة الزفاف.
؟ لو لم تكن فيما أنت فيه اليوم ماذا كنت تود أن تكون؟
- لو لم أكن فيما أنا فيه اليوم لتمنيت أن أكون فيما أنا فيه اليوم وهو أن أكون في الإعلام والصحافة بصفة خاصة وحتى عندما كنت طفلاً صغيراً كنت أمسك المحقن وأتحدث فيه على أنه ميكرفون وعندما كنت في المدرسة كنت أ شترك في جماعة التمثيل والمسرح، فعلى أيامنا كانت المدارس فيها نشاط وعمل فعلي، وليس مثل اليوم النشاط الحالي كله صوري وهو مضيعة للوقت والجهد والمال بينما في السابق كانت هناك مسرحيات هادفة وحفل سنوي لكل مدرسة تعد له منذ مدة طويلة، وكانت هناك كشافة وأشبال فكانت المدرسة فيها حركة وتفاعل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.