تأثرتُ كثيراً، وحزنتُ حزناً شديداً، عندما تلقيتُ نبأ وفاة الأخ العزيز، ورفيق الدرب الوفي (أبوصالح) الكاتب والأديب والناقد المعروف البرفيسور عالي بن سرحان القرشي -رحمه الله-، ولكن لا راد لقضاء الله وقدره، فله ما أخذ وله ما أعطى، وهذا طريقٌ عبوره مألوف لكل البشر: وهَذِه الدارُ لا تُبْقِي على أحدٍ ولا يدَومُ عَلىَ حالٍ لها شأنُ جمعتني به حِرفة الأدب والكتابة خلال رحلة طويلة، بدأت حيث التقيته مع مجموعة من الأدباء في لقاءات أدبية وثقافية، وتوطَّدت صلتي به أكثر عند تأسيس الأندية الأدبية خاصة نادي الطائف، فكنت ألتقيه في الندوات والأمسيات والمحاضرات ومؤتمرات الأدباء، وفي مهرجانات الجنادرية ومعارض الكتاب. وزاملته كاتباً في بعض الملاحق الأدبية والثقافية. كان الراحل خلوقاً، جمّ التواضع، حسن التعامل، عالي الاطلاع والثقافة، هادئ الطباع، دائم البشاشة والابتسام، كان نعم الصديق، دائم السؤال والاتصال والزيارة لمن تربطه بهم علاقة زمالة وود وصداقة. أسهم في إثراء الثقافة والأدب والكتابة النقدية بشكل خاص في المملكة العربية السعودية، ولا أبالغ إذا قلت: إنه يعتبر من أبرز النقاد ليس في بلادنا؛ بل على مستوى العالم العربي، وله من المؤلفات الثرية ما أجزم أنه أثرى مكتبتنا العربية، ومن أهمها: المبالغة في البلاغة العربية، أنت واللغة، طاقات الإبداع، الرؤية الإنسانية في حركة اللغة، شخصية الطائف الشعرية، رحلة الذات في فضاء النص الشعري القديم، نص المرأة، حكي اللغة ونص الكتابة، أسئلة القصيدة الجديدة، عكاظ وحي الإبداع وتجليات الوعي، بالاشتراك مع الدكتور عاطف بهجات، تحولات النقد وحركية النص، تحولات الرواية في المملكة العربية السعودية، صدر عام 2013، وحصل هذا الكتاب على جائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب لعام 1434ه. وله كتابات في عدد من الصحف والمجلات، بالإضافة إلى مشاركات في الإذاعة والتلفزيون والمواسم الثقافية والأدبية. كُرِّم في العديد من المناسبات الثقافية والأدبية وذلك لإسهاماته الأدبية والثقافية والعملية. وإنني لأعزي نفسي وأدباء ومثقفي المملكة في فقد هذا العَلم البارز والذي يُعد فقده خسارة في الساحة الأدبية ، كما أعزي إخوانه وأخواته وأبناءه وبناته وكامل أسرته. رحم الله الدكتور عالي بن سرحان القرشي رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وجعل ما قدم وأنجز في خدمة أمته ووطنه وقيادته في ميزان حسناته وألهم الجميع الصبر والسلوان.. (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ). الموت نقاد على كفه جواهر يختار منها الجياد عالي القرشي