عملت مؤخراً في عدة مهام لدى جهات مختلفة، ومما لاحظته السرعة في اتخاذ القرارات والرغبة في تحقيق إنجازات سريعة فيما يسمى Quick Wins، ولا شك أن السرعة مهمة في عصرنا الحالي استجابة للتغيرات البيئية السريعة في النواحي التقنية والتنظيمية والاقتصادية والعالمية، ومطلب السرعة هو أكثر إلحاحاً في المملكة بسبب التسارع الكبير لتنفيذ مبادرات رؤية 2030 وتحقيق مستهدفاتها، ومع أن الإعلان عن الإنجازات السريعة والاحتفال بها والإشادة بمن ورائها هو تكتيك وأسلوب مهم في إدارة التغيير كونه يعطي موثوقية في التغيير ويقلل معارضته، إلا أن هناك عدة محاذير ينبغي تجنبها ومن ذلك ما يلي: 1) الاهتمام بالكفاءة (Efficiency) ممثلة بتقليص وقت تنفيذ المهمة على حساب الفعالية (Effectiveness) وكم من رحلة انتهت في وقت قصير ولكنها لم تحقق الهدف المنشود ولم تصل لمحطة الوصول المقصودة، وكان من نتاج ذلك إعادة الجهد وما يرتبط به من تكلفة وتأخر ويا ليت الأمر اقتصر على ذلك بل أدت السرعة غير المخططة في العديد من الأحيان لأخطاء استغرقت معالجتها جهداً ووقتاً طويلاً فاقت خسائرها ما كان يُظُن أنه تم إنجازه. 2) التغييرات المرتبطة بثقافات الناس تحتاج إلى وقت طويل لترسخ وتصل للجذور، والفرح بتحقيق بعض المستهدفات المرتبطة بمؤشرات اجتماعية كالعادات والتقاليد والقيم قد يكون سابقاً لأوانه، وكم من نجاحات تم الإعلان عنها وفرحنا بها ولكن التغيرات الاجتماعية لم تدم وتستمر وتركها الناس لأنها لامست القشور فالتزموا بها بسبب متطلبات النظام وقوة القانون لا بسبب تغير القناعات والمبادئ والاتجاهات. 3) التراخي وعدم الإحساس بالحاجة لتحقيق مزيد من الإنجازات هو محذور آخر ينبغي مراعاته، فبعض الناس يشعر بالرضا بالوضع الحالي مع كثرة الاحتفال بالإنجازات، بينما يُفترض أن يُستخدم الإعلان عن الإنجازات كمحفز وقوة دافعة لتحقيق مزيد من الإنجازات المتراكمة التي تتفق ومراحل التغير وتنفيذ المبادرة. 4) المحذور الأخير وهو ما أراه حالياً أكثر شيوعاً هو الإعلان عن تحقيق أهداف بسيطة وسهلة وتضخيمها رغبة من متخذ القرار وصاحب الصلاحية في إشباع غروره وتعزيز قناعته المبالغة بذاته وقدراته أو رغبته في إعطاء انطباع جيد عنه طمعاً في استمراره في منصبه أو ترقيته لمنصب أعلى، وهذا محذور لا يتفق مع معيار التحدي في وضع الأهداف وكما قال السيد بينوروتي "الخطر الأكبر هو ليس في أننا نضع أهدافاً عالية ولا نحققها بل في وضع أهداف سهلة ونحققها".