بعد أحداث غزة الأخيرة تعالت الأصوات بين مؤيد ومعارض لما أقدمت عليه حركة حماس، والذي نتج عنه ما نشاهده من دمار وقتل وتشريد داخل غزة، وتخوين واتهامات بالعمالة والصهيونية في وسائل التواصل الاجتماعي. في هذا المقام لن أنصب نفسي حكمًا أو مدافعًا عن أهل غزة المكلومين، فمنهم من يؤيدون ما حدث، وآخرون يعارضون وذاك شأنهم. من يعنيني في هذا المقام هو المتابع لهذا المشهد المشوه، هذا المشهد الذي أصبح أرضًا خصبة للجدل والفتنة، هذا المشهد الذي يتطلب معرفة الحق فيه قبل الغوص في الأعماق؛ للوصول إلى اللؤلؤة المكنونة بعيدًا عن أمواج العاطفة التي تورد إلى المهالك في مثل هذه الظروف. عزيزي المتابع، بعيدًا عن العواطف والمشاعر الجياشة، حركة حماس حركة منشقة عن محيطها على كل الأصعدة، وتريد فرض الأمر الواقع على الأمة الإسلامية بأسرها، وذلك من خلال أبشع أشكال فرض الواقع، بتقديم الأطفال والنساء والشيوخ فريسة سهلة إلى أكثر الأنظمة التي عرفتها الإنسانية شراسة، وهذا كان فعلاً ممنهجًا من قبل تلك الحركة التي تحركت عمدًا في هذا التوقيت؛ لأنها تعلم بأن حكومة نتنياهو المتطرفة تعد الكيان الأمثل لتنفيذ المشروع الدموي بشكل نموذجي. عزيزي المتابع، بعيدًا عن العواطف والمشاعر الجياشة، في أقبح أشكال الخيانة والإجرام تنصلت تلك الحركة من أي مسؤولية تجاه أهل غزة الأعزل! وقد أتى ذلك على لسان رئيس المكتب السياسي السابق لحماس موسى أبو مرزوق عندما قال: "الإنفاق لحماية مقاتلينا فقط، أما المدنيون في غزة حمايتهم مسؤولية الأممالمتحدة، واتفاقية جنيف التي تلزم إسرائيل بتقديم الخدمات"، تنصل عن المسؤولية! نسي أبو مرزوق والحركة التي ينتمي إليها أن أهل غزة اختاروهم ولم يختاروا الأممالمتحدة وذلك لتحقيق قوله صلى الله عليه وسلم: {من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا}. وحول هذا المحور غرد صوت من داخل غزة تحت اسم أحمد مصطفى بكلام يندى له الجبين لقي تفاعلاً كبيرًا على منصة X حيث قال من درر الكلم: "أكتب من قلب قطاع غزة قبل انقطاع الإنترنت وشبكات الاتصال الخلوي، وأسجل على نفسي كلماتي حتى لا يفسر صمتنا قبولاً أو صمودًا اختياريًا، وإن جاء أحدهم ليقول عن طرحي: "هذا ليس وقته" فأخبروه أن هذه قد تصبح وصية في أية لحظة، ولن أموت صامتًا لتعيش منتشيًا على دمائي كما ترغب. هنا أطفال ورجال يريدون للغد أن يأتي، ونساء يردن للموت أن ينصرف، وشيوخ أنهكهم شبح النكبة بعد أن طاردهم في حياتهم مرتين".عزيزي المتابع، بعيدًا عن العواطف والمشاعر الجياشة، حركة حماس هي حركة أيديولوجية تؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة؛ لذلك تجدهم في أحضان إيران، كذلك من يمثل هذه الحركة ويدافع عنهم في واشنطن في ذات الوقت يدافع عن الشواذ والملحدين، وأخص بالذكر في هذا السياق النائبة الديموقراطية من أصول فلسطينية طليبة رشيد، وكذلك النائبة الهان عمر من أصول صومالية! والشواهد على ذلك موجودة بالصوت والصورة. وفي هذا الشأن أقصد الاعتراف بالشاذين، لسنا بحاجة إلى الذهاب إلى واشنطن فقد سألوا الأمين العام لتنظيم الإخوان الدولي إبراهيم منير في لجنة تابعة لمجلس العموم البريطاني عن موقف الإخوان من الشذوذ الجنسي؟ فرد بقوله: "هذه حرية شخصية". عزيزي المتابع، بعيدًا عن العواطف والمشاعر الجياشة، كل الأدلة تشير إلى أن حركة حماس صنيعة أيادٍ وأذرع استخباراتية اجتمعت في الهدف والغاية، وهو ضرب الوحدة الفلسطينية وشق الصف الفلسطيني والأمة الإسلامية من الداخل؛ لتحقيق أغراض مادية لحركة الإخوان ووجودية للكيان الصهيوني، وفي هذا السياق قال النائب في مجلس النواب الأميركي رون بول: "حماس أنشأتها إسرائيل و دعمتها أميركا". وكذلك قال السياسي الألماني اليهودي الأصل جريجور فلوريان جيسي وهو محامٍ ألماني، والرئيس السابق لحزب اليسار الأوروبي: "من صنع مايسمى الدولة الإسلامية -القاعدة- في أفغانستان هي أميركا ضد الاتحاد السوفييتي، وفي المقابل إسرائيل صنعت حماس في فلسطين". عزيزي المتابع، بعيدًا عن العواطف والمشاعر الجياشة، لن تتمكن حركة حماس وتنظيم الإخوان المسلمين والموساد الإسرائيلي ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية من جر الأمة إلى معركة لم تعقد لتكون كلمة الله هي العليا. سيقف العالم الإسلامي وفي مقدمتهم القيادة السعودية مع أهل غزة لإيقاف إطلاق النار وإيصال المساعدات إلى داخل غزة، ولكن القرار العسكري المتمثل في طوفان الأقصى هو قرار حركة حماس ليس لنا فيه لا ناقة ولا جمل.