الأستاذ الدكتور عالي بن سرحان القرشي؛ ناقد ومفكر وأستاذ جيل أحد أبرز وأهم الوجوه الثقافية والأكاديمية في مدينة الطائف، صدرت له مجموعة من المؤلفات في النقد الأدبي من بينها كتاب (رحلة الذات في فضاء النص الشعري القديم)، وكتاب (تحولات الرواية في المملكة العربية السعودية) الحاصل على جائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب لعام (2014)، مؤلفاته تزيد على 12 كتاباً. خضنا معه خلال هذه السطور جوانب تتعلق بواقع النقد في المشهد الثقافي الحالي، وعنايته بالأدب النسائي، ونظرته لقارئ اليوم. * عبر أكثر من عقدين من الزمن في الدراسات النقدية، ماذا عن الرؤية التي تكونت لديكم، وماذا خرجتم به من تنظير خاص بكم كناقد؟ * أنا كناقد لا أتعامل إلا مع النص الذي يعجبني وأرى فيه مجالًا للتفكير النقدي وهذا ما جلب عليّ مشكلات من الذين لا تحتمل نصوصهم ذلك التفكير، وذلك لأنهم يحسبون أنني مجامل لفئةٍ دون فئة، وهذا بحد ذاته يشير إلى أمر مهم أن الإبداع لا يمكن لنا أن نؤطره في قوالب معينة، أو أن نحده بنظريات بعينها، الإبداع فضاء مفتوح يتيح لكل كاتب أن يقدم ما لديه، ولكن في حدود ما تعارف عليه على أنه عمل إبداعي يتقيد بالقدر المطلوب من الكتابة الفنية والبناء السردي في عوالم السرد، واللغة التي تجمع بين فنون الكتابة المختلفة والتي تعتبر أساساً وظيفياً للمنتج الإبداعي بكل أشكاله، لكوني شخصياً أتبنى فكرة أن تسود اللغة في العمل الإبداعي بشرط إلا تسرق من السارد عوالمه الفنية التي يقدمها من أحداث وصراعات تمثل البناء الفني للعمل. * ماذا يمثل النقد للحركة الإبداعية والثقافية في المرحلة الراهنة في المملكة، وهل تعتبرون أن له حضوره أم أنه توقف عند مرحلة الثمانينات؟ * هذا اتهام خطير للنقد لا أقبله وذلك لأن النقد سيظل حيًا متحركًا مع النصوص التي تتخلق وتتجدد بتجدد مبدعيها وتخليقهم للفكر الإبداعي، حيث أن ناقد اليوم موجود وفاعل، لكن نقادنا تحول بعضهم للاهتمام بمشروعه النقدي الذي جعل من البعض يقدم نفسه اليوم كمفكر أو فيلسوف، والبعض الآخر ظل يتعاطى مع الحراك الإبداعي ويدرس كثير من الجوانب التي تعزز بعض نظرياته التي يعمل عليها مستند للمنتج الإبداعي. * كيف تنظر إلى الحركة الإبداعية لدى كُتاب الرواية والقصة، والإبداع عموماً، وكيف ترى ما يقدمه المبدعون السعوديون في هذا الجانب، وماذا عن حضورهم لدى قارئ اليوم؟ * القارئ تشتت به السبل فهو يقرأ كثيرًا في عالم السوشل ميديا، ولم يعد قادرًا على التركيز في حقلٍ معين، ولذلك أصبح اصطياد القارئ الجاد من الأمور العسرة على هؤلاء الذين يريدون لرواياتهم وسردهم الذيوع والانتشار واصطياد القراء الجادين. * كان ضمن اهتمامك في دراساتك النقدية على الإبداع النسائي، فهل تجد فرقاً بين ما يقدمه الإبداع الأنثوي عن الإبداع الذكوري، أم أنه يمثل عطاءً واحداً؟ * هذا الأمر تكلمت عنه كثيرًا في كتاب نص المرأة ولا حاجة بي الآن إلى إعادته في هذا الحيز الضيق، فهو موجود في الكتاب لمن أراد أن يتأمله. ولكن دعني أقول إن الإبداع النسائي، بعيداً عن الفصل العنصري بين ذكوري أو أنثوي اليوم بات حاضراً وبقوة، وقدم ويقدم منتجاً في الفنون الأدبية بكل أشكالها، عبرت عن واقع المرأة السعودية وما تعيشه، وحاجاتها الإنسانية والمجتمعية، ليصبح لدينا عبر هذه الغزارة مساحة واسعة للدراسات التي حان لها أن تعمل، بالذات في المجال السسيولوجي والسيكيولوجي للعمل على فهم الواقع الاجتماعي الذي نعيش، حيث أنني على ثقة بأن الكتابة الإبداعية قادرة على كشف كثير من الجوانب الخفية التي قد لا يكشفها كتاب التاريخ وغيرهم من الراصدين للحراك الاجتماعي في بلادنا. * ماذا عن مشروعاتكم المقبلة بعد كتابكم الأخير؟ * أتوقع أن لدي مشروعين مهمين؛ الأول: إتمام كتاب قراءات عجلى، وهو كتابٌ يضم الكتابات التي قدمتها في صحيفة الجزيرة عن عددٍ من المبدعين والجهود الإبداعية، والثاني: وهو الأهم لدي وهو إنجاز كتاب الوالد -رحمه الله- الذي سيصدر -إن شاء الله- بعنوان معالي والدي الحبيب.