القوات المسلحة تشارك في تمرين "الأسد المتأهب"    الأدوية وأفلام الرعب تسببان الكوابيس أثناء النوم    الأرصاد: استمرار التوقعات بهطول الأمطار على عدد من المناطق    استقبال طلائع الحجاج بالهدايا وحزمة البرامج الإثرائية    مخاوف من انتشارها.. سلالة جديدة من كورونا يصعب إيقافها !    «عدّادات الأجرة» تخضع لأحكام نظام القياس والمعايرة    المنامة تستعد للقمة العربية.. وغزة تتصدر أعمالها    إكمال الاختبارات التشغيلية لدرب الحرمين    المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    الأرض تشهد أقوى عاصفة شمسية منذ 21 عاماً    طبيبة سعودية تنقذ راكبة تعرضت للصرع على متن رحلة جوية    الذكاء الاصطناعي.. الآتي أعظم    انتكاس تجربة «إيلون ماسك» لزرع الشريحة    المملكة ترحب بقرار الجمعية العامة    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الطبية والغذائية    كنو: موسم تاريخي    صحف عالمية:"الزعيم لا يمكن إيقافه"    براعم النصر .. أبطالاً للدوري الممتاز    الأزرق يعادل بطولات الأندية مجتمعة    أخضر الناشئين لكرة الطائرة إلى نهائيات كأس آسيا    توقيع اتفاقية تعاون وتقديم خدمات بين منصة وتطبيق متر ووكالة سمة للتصنيف    جمعية مرفأ تنفذ دورة "التخطيط الأسري" في جازان    محافظ الزلفي يزور فعاليه هيئة التراث درب البعارين    القبض على مقيمين لنشرهما إعلانات حملات حج وهمية    اكتشاف قدرات الأيتام    مؤسس فرقة «بيتش بويز» تحت الوصاية القضائية    النزل التراثية بالباحة .. عبق الماضي والطبيعة    "هورايزون" و"بخروش" يفوزان بجائزتي النخلة الذهبية    أكبر منافسة علمية عالمية في مجال البحث العلمي والابتكار.. «عباقرة سعوديون» يشاركون في آيسف 2024    السعودية وتايلند.. تعزيز التجارة واستثمارات واعدة    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من إندونيسيا    الماء    مصادر «عكاظ»: لا وجود ل «المسيار» أمام المحاكم.. تراخيص المكاتب «هرطقة»    ختام ناجح لأسبوع الرياض الصناعي    100 مليون ريال في المرحلة الأولى.. "جونسون كنترولز "تصدر" تشيلرات يورك" سعودية الصنع إلى أمريكا    خبراء صينيون يحذرون من تحديات صحية ناجمة عن السمنة    حذروا من تجاهل التشخيص والتحاليل اللازمة .. مختصون: استشارة الإنترنت علاج مجهول    حملة للتوعية بمشكلات ضعف السمع    الطلبة الجامعيون وأهمية الاندماج في جميع المناطق    "الأمن العام" يحذر من إعلانات الحج الوهمية    وما زال التدهور يخيّم في الأفق..!    الشمري يرفض 30 مليون ريال.. ويتنازل عن قاتل ابنه بشفاعة أمير منطقة حائل    جودة النقد بين نور والهريفي    أول دوري للبادل في العالم.. وقفات ومقترحات    مساحات ثمينة    الإسقاطات على الكيانات !؟    اجتماع تحضيري للقمة العربية.. 12 بنداً في الملف الاقتصادي والاجتماعي    القيادة تعزي ملك مملكة البحرين    أمير الرياض يتفقد المجمعة ويدشّن مشروعات تنموية    وصول المنتخب السعودي للعلوم إلى الولايات المتحدة للمشاركة في آيسف 2024    المدينة أول صديقة للتوحد بالشرق الأوسط    رابطة العالم الإسلامي تدشّن «مجلس علماء آسْيان»    الجوف: القبض على شخص لترويجه أقراصاً خاضعة لتنظيم التداول الطبي    تعليم عسير يُعرّف ب«نافس» تعليمياً ومحلياً.. و8 ميداليات ومركزان في الأولمبياد الوطني للتاريخ    وزارة الحج تدعو لاستكمال التطعيمات المخصصة لحجاج الداخل    مقرن بن عبدالعزيز يرعى حفل تخريج الدفعة السادسة لطلاب جامعة الأمير مقرن    جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة السادسة    تدشين مشروعات تنموية بالمجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القيمُ المعنوية
نشر في الرياض يوم 28 - 12 - 2023

من أهم مظاهر مراعاة القيم المعنوية تقدير الإنسان لنفسه التي بين جنبيه، ومعرفته لما لها من القيمة، فيرفعها عن كل حضيضٍ ولا يُلقي بها إلى التهلكة، ويكون ذلك بتطويعها لامتثال أوامر خالقها واجتناب نواهيه..
يُدركُ الناس قيم الأشياء الحسية المادية، ويتعاملون مع الشيء ذي القيمة العالية كما يليق بقيمته عندهم، ومن مظاهر ذلك تقدير نفاسته والتنويه بها، وصيانته عن الابتذال والحرص على تحصيله، والاستدلال به على أهمية ومكانة المقتني لها، ويغفل كثيرٌ منهم عن القيمة المعنوية للأشياء، فلا يُلقي لها بالاً مع أنها الجوهر النفيس الغالي الكامن في الوجود، فهي أولى بالمراعاة؛ لأن آثارها أبقى وأعمق، وأكثر تأثيراً، وأبعد مدى، وتعتبر القيمة المعنوية بالنسبة إلى المادية كالروح بالنسبة إلى الجسد، فكما أن بقاء الجسد وصلاحه متوقفان على سريان الروح فيه، فبقاء القيمة المادية للشيء وحظوتها بالأهمية الراسخة متوقفان على تضمنه لملمحٍ معنويٍّ يربطها بقيمةٍ تحتمل الاستمرار والبقاء، وتدل على أن وراء الحسن والجدوى المحسوسين جمالاً ومنفعةً ذاتيين لا يزيدهما مرور الأيام إلا قوة وتألقاً، ولا تزال سوقهما رائجة عند عقلاء الناس ونبهائهم، ولي مع أهمية مراعاة القيم المعنوية وقفات:
الأولى: من أهم مظاهر مراعاة القيم المعنوية تقدير الإنسان لنفسه التي بين جنبيه، ومعرفته لما لها من القيمة، فيرفعها عن كل حضيضٍ ولا يُلقي بها إلى التهلكة، ويكون ذلك بتطويعها لامتثال أوامر خالقها واجتناب نواهيه، ومِنْ شُكْرِ نعمة الله تعالى على الإنسان لما منحه النفس السوية أن يزكيها بطاعته، وأن لا يمتهنها بالركون إلى المعاصي والموبقات، ومصداق ذلك قوله تعالى:«وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا»،
ومن مراعاة قيمة النفس صونها عن أنواع المتالف؛ فنفس الإنسان ليست ملكاً له بل هي محميةٌ من تفريطه فيها وفي كل ما يعود على ضرورياتها بالضرر، مباشرة أو بالتسبب، وكما يبدأ الإنسان بمراعاة قيمة نفسه عليه أن يراعي النفس البشرية، فلا ينتهك شيئاً من حماها ومقوماتها لا من روحٍ ولا بدنٍ ولا مالٍ ولا عرضٍ إلا بحقٍّ شرعيٍّ على الوجه النظامي المأذون فيه لصاحب الصلاحية، وفي الكفِّ عن الحوم حول حمى النفس البشرية تجسيد لكرامتها التي تفضَّلَ تعالى بها عليها، كما قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)، وبقدر مراعاة أفراد المجتمعات لهذا التكريم والعمل بمقتضاه تسودها الألفة، ويعمُّها الأمن والاستقرار والرخاء، ومن أكبر أسباب الشرور التجرؤ على الحُرمات، والاستهانة بها، ومحاولة النيل منها بذرائع بعيدةٍ، وشبهٍ واهيةٍ، وقيمة الكرامة العامة مبذولةٌ لكل الناس وهم متفاوتون فيها تفاوتاً كبيراً، ولكل ذي حق حقه.
الثانية: من القيم المعنوية ما هو خاصٌ لنشوئه عن سببٍ اقتضاه، وتقرر بموجبه شرعاً ونظاماً وعرفاً، كقيمة العلم والسلطة والمكانة، وهذه قيم تواطأ العقل والشرع والعرف على إعلاء شأنها، فعلى المسلم أن يكون باذلاً لمن اتصف بها ما يجب له كما يجب، ولكلٍّ من هذه المقومات أنواعُ مراعاةٍ بحسب الحال وطبيعة ما يتجسد فيه الاحترام والتقدير، وكثيرٌ من هذا مشهورٌ لتعاطي الخاصة والعامة له، لكن قد يقع بعض الناس في التقليل من شأن بعض هذه القيم وهو لا ينوي ذلك أو يتعمده لهوى في نفسه وشبهةٍ اختطفته، فمن التقليل من شأن العلم بصورةٍ خفيةٍ التعويل في مجال من مجالاته على المتعالم المجهول الحال، والاستماع إلى توصياته والتعويل على أطروحاته، وهذا لا يخلو من تصورٍ قاصرٍ لعظمة العلم وكونه مما لا يُنالُ إلا باشتغالٍ، وكون منصب التصدر فيه متوقفاً على أن يُعرفَ عن صاحبه التمكن والدراية، ومن التقليل من شأن السلطة أن يدعى لغير ولي الأمر حق السمع والطاعة، وحق التدبير والنظر في المصالح العامة، وفي هذه الدعوى قصور؛ لانبنائها على تهوين شأن القيادة، وأنها مما يسع سائرَ الناس الاتصافُ به.
الثالثة: القيم المادية والمعنوية للإنجازات البشرية وإن كان استقلال كل منهما عن الأخرى حاصلاً إلا أنه لا تعارض بينهما، فهما تجتمعان لمن سلك طريق تحصيلهما، فمن أسس منشآت أو أعمالاً حيوية لها قيمتها المالية المقصودة بذاتها، واعتَبَرَ فيها قيماً معنوية أخرى من شأنها أن تكون من روافد العمارة والحضارة والمنافع المتعدية، فقد اجتمعت له القيمتان، ومن وازى أعماله بمبادراتٍ تخدم المجتمع وتطوره وتُسهم في رقيه، ويتعالى شأن ذلك كلما احتمل عمله البقاء، وأن تتوارث منافعَه البشرية جيلاً بعد جيل، والنفع المتعدي - مهما كان - لا يُعدمُ فيه ثوابٌ وشكرٌ، وإن كان منطلقه الانتفاع الخاص، فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلمٍ يغرس غرساً، أو يزرع زرعاً، فيأكل منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ، إلا كان له به صدقة»، أخرجه البخاري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.