على ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة .. الجمعة نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    جامعة المؤسس: الزي السعودي إلزامي على الطلاب    وزارة الإعلام تحتفي بطلاب وطالبات أكاديمية طويق ومدارس مسك الفائزين في معرض آيتكس 2024    فريق طبي بمستشفى عسير يُنقذ حياة أربعيني تعرّض لطلق ناري في الرقبة    الاحتلال يواصل قصف أحياء رفح    أمير الرياض يرعى الاحتفاء بالذكرى ال 43 لتأسيس مجلس التعاون الخليجي    الغربان تحصي نعيقها    المكسيك تسجل حرارة قياسية    لقاءات مكثفة للربيعة في جنيف.. إشادة دولية بدعم المملكة للصحة العالمية    تعزيز التعاون البرلماني العربي    ولادة ثلاثة وعول في منطقة مشروع قمم السودة    رابطة اللاعبين تزور نادي العروبة    أخضر الشاطئية يتأهل لربع نهائي البطولة العربية    حتى يبدع الحكم السعودي    ضمن فعاليات تقويم جدة بسوبر دوم.. غونتر يتوج بلقب" ملك الحلبة".. و" ناي جاكس" ملكة السيدات    ريال مدريد يودع الساحر الألماني    وجهة الابتكار    إدارة تعليم عنيزة تدشن مبادرة التسجيل في النقل المدرسي    الإطاحة بثلاثة وافدين يروجون حملات حج وهمية    الأمن المدرسي    العمودي والجنيد يحتفلون بناصر    الزهراني يحتفل بزواج إبنيه محمد و معاذ    أنت بحاجة إلى ميزانية    أجيال المملكة والتفوق صنوان    كي تكتب.. عليك أن تجرِّب    تكريم الفائزين في مسابقة «فيصل بن مشعل لحفظ القرآن الكريم»    ختام «بنكهة الشرق» والأميركي «أنورا» يحصد الجائزة الذهبية..    وصول أولى رحلات مبادرة طريق مكة من المغرب    حلقات تحفيظ جامع الشعلان تكرم 73حافظا    وصول أكبر معمرة عراقية لأداء فريضة الحج    بيان التسمم    12 ألف حاج تلقوا خدمات صحية في المدينة المنورة    عليهم مراجعة الطبيب المشرف على حالتهم.. «روشتة» لحماية المسنين من المشاكل الصحية في الحج    اكتشاف دبابير تحول الفيروسات إلى أسلحة بيولوجية    الشغف    أسرتا السليمان والزعابي تتلقيان التعازي في فقيدهما    التألق والتميز السعودي في الزراعة !    مرونة سوق العمل السعودي!    بيت الاتحاد يحتاج «ناظر»    أفكار للتدوين في دفتر (اتحاد الإعلام الرياضي)    شكراً «نزاهة»    أتعمية أم خجل.. يا «متنبي» ؟    تعيين د. المجفل سفيراً لدى سورية    تخفيف مشقة الحج عن كبار السن    مشرفو الحملات الإندونيسيون: طاقات بشرية وفنية سعودية لراحة الحجاج    سعود بن بندر يطلع على خدمات «تنموي سلطان بن عبدالعزيز»    «الداخلية» تستعرض مبادرة طريق مكة في معرض «لا حج بلا تصريح» بالمدينة المنورة    «الموارد البشرية» تطلق عدة مبادرات في موسم الحج    انعقاد الاجتماع الوزاري حول جهود تنفيذ حل الدولتين بما في ذلك الاعتراف بالدولة الفلسطينية    أمير الشرقية يشيد بجهود الدفاع المدني    مشاريع تنموية ب14.7 مليار ريال في مكة    سمو أمير تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة الثامنة عشرة لطلاب وطالبات جامعة تبوك    القبض على 3 وافدين بتأشيرة زيارة لترويجهم حملات حج وهمية    الربيعة يدعو لإيجاد طرق مبتكرة لتنمية الشراكة مع منظمة الصحة العالمية وتطوير التدخلات الصحية أثناء الأزمات    أمير تبوك يرعى حفل تكريم خريجي مدارس الملك عبد العزيز    أكد حرص القيادة على راحة الحجاج.. أمير الشمالية يتفقّد الخدمات في« جديدة عرعر»    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج دورة الضباط الجامعيين    ولي العهد يعزي محمد مخبر هاتفياً في وفاة رئيسي وعبداللهيان ومرافقيهما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آراء الفلاسفة المسلمين والنحت الغربي
نشر في الرياض يوم 14 - 12 - 2023

ما يدفع النقاد والفلاسفة للتنظير هو التقلب في فضاءات الدهشة نحو الكمال، وهذا ما نجده في أفكار الفلاسفة المسلمين، ثم نجده يمتد في ثنايا أفكار الفلاسفة الغربيين المحدثين في شكل يتباين فيه الأسلوب ويبقى المعنى واحداً في عدة مناحٍ تنظيرية كالهوية والحركة والزمان والشخصية وغير ذلك من الفكر الفلسفي العربي..
إن ذلك القلق الدائم والمحموم بالأنس أو المؤانسة المعرفية هو ما جعل وزارة الثقافة بالمملكة تقيم مؤتمر الفلسفة الدولي، وذلك لما توليه الوزارة من اهتمام بالثقافة والمعرفة، لكون الفلسفة هي عمق الفكر الذي تنبت منه المعرفة والتنظير، لأن ما يدفع النقاد والفلاسفة للتنظير هو التقلب في فضاءات الدهشة نحو الكمال.
وعلى هذا النحو نجد ذلك الوهج في أفكار الفلاسفة المسلمين، ثم نجده يمتد في ثنايا أفكار الفلاسفة الغربيين المحدثين في شكل يتباين فيه الأسلوب ويبقى المعنى واحداً في عدة مناحٍ تنظيرية كالهوية والحركة والزمان والشخصية وغير ذلك من الفكر الفلسفي العربي الذي قد اطلع عليه هؤلاء أو تلامسوا مع هذه المعارف، مما يجعلنا نميط اللثام عن هذا التقارب النظري إذا ما دققنا القراءة في هذه النظريات، فيستقر الوجدان الجمعي العربي حول هذه النظريات الغربية التي قد تبدو معقدة لدى الباحثين والدارسين، وتنشيط الذاكرة العربية بما لديها من فكر عربي عريق يفوق تلك النظريات الوافدة إن لم يتساوَ معها. وعلى سبيل المثال ما نجده في آراء "جاك دريدا" و"ميشيل فوكو" و"باختين" و"لوكاكش" و"جولدمان" وغيرهم ممن تقلب وجهه في فضاءات النظرية الغربية.
فحينما ندقق النظر في آراء كل من الفلاسفة المسلمين ورأي "دريدا" عن هوية الذات نجده يرى أنه لابد من التخلي عن التعارضات. أي أنه لابد لفهم العالم من خلال تلك التعارضات أو الاختلافات بحيث إننا لابد أن نجرد الشيء من أي تعارضات تتعرض له بشكل عنقودي متسلسل ليتضح الشيء بعد إزالة تلك العوارض أو الاختلاف وهو العودة للبكر "والذي يساوي الجوهر لدى الفلاسفة المسلمين". فالطرف الأول يسبق الطرف الثاني كما يرى أن هناك أطرافاً ثانوية من قبيل الغياب والاختلاف فيضع نهاية لنسق التعارضات. فبإظهار التعارضات يمكن الوصول لمفهوم التأسيس الأصلي فيقول: (الاختلاف مثلا بالنسبة للهوية هو في حقيقة الأمر أسبق وأشمل.. فالاختلاف ليس مشتقا من الهوية، بل الاختلاف على الأصح هو ما يجعل الهوية ممكنة)، ثم يقول "مشيل رايان" في هذا الشأن: "إن كل مفاهيم التأسيس foundation أو الأساس ground أو الأصل origion ينبغي إزاحتها بالطريقة نفسها؛ ذلك أنها في حقيقة الأمر نقاط تتموضع في أنساق وسلاسل وحركات أكبر يصفها "دريدا" -في الغالب- باستخدام مصطلحات هي في العرف الفلسفي مجرد عناصر ثانوية ومشتقة مثل الاختلاف والكتابة اللذين يحظيان بسمعة سيئة".
هذه التعارضات أو الاختلافات التي تعتري الأساس، والذي يجب إزاحتها لكي تُدرك الماهية، هي أيضا وردت عند الفلاسفة المسلمين، فنجد الإدراك الحسي لديهم لا يتأتى إلا بإزاحة تلك التعارضات التي أسموها بالغواشي وعلى هذا نجد قول الفارابي أن: "الحس الظاهر لا يستثبت الصورة بعد زوال المحسوس، فهو لا يعمل بدون مؤثر خارجي ذلك أنه ينال الشيء من حيث هو مغمور في العوارض التي تلحقه بسبب المادة التي خلق منها؛ لا مجردة عنها ولا يناله إلا بعلاقة وضعية بين حسه ومادته أي إنه يدرك الشيء وقد لحقته غواش غريبة عن ماهيته؛ لو أزيلت عنه لم تؤثر في كنهه وماهيته.. ولهذا لا تتمثل في الحس الظاهر صورة الشيء إذا زال هذا الشيء".. وهو هنا يقصد الغواشي والتعارضات. فالحس الظاهر أو الإدراك للشيء لا يمكن إلا إذا أزيلت عنه عوارضه.
إلا أن نزع هذه العوارض عن مادتها قد يكون أمرا شبه مستحيل عند ابن سينا حيث يقول: "تأخذ الصور عن المادة مع هذه اللواصق ومع وقوع نسبة بينها وبين المادة، إذا أُزيلت تلك النسبة بطل ذلك الأخذ وذلك لأنه لا ينزع الصورة عن المادة من جميع لواصقها، ولا يمكن أن تستثبت تلك الصورة إن غابت المادة، فيكون كأنه لم ينتزع الصورة عن المادة نزعا محكما، بل يحتاج إلى وجود المادة أيضا في أن تكون تلك الصورة موجودة له. إذاً فالحس الظاهر يكون في هذه الحالة عاجزا عن إدراك الصورة لأنه لا يستطيع تجريدها عن مادتها، وإنما يمكن أن يدركها الحس الباطن الذي يرى الصورة والمعنى معا".
وبما أن "دريدا" قد لجأ إلى مصطلح الاختلاف المرجئ وقد اعتبره أسبق من الجوهر في الحضور هو المبدأ الأساسي في فكره عن الهوية والذات، فهو يراه لا يمكن أن يصل إلى الأساس لأنه لا يمكن فصل الذات عن تلك الاختلافات ف"لا يتمتع الاختلاف المرجئ بمنزلة الأساس ولا يمكن له أن يلعب دور مبدأ أو أصل أول يتأسس عليه نسق فلسفي، والسبب أنه يُبْطِلُ أي هوية ذاتية غير مختلفة، وهي المقدمة المنطقية الضرورية لأي أساس".
فالاختلاف هنا هو ما يبطل الهوية لدى "دريدا" لأنه لا يمكن عزل الأساس عن الخلاف أو الاختلاف، وبهذا يتفق هذا القول مع فكر "الفارابي" و"ابن سينا" حين رأوا أنه لا يمكن الإدراك الظاهري للمادة، لأنه لا يمكن عزلها عن لواصقها، وهو ما يؤكده أيضا "دريدا" عن الهوية الذاتية في قوله: "كي توجد هوية ذاتية عليها أن تفترض سلفا اختلافها عن شيء آخر. الاختلاف والهوية إذاً يرتبطان ارتباطا "كونيا"، فكلاهما يكمل الآخر –تبادلا- بكيفية تحول دون انقسامهما انقساما، تعارضيا، ترابطيا، صارما".
هذا وقد أخذت منا هذه الظلال الغربية -الممتدة في عمق نظريات وآراء الفلاسفة المسلمين واستلابها- جهدا من التحليل والتفسير حتى انتهى الأمر إلى كتاب كامل وهو "الجزء الثالث من موسوعة نقد النقد" لتبيان هذا الأثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.