المناسبات تعد علامات تنبهنا أن الأيام تمر ، والعمر يطوى ، ولو كانت الحياة رتيبة لما تنبه لها أحد. فنهاية السنة بداية سنة أخرى ، و العمر ينتهي مع تعاقب الجديدين الليل والنهار . ومع إحساسنا بذلك إلا أننا قد لا نعبر عنه ، لكن الشاعر بما أوتي من موهبة يعبر عن ظاهرة السرعة في مثل هذا التعاقب ، وتعبيره نابع من استشعاره بأنه يحمل رسالة وعليه أن يوصل مضامينها للمتلقي ، ولو كان تعاقب الأيام لا يحتاج إلى وقفة لما سارع الشعراء إلى التنبيه بأبيات فيها تحسرا على ما مضى وحثا على اغتنام ما بقي ، وعدم التفريط في الفرص . وتتعدى مقاصد الشعراء في أبياتهم مرحلة التنافس في لغة وظهور أو تسابق لشهرة ، لتتبلور في حب الخير للمتلقي والتأكيد عليه بأن يكون له مع دورة الأيام تفكير رشيد وعقل يدله بعد هداية الله على استثمار الوقت ، فإن خسر الأمس فعليه أن لا يتبعه بخسارة الغد ، بل يأخذ من هذه التنبيهات شمعة استرشاد وإضاءة. الشعراء إذا ينطلقون في حضورهم الشعري من الإحساس بالمسؤولية ، و يأتي تفاعلهم من إدراكهم أنهم مؤثرون حتى ولو ببيت شعر واحد. يقول الشاعر راشد الخلاوي: نعد الليالي والليالي تعدنا والعمر يفنى والليالي بزايد ويقول الشاعر سعيد العلياني : ياسرعها سرعاه دورات الايام العام كنّه شهر واليوم ساعة اعمارنا في نقص عام بعد عام وتزيدنا سود الليالي بشاعة تلبّس الصادق من الوهم هندام وتلبّس الكاذب ثياب القناعة وتقول للصاحي ترا الوعد قدام وتقول للمجنون سمعاً وطاعة ويقول الشاعر فهد بن إبراهيم المفرج : ياعام يا ما بك من الزين والشين ياما ضحكنا بك و يا ما بكينا وياما فقدنا بك حبايب وغالين وخذنا العزا فيهم ولو ما سلينا وداع يا عام ٍ مضت قبلك سنين استر على اللي شفت منا وفينا ليتك تودعنا وداع المحبين وتشهد لنا باكر ما تشهد علينا ويقول الشاعر بدر الجميلي عن سرعة الأيام والشهور والأعوام معللا السرعة والطول بحسب المعاناة وإلا فالأيام هي الأيام : ياما طوينا ايام وشهور واعوام وياما فقدنا غالي مانسيناه وياما تعبنا لاجل تحقيق الاحلام وياما تركنا شخص ماقد جرحناه اصعب حقيقة غالب اعوامنا آلام كم جرح وسط قلوبنا ماشكيناه اعوام عدت مسرعة مثل الايام واعوام كم طالت بطول المعاناة كما يقول الشاعر بدر أيضا مشيرا لأهم ما يمكن أن يؤكد عليه مع دورة الأيام وهو بقاء صفاء النفوس واستمرار الصداقات ، والحرص على الوفاء: مع دورة الدنيا يقلون الأصحاب واليا صفى الصافي تريح فؤادي بقى بجنبي محزمي وقت الأنشاب وبقى معي راع الوفاء والمبادي ياكثرهم جازوا هل الطيب بغياب كيف اختفوا في وضع ماهوب عادي اللي من اول حاسب ٍ فيهم حساب بانت حقيقتهم وزان ابتعادي ويقول الشاعر فايز المنصوري : بين عامٍ يروح وبين عامٍ يجينا يالله انك تجملنا بحسن الختام يوم نرحل من الدنيا ويبكي علينا كل غال عزيز وكل راعي مقام ويقول الشاعر أحمد سعود الحمد : انطوى عام واقبل عام توه جديد والمسافة مابين شهورها شاسعة يالله انك توفقنا بحظٍ سعيد ياكريم العطاء والرحمة الواسعة ويقول الشاعر فهد الشبلي: علم اللي كل واحد ما يشوف الثاني ما تفيد العيشة اللي ماوراها جمعة يابنادم لو يطول العمر عمرك فاني كل عام يمر تطفي من سنينك شمعة لو تدورني بعد مدة ولا تلقاني وش يفيدك بعد موتي لو تهل الدمعة؟ وان رحلنا ياعسانا نفوز بالأحساني ويا عسانا ما نخلي غير طيب السمعة ويقول الشاعر أحمد البلادي: الحياة دروس والدنيا تجارب والبشر طلاب داخل مدرستها والليالي ماصفت فيها المشارب كيف تصفى والهموم مكدرتها والبشر هذا الزمن مثل العقارب لو يدينك في مخابيك لدغتها